رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد ندا: على الكاتب ألا ينساق وراء الذائقة الرائجة.. و«بيت من لحم» حفزتني للكتابة

محمد ندا
محمد ندا

سبق للروائي الشاب محمد عبد الله ندا، خوض تجربة كتابة السيناريو، حيث ساهم في ابتكار فكرة فيلم "الغسالة" إلى جانب السيناريست عادل صليب. ومؤخرًا أصدر ندا، الصحفي في مؤسسة الأهرام روايته الأولى "هانا سيندا.. سيرة الملك غيرزان" عن دار روافد للنشر، وهي الرواية التي يشارك بها في الدورة الـ52 من معرض القاهرة الدولي للكتاب.

"الدستور" التقت الروائي الشاب، وحاورته حول إقامة معرض القاهرة الدولي للكتاب في هذا التوقيت، وفي ظل جائحة كورونا، وسألته عن الرواية التاريخية وانتشارها في الآونة الأخيرة. وهل تعاني الساحة الثقافية من أزمة في النقد، وغيرها من القضايا الراهنة التي تهم الوسط الثقافي.. فإلى نص الحوار:

ــ كيف ترى قرار إقامة معرض الكتاب خاصة في ظل ظروف جائحة كورونا العالمية، وهل ألقت الجائحة بظلالها علي الكتابة ؟

أعتقد أن القراء أنفسهم كانوا بحاجة إلى  المعرض بنفس الرغبة التي كانت موجودة عند الناشرين والكتاب بسبب العزلة التى فرضت على العالم كله لذا فإن الجميع كان بحاجة إلى هذا  المعرض بجانب أن الصناعة نفسها كانت قد بدأت بشكل ما في الانحسار بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الجميع.

ــ تجربتك الروائية الأولي "هانا سيندا"، تدور في أجواء غرائبية. في رأيك لماذا شهدت الروايات العجائبية انتشارا في الفترة الأخيرة؟

ربما هو الهروب من الواقع الكئيب سواء على مستوى الكتابة نفسها أو رغبة المتلقي في الذهاب بعيدا عن الواقع الذي يراه أمام عينه في كل لحظة. وأعتقد أيضا أننا في عصر كعصرنا أصبحت هموم المواطن في أي مكان في العالم هموم مشتركة فالجميع على علم بكل شئ لحظة حدوثه لذا قد يرى القارئ والكاتب أن الشكل الأدبي " العجائبي" فرصة للابتعاد عن الكآبة المحيطة بنا.

ــ ما رأيك في "موضات" القراءة والكتابة، بمعني في فترة ما سادت وانتشرت روايات الرعب، وفي فترة لاحقة ظهرت الروايات التاريخية بكثافة، هل توقفت عند هذه الظاهرة وكيف تحللها ؟

يقال في المثل الشعبي كل وقت وله آذان، فصعود وهبوط أي نوع من أنواع العمل الأدبي يعبر عن الذائقة الرائجة للقراء المهم في هكذا وضع أن لا ينساق الكاتب لهذه المواقف وأن لا يكتب سوى ما يعبر عنه ليبقى ما يكتبه أصيلا وجميلا.

ــ خلال العقد الأخير شهدت الساحة الثقافية ظهور العشرات من الكتاب وخاصة في فن الرواية. كيف تري الأمر وتحلله ؟

أعتقد أن هذا أمر صحي ومفيد للساحة الثقافية والأدبية. فغزارة الإنتاج الأدبي هذه ستنعكس فيما بعد على ثقافة شعبية واسعة وبعد وقت قليل سيكمل فقط أصحاب الأعمال الأصيلة. أما سبب هذا الظهور الكثيف فيعود إلى ازدياد أعداد دور النشر في مصر بل وفي الوطن العربي كله فأصبح السوق مفتوحا لأقلام أخرى لم تكن لترى النور لولا هذا الانفتاح الكبير.

ــ لمن يقرأ محمد ندا ولا يفوت عمل له ؟

ليس لدي تفضيلات بعينها لكن أحب أن أكون منفتحا على جميع التجارب فمثلا أعمال الكاتب والصديق أحمد الفخراني مثل "ماندورلا" و"عائلة جادو" من أفضل ما قرأت أيضا أكون مستمعا جدا عندما أقرأ لصديق العمر الكاتب أحمد مجدي همام خاصة في عمليه "أوجاع ابن آوى" و"الوصفة رقم سبعة"، أيضا أعمال للكاتب نائل الطوخي كنساء الكارنتينا ومحمد عبد النبي في رجوع الشيخ تشعرني بسعادة بالغة. وهناك بالطبع الأساتذة الكبار الذين نتعلم منهم كل مرة مثل يوسف السباعي  ويوسف إدريس وأستاذنا وأستاذ الجميع الكبير نجيب محفوظ، كما أني دائما استشير أستاذي الكاتب الكبير محمد سلماوى الذي تعملت على يده الكثير في العمل الصحفي والأدبي.

