رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء: «مشروع القرار التونسى» يهدف لفض نزاع سد النهضة سلميا

سد النهضة
سد النهضة

أكد عدد من الخبراء فى القانون الدولى أن مشروع القرار التونسى فى مجلس الأمن الدولى بشأن سد النهضة يهدف لإلزام إثيوبيا بالعودة السريعة إلى المفاوضات والتوقف عن اتخاذ قرارات أحادية بشأن الملء الثانى لبحيرة السد، مشيرين إلى أن تقدم تونس بهذا المشروع يأتى فى ظل العلاقة القوية التى تربط بينها وبين القاهرة، على مدار التاريخ.

وقال حازم القصورى، الخبير التونسى فى القانون الدولى: «أعتقد أن المقترح التونسى يصب فى إطار الباب السادس من ميثاق الأمم المتحدة، الذى يهدف بالأساس إلى فض النزاع بالطرق السلمية، مع دعوة إثيوبيا لوقف ملء سد النهضة، وهذا أمر فى صميم حماية الأمن والسلم الدوليين».

وأضاف: «من واجب الجمهورية التونسية أن تنتهج هذا الطريق، باعتبار أن الأمن القومى المصرى هو فى صميم الأمن القومى التونسى، استنادًا للعلاقات التاريخية بين البلدين زمن السلم والحرب، إضافة إلى ثوابت تونس فى إطار الدفاع العربى المشترك، فما بالنا اليوم وتونس لها مقعد فى مجلس الأمن؟».

وواصل: «تونس ومصر المحروسة دعاة سلام، ونحن نطرق باب التفاوض وفق القانون الدولى والمواثيق الدولية ذات الصلة، وفى هذا تغليب لصوت العقل والخيار الدبلوماسى، والبلدان يعملان على مواصلة التنسيق الدبلوماسى وتقوية ذلك، عربيًا وإقليميًا ودوليًا مع الحلفاء والشركاء، والاستعداد جيدًا لجميع الخيارات المتاحة وفق القانون الدولى، إذا ما انتهكت سيادتنا فى المياه، وهذا يفرض توسيع التنسيق، والتكامل بين تونس ومصر، ونحن نخوض حربًا حقيقية للدفاع عن شعوبنا وحقها فى البقاء، سواء فى مواجهة جائحة كورونا أو فى قضايا المياه».

وتابع: «من مصلحة مجلس الأمن، وتفعيلًا للباب السادس، دعوة إثيوبيا لوقف ملء سد النهضة، فى انتظار فتح باب التفاوض مجددًا، خاصة أن ما فعلته إثيوبيا ينذر بتهديد السلم والأمن الدوليين، الأمر الذى يدخل فى ولاية المجلس، لأن ذلك يشكل اعتداءً على مصر، ومطلوب من المجتمع الدولى أن يتحرك قبل فوات الأوان».

وأكمل: «وفقًا للقانون الدولى، وفى حالة عدم استجابة إثيوبيا لوقف ملء السد، فإنها تدخل فى إطار الباب السابع، وتفرض على مجلس الأمن التدخل حتى من خلال فرض حصار وعقوبات، وإن اقتضى الأمر يمكن الضغط المسلح والتدخل العسكرى، الذى يبقى خيارًا أخيرًا، دوليًا وعربيًا ومصريًا».

فيما قال حسان القبى، الباحث والمحاضر فى الاقتصاد السياسى بعدد من الجامعات الفرنسية: «تونس، العضو غير الدائم فى مجلس الأمن، تقدمت بمشروع القرار من أجل العودة السريعة للتفاوض بين الدول الثلاث، ومن ثم إلزام إثيوبيا بالتوقف عن الملء الثانى لسد النهضة، والتوقف عن اتخاذ قرارات أحادية فى هذا الملف، والمشروع يضمن حق إثيوبيا فى توليد الطاقة، لكنه يضمن أيضًا الحقوق المائية لكل من مصر والسودان».

