رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شيخ الأزهر الأسبق يجيب: هل يحاسب الحيوان يوم القيامة؟

الشيخ محمود شلتوت
الشيخ محمود شلتوت

قال الشيخ محمود شلتوت، شيخ الأزهر الأسبق، إن الرسالات السماوية اتفقت على أن بعث الإنسان يوم القيامة حق، وأن محاسبته على أعماله في الدنيا حق، ولا خلاف فيه لأحد من المؤمنين، أما بعث الحيوانات من البهائم والطيور، ومحاسبتها على ما ارتكب في دنياها، فقد ذهب إليه جماعة من العلماء قرروا بعثها من قبورها يوم القيامة كالإنسان، وقرروا سؤالها عما فعلت كالإنسان.

وتابع: “استندوا في بعثها إلى مثل قوله تعالى: (وإذا الوحوش حشرت)، وقوله تعالى: (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شئ ثم إلى ربهم يحشرون)”.

وأشار إلى أنه يستندون في محاسبتها إلى ما فهموه من قوله تعالى عليه الصلاة والسلام: “لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقتص للشاة من الجماء من القرناء”، والجماء التى لا قرن لها تدفع به عن نفسها اعتداء ذات القرن عليها، ويقول هؤلاء: “إن الله بعد أن يحقق هذه العدالة العامة في خلقه على هذا النحو، يقول لها: موتى فتموت، وليس لها جنة ولا نار”.

المحاسبة والمسؤولية للإنسان المكلف

وأضاف في رده على سؤال ورد إليه: “هل يحاسب الحيوان يوم القيامة ومنه من له قسط معقول من الذكاء؟ وترى طائفة أخرى، ذات نظر أعمق، أن البعث خاص للإنسان المكلف، وأن المحاسبة والمسؤلية خاصان به، والآخرة دار جزاء، ولا محاسبة إلا حيث التكليف، ولا تكليف لغير الثقلين، الإنس والجن، وإذن فلا محاسبة للحيوانات ولا بعث”.

وأكمل: “أما قوله (وإذا الوحوش حشرت)، فالحشر فيها ليس هو حشر الآخرة، وإنما هو جمعها لاستيلاء الرعب عليها وقت الاضطراب العام وانحلال النواميس الكونية، وقد ذكر هذا الحشر في حوادث الاضطراب التي تحدث قبل البعث بدليل ما قبلها: (وإذا الشمس كورت، وإذا النجوم انكدرت، وإذا الجبال سيرت، وإذا العشار عطلت)، وما جاء بعدها (وإذا البحار سيرت)، وكل هذه من حوادث الاضطراب العام الذي يقع قبل يوم القيامة، وأما البحث فقد ذكر بعد ذلك كله بقوله تعالى في السورة نفسها: (وإذا النفوس زوجت، وإذا الموءدة سئلت، بأي ذنب قتلت) إلى قوله تعالى: (هلمت نفس ما احضرت)”.

وقال الشيخ شلتوت: “أما الحشر في آية الأنعام فهو يرجع إلى المكذبين لرسالة الرسول المذكورين قبل الآية وبعدها، أو أن معناه: الهلاك والموت، وهو عام لكل المخلوقات، ومن ذلك قول العرب في السنة المجدبة، (حشرت الناس) يريدون: أهلكتهم، هذا، وقد قال الإمام الألوسي في تفسير: وليس في الباب (يريد مسألة بعث الحيوانات) نص كتاب أو سنة يعول عليه، يدل على حشر غير الثقلين من الوحوش والطيور، ثم قال: (ومن القريب جدًا أن يكون الحديث الذي ذكروه كناية عن تمام العدل، بدليل ما جاء في بعض الروايات من الاقتصاص من الحجر إذا وقع على الحجر)”.

وأكد شيخ الأزهر الراحل، هذا ما قاله العلماء في هذه المسألة، ونحن مع أرباب الرأي الثاني، وهو أنه لا بعث ولا محاسبة إلا على من ثبت تكليفه، لا لمن لا يفهم الشرائع والخطاب بخاصة نفسه وطبيعته، وكيف وقد خلقها الله مسخرة للإنسان فيما ينفعه من أكل وحمل وحرث وسائر ما يحتاج منها؟ أما ما يري من ذكاء بعض الحيوانات فهو ذكاء لا إرادة معه، ولا يعدوا نواحى خاصة لا تتصل بفهم الخطاب ولا مقتضيات التكليف الإلهي.