ــ ما هو كتابك المفضل؟ ولماذا؟

كتاب "الجبتانا.. أسفار التكوين المصرية" وربما السبب لما يحويه من أسطرة لفكرة تكوين مصر في تاريخ ضارب في القدم فأنا وبشكل شخصي مشغول جدا وبشكل كبير بهذه الحقبة في عمر الأرض.

ـ ما هو أول كتاب شعجك على الكتابة؟

كنت في سن مبكرة جدا قد قرأت مجموعة بيت من لحم ليوسف إدريس وأغرمت كثيرا بقدرة أستاذ إدريس على الوصف والسرد دون ملل أو خروج عن الموقف ساعتها شعرت بغيرة شديدة من هذه القدرة وتمنيت ولازلت أتمنى أن أمتلك بعضا من هذه القدرة .

ــ ما أقرب بيت شعر إلى قلبك وهل ينطبق على موقف من حياتك؟

بيت شعر لشاعر أندلسي اسمه ابن الزقاق يقول فيه "فمن مر بي فليمض بي مترحما ولا يك منسيا وفاء الأصادق". أما الموقف فله علاقة بأبي رحمه الله الأستاذ عبدالله ندا مدرس اللغة العربية الذي كلما أتت سيرته ترحم الجميع عليه.

ــ ما أغرب موقف قابلته في الوسط الثقافي؟

في الحقيقة عدة مواقف لكن كان أغربها دائما عندما يطلب الناشرون أموالا من الكتاب فهذه المعضلة تخرجني عن شعوري تماما.

ــ من هو أقرب أبطال روايتك "هانا سيندا".. وما قصته ولماذا؟

القائد "جامار" الذي تتطور شخصيته على مدار طول الرواية وعرضها فنتعرف عليه شابا صغيرا ونبقى معه حتى يصبح كهلا خبيرا مهزوما لا يبحث فقط عن الانتفام بل يبحث أيضا عن معنى لحياته بعد الفقد الكثير الذي يحدث له.

ــ هل تذكر أول شيء كتبته في حياتك؟.. وما هو؟

بالطبع أتذكر قصة قصيرة اسمها "وظل النهر يجري" كنت في السنة الدراسية الأولى في الجامعة وفد نشرت هذه القصة فيما بعد في مجلة "كلمتنا" .

ــ هل هناك شخصية في فيلم مفضله لك؟ ولماذا؟

"آرثر دنت" في فيلم دليل المسافر عبر المجرات. والفيلم عن رواية بنفس الاسم للروائي الإنجليزي دوجلاس آدامز ربما هي الشخصية المفضلة بالنسبة لي بسبب صراع "آرثر" مع الروتين اليومي  الذي فرضته ظروف العصر الحديث على البشر .

ــ هل لك موقف مع كاتب أو فنان كبير تذكره دائما؟ ما هو؟

في الحقيقة مواقف كثيرة فأنا مثلا  سيء جدا في تذكر الوجوه فكلما  قابلت أحدا أتذكر وجهه بصعوبة حدث هذا مع الفنانة منى عبد الغني والفنانة بوسي.

أما الموقف الذي لا أنساه فهو مع الكاتب الكبير الأستاذ محمد سلماوي الذي طلب مني عمل الإخراج الفني لإحدي مجلات اتحاد الكتاب وفي اليوم المحدد الذي ذهبت إليه لأريه البروفات اكتشفت بعد وصولي إليه أني نسيت البروفات في منزلي وفي الحقيقة الأستاذ سلماوى خفيف الظل جدا ضحك كثيرا عندما أخبرته أني نسيت وقال لي أنت لست صحفيا أنت "تنفع تبيع طرشي".

ــ ما هي القصة التي تحلم بكتابتها يومًا ما؟

هناك الكثير من الأسئلة التي تضج بها رأسي وأتمنى أن أجد لها إجابة في أي من كتاباتي خاصة في مسألة الشك، وأنا أتعجب كثيرا عندما أرى البعض يتحدثون بثقة كبيرة عن أمر ما وأنهم يعرفون كل شيء حق المعرفة ولا أفهم كيف لا يشكون ولو لبضع ثوان أنهم ربما على خطأ.

ــ لو معك تذكرتان سينما من تدعوه من شخصيات تاريخية؟

سمير غانم.

ــ هل تؤمن بالسحر أو الأعمال؟ وهل مررت بموقف شبيه؟

في الحقيقة ليس لي دراية بهذه الأشياء ولا أعتقد أن لها قوة أو تأثير على حياة الناس ولم أمر بها على الإطلاق.

ــ إذا كتب قصة من سطر واحد عن الموت كيف ستكون؟

"لقد حاولت بكل ما أملك من قوة لكي أستعد للرحلة الجديدة".

