رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حاتم الجوهرى: الماركسية والليبرالية وجهان لعملة واحدة

دكتور حاتم الجوهري
دكتور حاتم الجوهري خلال الندوة

قال الدكتور حاتم الجوهري، المشرف على المركز العلمي للترجمة بالهيئة العامة للكتاب، وأستاذ النقد الأدبي والدراسات العبرية المنتدب بالجامعات المصرية، إن الفلسفة الأوربية قامت علي فكرة المادية المطلقة٬ فقد كان لدى الأوروبيين عقدة من فكرة القيم المطلقة المرتبطة بالكنيسة ومرحلة البروتستانتية وصعودهما٬ لذا كان من الضروري اختراع الصراع المفتعل بين الماركسية والليبرالية٬ بينما في الحقيقة الماركسية والليبرالية هما وجهان لعملة واحدة٬ فالماركسية والليبرالية يشكلان الفلسفة المادية.

وتابع الدكتور حاتم الجوهري، خلال اللقاء الذي نظمه الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية٬ لتوقيع ومناقشة كتابيه: "العودة للذات.. تفكك صورة العربي كشريك في الأدب الصهيوني"٬ والصادر حديثًا عن دار ميتًا بوك٬ وكتابه الثاني الصادر عن دار خطوط وظلال الأردنية تحت عنوان "الصمود.. الصورة غير النمطية للعربي في الأدب الصهيوني": الذات العربية في مشروعها تطالب بفكر القيم مرة أخري كالعدالة والحرية٬ ونحن فيما يخص المشاريع الثقافية في العالم العربي لدينا استعداد في ظل المتغيرات الراهنة كصفقة القون وجائحة كورونا وسد النهضة أن نتحول إلي ما بعد المسألة الأوروبية٬ والتي تعني ظهور نماذج ثقافية وإنسانية جديدة. فالنماذج الثقافية والإنسانية لا تظهر من الفراغ٬ بل تظهر من محكات ومتغيرات.

وأردف حاتم الجوهري: في فترات الضعف تلك تظهر صورة "الذات العربية" مهتزة غير واضحة٬ وربما تفتقد من خلال اهتزاز صورة الذات تلك لعوامل الثقة في النفس٬ والثدرة علي الصمود والمقاومة في وجه التحديات وضغوط فترات الضعف الحضاري أمام "الآخر" الصهيوني أو الغربي٬ ويصبح المتخيل المشترك الموروث عن الذات ومسارها عند تلك الأمة أو الجماعة من الناس٬ مصدر ضعف بدلا من أن يكون مصدر قوة ودفع واستنهاض.    

هنا يجوز في دراسات "التدافع الحضاري" وفي محاولة البحث عن الحقيقة واستعادة "الذات"٬ أن ننظر فيما يقوله عنك ذلك الآخر الحضاري الذي يدعي التفوق والتعالي والهيمنة٬ وهكذا يتخيل بعض المنتمين لتلك الذات التي تمر بحالة الضعف الحضاري٬ وعليك أن تنظر أو تعيد النظر في حفريات المعرفة التي تبدو عادية ومهملة ونمطية٬ ربما نجد فيها بعض الحق الذي يحاول البعض أن ينساه أو يتنساه٬ أو يغض النظر عنه ويتجاهله.

وأوضح "الجوهري": من هنا تأتي هذه الدراسة "الصمود: الصورة غير النمطية للعربي في الأدب الصهيوني بحثًا عما يقوله عن الذات العربية٬ وهل نحن بالفعل في حالة الانسحاق الحضاري التام في مواجهته كما يريد البعض أن يشيع حالة من الاستلاب والهزيمة لذلك الآخر باستمرار؟ وصلت حالة الانسحاق تلك لذروتها مع مشروع صفقة القرن قبل أن تسقط والرئيس الأمريكي السابق٬ التي لم تكن سوي تصفية صريحة للقضية الفلسطينية وتفريغها لها من كافة مطالبها وثوابتها.

ربما كانت هناك صورة نمطية للذات العربية في الفكر الصهيوني٬ الذي هو في حقيقة الأمر امتداد للحاضنة الأوروبية وصورة الإنسان الغربي الأبيض المتفوق أمام الشرق بتمثلاته المتعددة٬ كان الأدب الصهيوني في واقع الأمر يملك صورة نمطية تقليدية للذات العربية هي في المجمل صورة سلبية٬ تتفق وتواكب الدعاية الصهيونية وتيارها السائد عن تشويه العربي والتعالي الحضاري عليه٬ كمبرر لعملية السلب الوجودي التي تقوم بها الصهيونية له.

