رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في اللسان حياة أو موت

تلك حكمة من ملك أنعم عليه الله بالحكمة فارتبطت باسمه فنقول " سليمان الحكيم"، فقال بالحكمة الربانية " في اللسان حياة أو موت والمولعون به يتحملون العواقب ".
ولعل في القصة التخيلية الآتية ما يعطي توضيحاً للكلمات الحكيمة ، إذ روى عن مجموعة من الضفادع كانت تسير معاً في غابة كثيفة الأشجار ، وإذ باثنتين منهم تسقطان في حفرة عميقة ، وحاولتا التسلق للنجاة من الموت مرات ومرات ، والفريق المتابع من الرفاق يحذرهما من  الموت لكثرة القفز والسقوط الفاشل حتى استسلمت إحداهما وماتت ، وظلت الثانية تحاول والزميلات تحذر حتى نجت أخيراً بعد جهد مضني ، ولما سألها الفريق كيف قاومت القفز والسقوط رغم الخطر والتحذير المتواصل منا قالت الضفدعة الناجية من الموت: هل نسيتم أن أذني مصابة بالصمم فلا أسمع من مسافات بعيدة ما كنتم تقولون. 
لقد كان في لسان الفريق الضفدعة سم الموت، وصعود قمم الجبال ليس سهلاً، وهواة التسلق يدركون جيداً وعورة الصخور وإمكانية سقوط بعضها، وعلى راغبي الوصول إلى القمم أن يعدوا أنفسهم بالخرائط التي توضح طبيعة مناطق التسلق وتجنب الشقوق الخطيرة، مع الاستعداد لتحمل الجروح الناتجة عن خشونة الصخور، والتزود بالإسعافات الأولية.
كما انه ليس المتوقع من المتسلق الذي يصل الى قمة الجبل أن يبقى هناك مكتفياً بما حقق، لكنه يبحث عن قمم أعلى ليصعدها، والمتسلق المدرب يضع في حسبانه جماعة المثبطين، فلا يعطيها أذنه وكأنه أصم عن سماع أصوات الفاشلين، بل هو يراجع الأهداف المحققة من الصعود، وكيف تكون المحاولات التالية أسرع زمناً وأفضل توقيتاً، فمراجعة الأهداف بعد الصعود تقود الى مزيد منه.

وهكذا تسير الدول المتقدمة والأفراد المتطلعة الى النجاح الذي لا يعرف حدودا او نهاية. وصحيح ان الدول والأفراد لا تحقق كل الأهداف بين ليلة وضحاها، ولكن التقدم يحتاج الى مداومة ومتابعة وإعادة الخطط، فقد تكون الخطة تحتاج الى مراحل وتغيير في الأشخاص غير المدربين أو المحبطين للآخرين، وهذا ما نطلق عليه " الرؤية والهدف ". 
والأهداف تقاس في ضوء القدرات والمواهب والتوجه والذكاء والحنكة، ومن البديهي ان يواجه الأفراد والهيئات وحتى الحكومات ألسنة المعوقين والمعطلين بالكلمات وبالأفعال، والحكيم يقول " لسانك قوة للحياة أو للموت "، والعاقل يقول "لا تدفع شخصاً أمامك لتسقطه حتى تقف في مكانه، بل جاهد انت لتصل الى ذات المكان، ولا تتوقف عن الصعود، وسوف تسبقه".
ولى مقولة كنت ولا زلت أشجع ابنائي النابغين أن لا يتوقفوا، فالقمم متغيرة، ومن يكتفي بالجلوس على القمة فقط يصبح هدفا للسقوط، فالقمم تعلو وتتغير في كل يوم، ونحن نسمع عن معجزات العلم في مجالات الطب والفضاء. اننا نذكر بكل الخير والتقدير شخصيات قدمت المثل والقدوة أمثال نيلسون مانديلا ومارتن لوثر كنج وغاندي والأم تريزا، ونرجو ان يسجل تاريخنا الحديث قادة مصريين من أمثال الرئيس السيسي بتوفيق من الله.
وهناك مقولة شهيرة لمارتن لوثر كنج يصلح ذكرها في هذا المقال: لا يستطيع أحد ان يتسلق على ظهرك ما لم ينحن ظهرك، فلا تنحني واستمر في الصعود"، والمعنى ان لا تسمح لأحد أن يضعك في قالب مغلق طالما كانت مسيرتك مستمرة ورأسك مرفوعة.
وفي بلد الحريات يستطيع أي انسان أن يصف آخر بأي وصف يراه، فلا تعطي أذنك لمن يبغي لك الفشل، بل استمر في التقدم والصعود، ولا تسمح لسمومهم أن تدخل الى معدتك، واستمر في الابتكار حتى تحقق الأهداف، فالسلبيون لن يتوقفوا عن محاولات التعطيل، والناجحون يسيرون في قافلة النجاح. 
والمحللون النفسيون يقولون أن الكارهين أربعة أنواع: كاره لكل شيء، وكاره الناجح - أياً من يكون، والكاره الانتهازي، وآخرهم الكاره لنفسه،  وسوف اتعرض للكارهين بأنواعهم مع محاولة لتقديم وسائل علاج الكارهين في مقالٍ مقبل بمشيئة الله.

  • الرئيس الشرفي للطائفة الإنجيلية