وأضاف: «لطالما لعبت تونس دورًا محوريًا فى المحافل الدولية والإقليمية من خلال عضويتها غير الدائمة فى مجلس الأمن، وفى ستينيات القرن الماضى كانت هناك دول إفريقية فى مجلس الأمن لا تصوت إلا بعد أن ترى تصويت تونس لتحذو حذوها». وتابع: «خلال فترة حكم الحبيب بورقيبة كان هناك تعاون مصرى تونسى كبير، والعلاقات بين مصر وتونس قوية وتاريخية، ومن المؤكد أن الرئيسين المصرى عبدالفتاح السيسى والتونسى قيس سعيد تباحثا خلال زيارة الأخير القاهرة حول ما يمكن لتونس أن تقدمه للقاهرة حيال ملف سد النهضة، انطلاقًا من مقعدها غير الدائم فى مجلس الأمن».

وواصل: «أعتقد أن المشروع التونسى فى مجلس الأمن ليس وليد اللحظة، بل تم الاتفاق عليه بين الرئيسين خلال زيارة سعيد القاهرة، خاصة أن مصر تضع فى حسبانها كل السيناريوهات الممكنة من أجل حل أزمة سد النهضة».

وتابع: «تونس تحركت فورًا ودون أى تأخير، عقب إبلاغ وزير الرى الإثيوبى نظيره المصرى عن بداية الملء الثانى لسد النهضة، من أجل استصدار قرار دولى يُلزم إثيوبيا بالتوقف عن الملء الثانى والعودة للمفاوضات، وهى مفاوضات ستستمر على أقصى تقدير لمدة ستة أشهر من أجل التوصل لاتفاق نهائى وملزم، مع الإشارة إلى ضرورة عدم اتخاذ قرارات أحادية الجانب، لأن عدم إذعان إثيوبيا قد يجلب على المنطقة حالة من عدم الاستقرار فى المنطقة».

وأكمل: «أتوقع أن يصدر مجلس الأمن قرارًا بوقف الملء الثانى لسد النهضة من قبل الجانب الإثيوبى، خاصة مع الفيضانات الكثيرة التى تعرضت لها السودان مؤخرًا وتسببت فى خسارة العديد من الأرواح البشرية وتدمير البنى التحتية، وبمقدور تونس استصدار هذا الأمر».

أما باسل ترجمان، الخبير التونسى فى الشأن الإفريقى، فقال: «المشروع الذى تقدمت به تونس فى مجلس الأمن يعكس التوجه السياسى الرسمى للدولة التونسية، وللرئيس التونسى قيس سعيد، وقد امتثلت كل الجهات فى تونس لتقديم الدعم لمصر فى مسألة الملء الثانى لسد النهضة، خاصة أنها قضية استراتيجية».

وأضاف: «مشروع القرار التونسى يعبر عن عمق العلاقة بين الدولتين، وهو أمر ليس مفاجئًا ولا مستغربًا، لأن العلاقة بين البلدين تفرض هذا التصرف، فتونس دولة عربية وعضو غير دائم فى مجلس الأمن، وكان لزامًا عليها أن تستغل هذه العضوية لوقف الاعتداءات الإثيوبية على حق الشعبين المصرى والسودانى، لأنها حق البلدين فى المياه أمر غير قابل للنقاش».

وتابع: «إثيوبيا تحاول تصعيد الأمر نحو منحنى خطير، خاصة أنها لا تحترم المعاهدات والاتفاقيات السابقة، والقرار سوف يتم التصويت عليه من مجلس الأمن، وسيكون خطوة نحو تدويل القضية، ورسالة حازمة لإثيوبيا لأنها إذا رفضت وقف الملء الثانى والامتثال لقرارات مجلس الأمن ستكون هناك خطوات تصعيدية أخرى من المجلس، لأن ما تفعله يهدد الأمن والسلم الدوليين فى منطقة حوض النيل، وفى حالة عدم امتثال إثيوبيا، ستكون دولة معتدية، ووفقًا للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة سوف يتم فرض عقوبات عليها».