رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشيخ شلتوت يجيب.. أين تكون الخلائق عندما تبدل الأرض؟

الشيخ شلتوت
الشيخ شلتوت

ورد سؤال إلى الشيخ محمود شلتوت، شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله، يقول: قال الله تعالى في كتابه: “يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات” فأين تكون الخلائق عندما تبدل هذه الأرض، فأجاب قاِئًلا: “من سنة القرآن الكريم في كثير من آياته التي يذكر فيها وعيد المجرمين المستكبرين عن قبول الحق بالذي أعد لهم في الدار الآخرة، أن يعرض للأحداث الكونية التي تنتهى بها هذه الحياة الدنيا، والتي تكون بأهوالها وجسامة أمرها نذيرًا بقرب العذاب وشدته، فوق ما تحدثه في النفوس من الخوف والهلع والاضطراب”.

واستدل بقول الله تعالى: “يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم. يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكاري وما هم بسكاري ولكن عذاب الله شديد”، ويقول: “إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها”، ويقول: “ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا”، وبالنسبة للأجرام السماوية: “وإذا السماء انفطرت، وإذا الكواكب انتثرت”، وقوله: “وإذا الشمس كورت، وإذا النجوم انكدرت”.

وأضاف الشيخ شلتوت: “وهكذا يصور لنا القرآن خراب هذا العالم الذي تعقبه الحياة الآخرة وفيها ينال المجرمون ما أعد لهم من عقاب، ومن هذا التصوير يملأ النفوس هلعًا، ويبرز لهم مظاهر الانحلال الكوني”، قوله تعالى في وعيد الظالمين “ولا تحسبن الله غافلًا عما يعمل الظالمون”، ثم يصف حيرتهم في يوم العذاب ويذكره بخواصه الهائلة وعلاماته المفزعة، وأحداثه المزلزلة فيقول: “يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار” .


وأشار إلى أن تبديل الأرض والسموات المذكورة في هذه الآية هو إجمال لعين الأحداث التي ذكرت مفصلة في الآيات الأخرى والتي ينحل بها هذا العالم، وتنفصم روابطه، ويبدأ العالم الآخر نشأة أخرى تقام فيها الموازين، ويجرى في ظلها حساب العباد.


وتابع أنه “ليس إفناء مطلقًا لذات الأرض وذات السماء بحيث لا يكون هناك أرض ولا سماء، وليس إزالة الأرض وسماء وبسماء، وإنما هو تغيير لصفات الكون وأوضاعه التي عهدناها في حياتنا الدنيا، فالأرض كما قال ابن عباس ورواه أبو هريرة: هى الأرض بذاتها، وهى السموات بذاتها، ولكن الأرض تسير عنها جبالها، وتفجر بحارها، وتسوى هضابها، وتضطرب فتخرج أثقالها، والسماء تنفطر، والشمس تكور، والنجوم تنكدر، وهذا هو ما يدل عليه القرآن ويستفاد من آياته الكريمة، وهو الذي ينبغى الوقوف عنده، ولا يصح في هذه المغيبات إلا أن تتبع الوارد القطعى فيها، فليس في القرآن ما يدل على فناء ذات الأرض والسموات، وليس في القرآن ما يدل على خلق أرض أخرى من مادة غير مادة الأرض المعروفة وكذلك السموات، والآيات كلها ماطقة بتغيير الأوصاف والأوضاع فقط”.

وأكد أنه “على فرض أن في القرآن ما يشير إلى الإفناء الكلى لأرضنا وسمائنا فليس فيه ما يدل على حقيقة ما يتخذ بدلا منها، وكذلك الحديث عن حقيقة ما تكون فيه الخلائق يومئذ، هو حديث عن الغيب الذي لا يعلم حقيقته إلا الله، مدبر الدنيا ومنشؤها، ومدبر الآخرة ومنشؤها، وما علينا إلا أن نؤمن بالانقلاب الكوني على القدر الذي تصف الآيات وبالجمع والحساب والجزاء وهذا هو كل ما ينبغى أن يعنى به المؤمنون”.
 

2017_10_19_2_53_19_774
2017_10_19_2_53_19_774