أما عن كتابه "العودة للذات" لفت "الجوهري إلى أنه: في ظل تأزم فرص التعايش بين الفلسطينيين والصهاينة في ظل انكسار صفقة القرن، يرصد الكتاب من خلال مجموعة من النماذج الشعرية أيضًا تفكك الصورة القديمة عند أدباء اليسار الصهيوني المزعوم، للعربي كشريك للتعايش، بل ويطرح الباحث مفارقة دالة من خلال عنوان الكتاب أشار لها في دراسته.

فرغم أن الدراسة في الأدب الصهيوني إلا أنه أشار إلى أن "العودة للذات" يقصد بها شعراء فلسطين ومثقفيها، الذين استقبلوا شعارات التقدمية والتعايش من اليسار الصهيوني في البداية، ثم سرعان ما أدركوا استحالة الجمع بين كل المتناقضات التي يقدمها المشروع الصهيوني، مثلما تفجرت واتسمت صورة العربي في النماذج الشعرية التي رصدها الباحث بالتحسر على الحال، واليأس من فكرة التعايش المشترك في النماذج الشعرية الصهيونية، نقيضا لصورة غير نمطية قديمة عن التعايش والوجود المشترك.
 
واختتم الدكتور حاتم الجوهري مؤكدًا: لا يعلم الكثيرون أن المشروع الصهيوني الذي ولد في أوربا في خضم القرن التاسع عشر٬ ينتمي في واقع الأمر لبنية الحداثة الأوروبية ولا ينتمي لبنية الرجعية الأوروبية واليمين العنصري أو الديني كما هو شائع عند البعض٬ فالصهيونية واقعيا هي مشروع يهود أوروبا لمواجهة "المسألة اليهودية" هناك٬ والصهيونية الحقيقية التي تحركت علي الأرض ووضعت المشروع قيد التنفيذ كانت علي يد العلمانيين اليهود٬ وتحديدًا أكثر لم يعطها الزخم الأكثر إلا يهود روسيا الماركسيون٬ والذين وضعوا للصهيونية نظرية حسبوها على الماركسية وسميت باسم "الصهيونية الماركسية"٬ قدمت تفسيرًا طبقيًا عماليًا لأزمة اليهود في أوروبا وعبر التاريخ٬ وقدمت الحل أيضًا في شكل عمالي ماركسي عن طريق احتلال فلسطين٬ فيما يمكن تسميته احتلالًا تقدميًا طبقيًا٬ سيقدم رؤية أيدولوجية لدولة صهيونية مزعومة ستجمع بين المستعمر اليهودي والمستعمر العربي٬ وتقيم بنية طبقية ترفع فيها وعي البدو العرب ليقبلوا مشروع الحداثة الماركسية الأوروبية في طبعته المرسلة للمنطقة العربية، ذلك كان لب المدينة الفاضلة أو اليوتوبيا الصهيونية المتخيلة٬ عن دولة احتلال فير عنصري وتعايش مشترك٬ أساسها الفرز الطبقي٬ تجمع العرب الفلسطينيين واليهود الأوروبييين وغيرهم فيما بعد٬ في دولة مشتركة ويعيشوا في سلام ووئام تحت مظلة دولة اليوتوبيا الماركسية الصهيونية المزعومة.      

دكتور حاتم الجوهري خلال الندوة
دكتور حاتم الجوهري خلال الندوة
دكتور حاتم الجوهري خلال الندوة
دكتور حاتم الجوهري خلال الندوة
دكتور حاتم الجوهري خلال الندوة
دكتور حاتم الجوهري خلال الندوة
دكتور حاتم الجوهري خلال الندوة
دكتور حاتم الجوهري خلال الندوة
دكتور حاتم الجوهري خلال الندوة
دكتور حاتم الجوهري خلال الندوة
دكتور حاتم الجوهري خلال الندوة
دكتور حاتم الجوهري خلال الندوة
دكتور حاتم الجوهري خلال الندوة
دكتور حاتم الجوهري خلال الندوة