رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وورلد بوليتيكس: الشراكة الاستراتيجية بين الهند وروسيا تزداد رسوخا

الهند وروسيا
الهند وروسيا

أكد محللون وسياسيون هنود أن على الرغم من صعوبة الظروف والتحديات وحدوث تغييرات جذرية بخريطة الجغرافية السياسية العالمية، تشهد الشراكة الاستراتيجية بين الهند وروسيا تناميا ورسوخا.

وبحسب دورية "وورلد بوليتيكس" الأمريكية، يرى هؤلاء أنه "رغم هذه الأوضاع الصعبة، إلا أنه مازال لدى الهند و روسيا الكثير الذي يمكن أن تقدمه كل منهما إلى الأخرى، لأنهما تتفقان في الرأي على أهمية دورهما في ضمان قيام نظام إقليمي متعدد الأقطاب".

ومع ذلك، استدركوا قائلين "إن هذه الاتجاهات يمكن أن تسبب اضطرابات للعلاقات الهندية الروسية التى تتأثر كثيرا بثلاثة محاور تتعلق بأوضاع العلاقات بين الهند والصين، والعلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، والعلاقات بين الولايات المتحدة والصين، وأنه ليس من المحتمل أن يطرأ تحسن على تلك العلاقات فى المستقبل القريب، بل وربما يتدهور بعضها بدرجة أكبر، مما قد يدفع الهند إلى توثيق علاقاتها مع الولايات المتحدة، وقد تسعى روسيا إلى توثيق علاقاتها مع الصين"، بحسب ما ذكرت الدورية الأمريكية.

ويقول المحلل الهندى أريامان باتنجار، المتخصص في شئون السياسة الخارجية والتحليلات السياسية والأمنية: "على الرغم من هذه الظروف الصعبة، إلا أنه يجب ألا تؤدى إلى التهور والتسرع لإلغاء الشراكة الوثيقة بين الهند وروسيا؛ لأنه رغم احتمال أن العلاقات الثنائية لم تعد تتسم بالعمق والدفء الذي كان خلال العهد السوفييتي، إلا أن هذه العلاقات مازالت مستقرة".

وأشار إلى أنه يتم إجراء حوار منتظم على أعلى المستويات، حيث قام وزيرا خارجية ودفاع الهند بزيارة روسيا خلال العام الماضي، بينما زار وزير الخارجية الروسى الهند خلال شهر أبريل الماضي لبحث المسائل ذات الاهتمام المشترك والتمهيد لعقد قمة بين الرئيس الروسي ورئيس الوزراء الهندي في وقت لاحق من العام الحالي، كما أن البلدين يواصلان مشاركتهما في منتديات متعددة الأطراف، مثل منتدى مجموعة "البريكس" ـ التي تضم في عضويتها البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا ـ ومنتدى "منظمة شنغهاى للتعاون"، وعلاوة على ذلك فإن روسيا تواصل دعمها لمساعي الهند لشغل مقعد دائم بمجلس الأمن الدولي، بالإضافة إلى الانضمام لمجموعة موردي المواد النووية.

وأوضح المحلل الهندى أريامان باتنجار، المتخصص في شئون السياسة الخارجية والتحليلات السياسية والأمنية، أن "موسكو تؤيد سياسات رئيس الوزراء الهندي في كشمير، بينما رفضت الهند توجيه انتقادات إلى روسيا بشأن تدخلها في أوكرانيا عام 2014، وفي الوقت الذي ربما تختلف فيه الدولتان بشأن أفغانستان، خاصة فيما يتعلق بالدور الباكستاني هناك وبشأن التعامل علانية مع حركة طالبان، فإن الهند وروسيا مازالت تتفقان بشأن الهدف الأوسع نطاقا وهو ضمان تحقيق الاستقرار في أفغانستان ومنع حركة طالبان من أن تكون القوة المهيمنة هناك".

 

ونقلت دورية "ورلد بوليتيكس" الأمريكية عن المحلل الهندي باتنجار قوله "إن العلاقات الأمنية مازالت تمثل حجر الأساس للعلاقات الثنائية، حيث تعتبر روسيا أكبر مورد أسلحة للهند، بنسبة تصل إلى 49% من واردات الدفاع الهندية، ومنذ عام 2016 باتت الهند أكبر متلقي للأسلحة الروسية".
ولفت إلى أن: "الشراكة الدفاعية الروسية الهندية تطورت أيضا، وتجاوزت حد العلاقة التجارية لتركز الآن على الإنتاج والأبحاث المشتركة، وتتعاون الدولتان في مجال تصنيع أحدث تكنولوجيا الدفاع، بما في ذلك تصنيع بنادق من طراز /إيه كي – 203/ وطائرات من طراز /إس يو- 30/ ودبابات من طراز /تي – 90/ وصواريخ من طراز /براهموس كروز/".

وأضاف أن "روسيا مازالت شريك الدفاع الوحيد للهند الذي يرغب المشاركة في التكنولوجيا الحساسة التي تمكن الهند من تصنيع غواصاتها الصاروخية النووية بنفسها، ويجب الأخذ في الاعتبار حقيقة أن الصادرات الدفاعية الروسية تجري بدون إشراف سياسي ـ وذلك على عكس ما يحدث بالنسبة للأسلحة الأمريكية التي تخضع بوجه عام لموافقة الكونجرس - ويمثل ذلك حافزا إضافيا بالنسبة للهند".