ــ هل تعترف بقاعدة "أكتب عما تعرفه" أم أن المبدع من حقه خوض آفاق تجريبية حتي لو لم يعرفها؟

بالطبع من حق المبدع أن يكون قيد التجريب طوال الوقت وأن لا يحرم نفسه هو شخصيا من متعة المرة الأولى من كل شئ فربما لديه ميزة ما لن تظهر إلا إذا قام بتجربة كتابة جديدة.

ــ بين الكتاب الورقي والإلكتروني أيهما الأقرب إليك ولماذا؟ وهل الكتاب الورقي في طريقه للزوال؟

بالطبع الورقي هو الأفضل لي فجيلي تربى عليه. ورغم أن هذا الجيل هو الحلقة الوسطى بين الورقي والإلكتروني وأنه ربما الإلكتروني قد نما وانتشر على أيدينا لكن أعتقد أن متعة إمساك الكتاب بين الأنامل وطي الصفحات الواحدة تلو الأخرى لن تضاهيها متعة أخرى ولا أعتقد أن الكتاب الورقي سيزول ربما يتقلص انتشاره في المستقبل لكن سيبقى لمدة طويلة جدا .

ــ هل عانيت صعوبات في أول طريقك مع النشر ؟

نعم عانيت لمدة عامين تقريبا في مسألة النشر فبالرغم من اتساع فرص النشر مع انتشار عدد جديد من دور النشر إلا أن المسألة لم تكن سهلة على الإطلاق والغريب في الأمر أن أحدا لم يرفض العمل بسبب ردائته مثلا أو بسبب أنه غير مناسب لفكر الدار بل بالعكس دائما ما كنت أسمع إشادات كبيرة من الجميع عن الرواية ولكن دائما يقال لي إن هذا هو عملك الأول فأنت عير معروف بالنسبة للقراء وأن هذه مخاطرة للدار بل أن إحدى دور النشر كان ردها علي أن ما كتبت غريب عن الأدب العربي ورغم جودته لا نستطيع أن نغامر به خاصة أنك اسمك غير معروف في الوسط الأدبي حتى تلقفتني دار "روافد" على يد ناشرها الشاعر إسلام عبدالمعطى والذي لم يتأخر في أخذ القرار بالنشر بعد قراءة النص من لجنة القراءة اتخذوا قرارا بالإجماع بسرعة النشر لدرجة أني شككت بأنه هناك خطأ ما لكن ما قاله لي إسلام كان مشجعا جدا وحماسي للغاية وها هي الرواية بين يد رواد المعرض كما وعدني بالضبط .

ــ عديد من الأعمال الأدبية تحولت إلى الدراما المرئية كيف ترى الأمر، وهل تحويل الخيال المقروء إلى مشاهد مرئية يضيف أم يضر بالعمل الأدبي ولماذا ؟

هذا أمر شائك قليلا ويعتمد على تناول مخرج العمل الدرامي ومدى معرفته بعالم الأدب وعالم الصناعة نفسها، بالطبع هو أمر رائع أن يتحول الأدب المكتوب إلى مرئي لكن يجب على من يقوم بهذا الأمر أن يكون على دراية عالية بتحويل النص الأدبي إلى سينما أو دراما وأن يتقبل الكاتب نفسه بعض التحولات في نصه ليناسب الشكل المرئي الجديد، في هذه الحالة وبهكذا شروط سيكون هذا الأمر إضافة كبيرة للعمل الأدبي.

ــ ما رأيك في "جروبات" القراءة وهل تضيف إلى الحراك الثقافي أم هي فقاعة صنعتها السوشيال ميديا؟

أعتقد أنها مفيدة في انتشار فكرة القراءة نفسها وأعتقد أيضا ربما ستساعد في الحراك الثقافي مستقبلا لكن بعد أن ترقي نفسها بنفسها. لا أعتقد أنها ستتوقف عند الخطوة الحالية مجرد جروبات على السوشيال ميديا ستتطور وستنمو فيما بعد ربما تصبح منصات خاصة بها ربما ستتحرك على أرض الواقع في صورة مقاهي ثقافية مثلا لكن الأكيد أنها مفيدة جدا في مسألة انتشار ثقافة القراءة جدا وهو الأمر الملح على بلد مثل مصر تتحول إلى شكل جديد وعصري متطور.

ــ هل تصنع ورش الكتابة الأدبية كاتبا حقيقيا أم أنها مجرد ظاهرة من ظواهر الحياة الثقافية التي تظهر وتختفي بين الحين والآخر؟

أنا لم أحضر أي ورشة من هذه الورش من قبل لكني أعرف بعض الكتاب الذين تخرجوا منها وكتاباتهم جيدة جدا لكن لا أعتقد أن ألف ورشة كتابة سنتنج كاتبا ليست لديه المقومات الرئيسية لكاتب أدب.

هانا لوسيندا
هانا لوسيندا