رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أرجو أن يبقى منه ما سيبقى مني بعد رحيلي».. قصة خلافات «الأبنودي» مع و«نجم»

عبد الرحمن الأبنودي
عبد الرحمن الأبنودي

اعترف الشاعر عبد الرحمن الأبنودي بأن الانطباع الذي أخذ عنه بأنه لا يحب إلا نفسه، قد تولد لدى البعض في أذهانهم، لأنه قد يحب أحيانًا أن يؤكد هذه الصورة التي يرسمها له أعداؤه، أما عن تعبير "عبد الرحمن الأحقودي" فقد أطلقه بعض أصحاب المواهب المبتورة، على الرغم من أنه نفسه قد أطلقه كيدًا لهم.

ونفى عن نفسه تهمة النرجسية، لكنه لا ينفي أنه أحيانًا قد يعلي من نبرة الذات جدًا، كي يضع حدودًا أمام المتطفلين الذين يتهمونه تهمًا أكثر من اللازم.

وقال إنه كان يشعر رفقة شعراء جيله بأنهم جوقة، كل منهم يعزف على آلته، لكي يخرجوا للناس لحنا يليق بشعراء كبار، وعن كرهه للشاعر أحمد فؤاد نجم قال: "فؤاد نجم بدأ حياته بالهجوم علي، وكل ما أقوله أنني أرجو أن يبقى منه ما سيبقى مني بعد رحيلي".

وحكي الأبنودي في حواره لجريدة الوفد 1991، عن شعوره بالاغتراب وهو داخل الوطن، وكان مرتين الأولى عندما التقى بالرئيس السادات قبل اتفاقية كامب ديفيد، ووقتها هاجت الدنيا وماجت، وقاطعه كل أصدقائه دون أن يسألوه سؤالًا واحدًا، رغم أنه كان أول من ألقى القبض عليه بحسب قانون العيب، أما المرة الثانية كانت عندما تزوج من الإعلامية نهال كمال، قال: «كف جرس التليفون في بيتي عن الرنين لمدة ستة أشهر على الأقل".

في هذه الفترة العصيبة من زواجه، أعاد "الأبنودي" ترتيب حياته، منتهزًا تلك الفرصة، خاصة بعدما تورطوا في سيرته وصوروه بمظهر الدنيء، الذي طمع في الفتاة الصغيرة الجميلة دون مراعاة لكبر سنه. 

مع قاعود 

التقى "قاعود" و"حجاب" و"الأبنودي" في رابطة الأدب الحديث، تحمس لهم "قاعود" ودعاهم لمجلة صباح الخير، فتعرفوا على صلاح جاهين الذي نشر لهم قصائدهم تحت باب يحرره بعنوان "شاعر جديد يعجبني".

 

رأى "قاعود" أن التجمعات الثقافية موضعًا لتخريب الفن، فيكثر فيها المُدّعين وأنصاف الموهوبين متوسطي القيمة، ويروج لكتاباتهم من قبل الشلل والنُقاد أصحاب المصلحة، فيقرأها النشء والصغار، فتُخرب عقولهم وأرواحهم؛ حسب جريدة العربي، 2001.

 

لم يجد شعر "قاعود" حفاوة كبيرة، أو ذيوعًا وانتشارًا بين الجمهور، إلا القليل، لقلة وتأخر ما نُشر منه، فصدر له أول ديوان في طبعة بدون رقم إيداع أو تاريخ صدور في عام 1967 بعنوان "الخروج من الظل"، احتوى على القصائد الأولى له المنشورة ما بين عام 1958و1969، ثم صدر ديوانه "الاعتراض" 1977 عن دار مدبولي، ثم أصدر له عبد السلام رضوان من دار الفكر المعاصر الديوان الثالث "المواويل" 1978، إلى وقت صدور أعماله الكاملة عن دار الأحمدي.

 

قبل رحيله (يناير 2006) بخمس سنوات، صرّح "قاعود" في حوار بجريدة العربي، بأن المنشور له يقل عما كتبه بنسبة 25 بالمائة، فهناك أعمال كتبها ورسمها "حجازي" تصل لـ5 دواوين، وعبّر عن حساسيته المرهفة التي تمنعه من عرض أعماله على أصحاب دور النشر، فكل ما نُشر له، لم يطلب نشره، لأنه إذا مُست كرامته لن يكتب، وإذا شعر بإهانة سيفقد الشعر أو سيكتب شعرًا رديئًا.

 

وحكى شاعر العامية الراحل، أن الفنان سيد مكاوي عاتبه: "يا فؤاد أنت مبتحبش الشهرة ليه؟ وتعتبرها حاجة غلط؟ فيرد: نحن نعيش على كوكب اسمه كوكب الأرض، وسيأتي يوم ينفجر فيه كما يقول العلم، وعندها سيكتب خبر صغير في صفحة داخلية في جريدة على كوكب بعيد، يقول: كان هناك كوكب على بعد كذا مليون سنة ضوئية وانفجر، ولن يقول أحد لا توفيق الحكيم ولا سيد مكاوي ولا غيرها.. إذن حكاية العراك من أجل المجد الشخصي والشهرة بتمجيد الذات حكاية زائفة، وأنا تربت على أن هذا عيب".

 

ربط شاعر العامية الراحل بين الرداءة والشهرة، فالشعر الرديء شاعره مشهور، والعكس، لذا انحاز للزهد، وابتعد عن تسويق نفسه وإبداعه، كي لا يفقد الصدق الفني، ويخون فكره وفنه، على حد قوله في حواره الصحفي لـ"العربي".

 

لم يضير "قاعود" التعتيم، أو قلة شهرته، بل كان سببًا في سعادته، فهو قابل ذلك التعتيم بالاحتقار؛ يقول: "ليس لدي أي مشاكل من أي نوع، ولست في حاجة لأحد، وتتوفر لدي أهم الأشياء في حياتي، الكتب والموسيقى، والذهاب للإسكندرية، والمشي في حي الزيتون، فأنا أحتقرهم وهم يعتمون علىّ ويتجاهلونني، وكلما زادوا في ذلك، أزيدهم احتقارًا، وهذه مساواة عادلة، أوافق عليها".

 

رؤية "قاعود" النقدية، في شعر وقيمة الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي، شائكة، غريبة ومفاجئة، فقال في حواره: بعد أن سمعت أول قصائده نصحته بالقراءة والبُعد عن جو "العوالم" والإخلاص للشعر وحده، لكنني خُدعت، فبعد أسبوع واحد فقط، نبهني الشاعر أمل دنقل إلى أن "الأبنودي" لن يتغير، هو كده من يومه، لكن الحقيقة هو كان يعرف طريقه جيدًا"، حسب حواره المنشور بجريدة الجيل، 1999.

وأضاف "قاعود": الشعر يهرب من المحافظ المنتفخة والسيارات الفارهة، و"الأبنودي" دونما حديث عن هذه النقطة له تاريخ معروف ومفتوح يكفي مثلًا قصيدة "حرب الخليج" التي خالف فيها الوجدان العربي بأكلمه بمقابل مادي ضخم "100 ألف يورو" عن هذه القصيدة، ثم هل تعرف أن أغنية"مصر يا أول نور في الدنيا" كانت أغنية أعدها "الأبنودي" لختان ابنة أحد أمراء الخليج واسمها "فاطمة"، ثم تحولت بقدرة قادر إلى أغنية لمصر، تذاع ليل نهار، وعموما معروف أن "الأبنودي" يتقاضى ربع مليون جنيه عن أغنيات عيد الشرطة. حسب جريدة "القاهرة" 2006.