وتابع أن: "ثمة محرك هام للشراكة الهندية الروسية، حيث أثيرت مشاعر قلق في نيودلهي بشأن عواقب مواصلة توثيق الشراكة الأمنية مع الولايات المتحدة فقط، وتحرص روسيا بالمثل على تجنب الإفراط في الاعتماد على الصين؛ لأن ذلك من شأنه تخفيض مكانتها لوضع الشريك الأصغر، ولذلك فإنه مازال من المحتمل أن تستمر الهند وروسيا في العمل لتعزيز علاقاتهما الطيبة من أجل الحفاظ على تنوع شركائهما بالخارج، وهو تنوع صحي على الرغم من أنه ليس بالأمر السهل".

وأكد باتنجار أهمية دور الهند وروسيا في ضمان قيام نظام إقليمي متعدد الأقطاب.

وأوضح أنه على الرغم من مواصلة روسيا لمساعيها الرامية إلى توثيق العلاقات مع الصين، إلا أنها مازالت تشعر بالقلق إزاء تزايد التواجد الصيني فيما تعتبره بمجالات اهتمامها التقليدية مثل آسيا الوسطى، ولذلك سعت موسكو من أجل انضمام الهند لـ"منظمة شنغهاى للتعاون"، بالإضافة إلى تشجيع زيادة الاستثمارات الهندية في آسيا الوسطى والشرق الأقصى الروسي من أجل تحقيق حالة من التوازن، وذلك في الوقت الذي تحرص فيه الهند على أن تظل منطقة الاندو - باسفيك منطقة شاملة ولاتهيمن عليها الصين، وألا يتسبب الصراع الأمريكي الصيني في تخريبها تماما، ولذلك فإنها ترى ضرورة مشاركة روسيا في إطار العمل الخاص بهذه المنطقة لتصبح متعددة الأقطاب على نطاق أكبر.
واستشهد بقول وزير خارجية الهند هارش فاردان شرينجلا أثناء زيارته لموسكو خلال شهر فبراير الماضي أنه "يتعين أن يكون هناك عالم متعدد الأقطاب، ولا يمكن أن تكون آسيا متعددة الأقطاب بدون الهند وروسيا، وعلى الرغم من التغييرات الجذرية في المشهد الجيو ـ سياسي العالمي إلا أن شراكتنا تزاد قوة".
واستند المحلل باتنجار أيضا إلى قول رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودي في الفترة ذاتها "إن الحوار بين وزراء الخارجية والدفاع في البلدين (روسيا والهند) سيؤدي إلى إعطاء قوة دفع إضافية للشراكة الاستراتيجية بين الهند وروسيا" .
وأشارت دورية "وورلد بوليتيكس" الأمريكية إلى أن العامل الرئيسي للخلاف بين الهند وروسيا يتمثل في اختلاف وجهة نظرهما إزاء الصين والولايات المتحدة.
ونبهت إلى أن الهند تنظر إلى الصين على أنها تمثل أكبر تحد استراتيجي خارجي لها، وذلك فى أعقاب الاشتباكات الدامية التي وقعت على طول حدودها المتنازع عليها مع الصين خلال العام الماضي، وأن هناك حماسا كبيرا في نيودلهي لتوثيق الشراكة الأمنية مع واشنطن، وذلك في الوقت الذي تعتبر فيه الولايات المتحدة الهند شريكا لا غنى عنه في منطقة "الاندو – باسيفيك"، وقام الجانبان بتعميق علاقاتهما التعاونية في مجال الدفاع والاستخبارات والتدريبات العسكرية المشتركة خلال العام الماضي.
وقالت المجلة الأمريكية إن الكثير من المحللين فى نيودلهي يعتقدون أن علاقة الهند مع الولايات المتحدة "علاقة جوهرية"، ووصل الأمر لدرجة أن بعض المعلقين أعربوا عن تأييدهم لتخلي الهند عن علاقاتها التاريخية مع موسكو لصالح واشنطن .
وأوضحت أن روسيا، من جانبها، سعت لمواجهة الهيمنة الأمريكية في العالم، ولكي تنجز ذلك سعت لتوثيق شراكتها مع الصين، وخاصة في ظل تدهور العلاقات الروسية مع أمريكا وأوروبا في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2014.
وأضافت أن التعاون الأمني تكثف بالفعل بين الصين وروسيا وتمثل ذلك في زيادة المشتريات الصينية من الأسلحة الروسية وإجراء تدريبات عسكرية مشتركة عبر العديد من المناطق، ووصل حجم تعاملاتهما التجارية إلى ما يعادل 110 مليارات دولار خلال عام 2019.
وخلصت المجلة الأمريكية إلى القول بأن الهند وروسيا ستستمران في موازنة علاقاتهما وفقا لأولوياتهما "الجيو سياسية"، ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أن نجاحهما في الحفاظ على استقرار علاقاتهما رغم هذه الضغوط الخارجية القوية لم يكن أمرا هينا.