رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من روائع الأدب العالمى..

قصة آسر حدون ملك أشور عن التسامح للكاتب الروسى تولستوى

الكاتب الروسى الكبير
الكاتب الروسى الكبير ليو تولستوى

احتل "أسر حدون" ملك ٱشور مملكة الملك لحيليا ودمر وأحرق جميع المدن وسبى جميع سكان البلاد، وذبح المحاربين أمام الملك لحيليا أما الأخير فحبسه فى قفص. 

هكذا بدأ الكاتب الروسى الكبير ليو تولستوى قصة ٱسر حدون ملك ٱشور . ومن خلال هذه البداية تدرك أن القصة تحكى عن عوالم بعيدة وأزمنة غابرة  فى جو  اسطورى ملحمى، وبالقطع تتلهف كى تعرف ماذا سيحدث ، هل سيفر الملك لحيليا من القفص وكأنه عصفور ، أو هل سيعفو عنه أم سيضعه على الخازوق . 

تولستوى لا يمهلك حتى تتمادى فى تفكيرك ، فيباغتك  بتطور درامى خطير وغريب. حين يظهر امامك الملك ٱسر حدون يجلس على سريرة الوثير منتظرا زوجته الملكة الجميلة فيأتيه الشيخ أو الضمير. وهذا المشهد يتطابق مع مشهد فى قصة القيصر الشاب الملك والملكة الجميلة والشيخ ، وقبل أن تمزج بين المشهدين يأخذك الكاتب الروسي إلى فكرة مغايرة، حيث يقول الشيخ للملك حدون ماذا ستفعل مع اسيرك ليحيليا فيقول سأعدمه فيقول الشيخ كيف ستعدمه وهو أنت. هنا تقف أنت كقارئ مندهشا مثلما اندهش حدون  وقال: انا على سريرى وهو فى القفص ، انا كنت اصطاد الحمير الوحشية واصطدت لبؤة منذ قليل وأقمت الموائد احتفالا بانتصار ى على ليحيليا ولقدرتى على الصيد، فيقول الشيخ: تعالى معى وغطس رأس فى الماء وقل لى ماذا رأيت.

وهنا تحدث المفارقة يرى الملك ٱسر حدون نفسه فى هيئة ليحيليا متقرفصا داخل القفص، بعد أن هزمه حدون، فيرفع رأسه مفزوعا ثم يطلب منه الشيخ أن ينزل رأسه مرة ثانية فيجد نفسه فى هيئة حمارة وحشية قتل ٱسر حدون صغيرها منذ قليل وهى تبكى، فينزعج حدون ويرفع رأسه فيطلب منه الشيخ أن يخفض رأسه مرة ثالثة فيجد نفسه فى صورة اللبوءة التى اصطادها ومنعها من إرضاع صغارها، فينزعج ويرفع رأسه ثم يبكى ويأمر بالعفو عن ليحيليا، وكنت أود لو أن تولستوى أنهى قصته عند هذا الحد ، ليترك مساحة الدهشة داخل القارئ ، إلا أنه أكمل القصة بعد أن قال له الشيخ كلاما مفاده إنما انت قتيل قتلاك وأن ما اقترفه من ظلم سيعود عليك، وستعاقب عليه ، فمهما كانت نشوة الفرحة بالظفر بالخصم فهى لا تساوى لحظة من عذاب ، كما أن التسامح هو المكسب الحقيقى للإنسان .