رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رئيس «الإحصاءات السكانية»: إجراء أول مسح لقرى حياة كريمة أغسطس المقبل (حوار)

طاهر حسن ومحرر الدستور
طاهر حسن ومحرر الدستور

قال طاهر حسن، رئيس قطاع الإحصاءات السكانية والتعدادات بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، إن الزيادة السكانية تشكل تهديدًا كبيرًا لجهود التنمية فى مصر، بعدما تضاعف عدد السكان ٣ أضعاف خلال القرن الماضى، منوهًا إلى أن عدد سكان مصر بالداخل سيرتفع إلى ١٠٢ مليون نسمة خلال العشرة أيام الأولى من شهر يوليو المقبل، ليسجل بذلك المليون الثانى بعد المائة فى غضون ١٧ شهرًا فقط. 

وأضاف، فى حواره مع «الدستور»، أن المشروعات التنموية الأخيرة أسهمت فى الحد من تداعيات الزيادة السكانية على الفقر والبطالة، مشيرًا إلى أن مستويات الفقر تراجعت لأول مرة منذ تسعينيات القرن الماضى، لتسجل ٢٩.٧٪ خلال عام ٢٠٢٠، مقابل ٣٢.٥٪ خلال عام ٢٠١٨.

 

■ بداية.. هل تعد الزيادة السكانية فى مصر نعمة أم نقمة؟

- السكان قوة لا يستهان بها والنمو السكانى شىء محمود، لكن فى حال القدرة على استيعاب هذه الزيادة، سواء على صعيد الأسرة أو الدولة.

وفى الحالة المصرية فإن لدينا العديد من التحديات التى تجعل من الزيادة السكانية خطرًا جسيمًا ونقمة تهدد كل جهود التنمية، أولها التوزيع غير المتناسب للسكان وتركزهم على مساحة ٨٪ فقط من مساحة الجمهورية، بالإضافة إلى النمو السريع فى معدلات الإنجاب بما لا يتناسب مع النمو الاقتصادى، وتدنى خصائص السكان من حيث التعليم والصحة والثروة.

■ ما تأثير الزيادة السكانية على خصائص السكان؟

- هناك ارتباط وثيق بين متوسط عدد أفراد الأسرة ومعدلات الفقر، فكلما زاد حجم أفراد الأسرة تدنت خصائصهم وارتفعت نسب الفقر بينهم، وأظهرت نتائج بحث الدخل والإنفاق الأخيرة أن الأسر التى تتكون من ١-٣ أفراد تبلغ نسبة الفقر بينها ٦٪، وترتفع النسبة إلى ١٢٪ بين الأسر المكونة من ٣-٤ أفراد، وتبلغ ٢٥٪ بين الأسر المكونة من ٤-٥ أفراد، و٤٨٪ بين الأسر المكونة من ٥-٦ أفراد، لكنها ترتفع لأعلى مستوياتها بين الأسر أكثر من ٩ أفراد بنسبة ٨٠٪.

ومن بين انعكاسات الزيادة السكانية يأتى مؤشر القوى العاملة، فنحن لدينا ٣٠ مليون نسمة من السكان فى سن العمل، منهم ٢.٣ مليون متعطلون، وهو عدد كبير، وذلك بسبب زيادة عدد السكان عن حاجة سوق العمل، وعدم إعدادهم وتأهيلهم جيدًا بما يتناسب مع احتياجاتها، بالإضافة إلى وجود عمالة مهمشة وغير منتظمة من جملة المشتغلين أيضًا.

وهناك دول يعادل عدد سكانها كله تعداد الزيادة نصف السنوية بمصر، فنحن نزيد ٢٠١ فرد كل ساعة فى المتوسط، وعدد سكان مصر بالداخل سيرتفع إلى ١٠٢ مليون نسمة خلال العشرة أيام الأولى من شهر يوليو المقبل، ليسجل بذلك المليون الثانى بعد المائة فى غضون ١٧ شهرًا فقط، أى ما يقارب العام ونصف العام، لتحافظ مصر بذلك على ترتيبها الأول عربيًا والثالث إفريقيًا والـ١٤ على مستوى العالم من حيث عدد السكان.

■ متى بدأت الزيادة السكانية تتحول إلى أزمة بمصر؟

- الأزمة بدأت منذ ستينيات القرن الماضى، حيث تضاعف عدد السكان خلال القرن الماضى ثلاث مرات، الأولى من ٩.٣ مليون نسمة إلى ١٩ مليون نسمة، والثانية إلى ٣٦.٦ مليون نسمة، والثالثة إلى ٧٢.٨ مليون نسمة.

ومن المتوقع إذا استمرت معدلات الزيادة فى عدد السكان وبنفس معدل الخصوبة الحالى، الذى يبلغ ٣.١ طفل لكل امرأة، أن يصل عدد السكان إلى ١٩٢ مليون نسمة بحلول عام ٢٠٥٢، أى أن يتضاعف عدد السكان مرة أخرى بعد ٣٠ سنة من الآن، وهذا عدد ليس بالقليل، أما إذا تمكنا من خفض معدل الخصوبة العام إلى ٢.١ طفل فسيصل عدد السكان إلى ١٤٣ مليون نسمة فى نفس الفترة، أى بفارق ٥٠ مليونًا، وهو يساوى عدد سكان العديد من الدول.

والخطورة تكمن فى أن لدينا ٤٢٪ من الإناث فى مصر فى سن الإنجاب، أى بين ١٥-٤٩ سنة، بالإضافة إلى أن ٣٤٪ من الإناث على مشارف دخول سن الـ١٥، أى أن ٧٥٪ من سيدات المجتمع جاهزات للإنجاب، وهو ما يمثل عبئًا كبيرًا على الدولة لمواكبة احتياجات المواليد الجدد.

■ ما خطة الدولة لمواجهة هذه الأزمة؟

- هناك توجه عام لدى الدولة للسيطرة على الأزمة السكانية وتحجيمها والوصول بمعدلات الزيادة إلى مستويات أقل مما هى عليه الآن، من خلال مبادرة «٢ كفاية»، لتشجيع الأسر على الاكتفاء بإنجاب طفلين فقط، بما يضمن الحفاظ على استقرار أعداد السكان دون قفزات جديدة، وخفض معدل الزيادة، لينخفض معدل الزيادة الطبيعية فى أعداد السكان إلى ٢.١٪ بحلول ٢٠٣٢، مسجلة بذلك ١٤٥ مليون نسمة بدلًا من ١٩٣ مليون نسمة بحلول ٢٠٥٢.

■ ما دور الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى هذه الخطة؟

- دور الجهاز يقتصر على رصد مؤشرات السكان وخصائصهم وتطوراتهم وإتاحتها أمام متخذى القرار، بالإضافة إلى دوره فى توعية المواطنين ورفع بعض التوصيات للجهات المعنية، ومن بينها التوصية بالتصدى لزواج القاصرات وتجريم ومحاسبة المتزوجين قبل سن الـ١٨ سنة، مع تشجيع تأجيل الزواج لما بعد سن الـ٢١ سنة، بالإضافة إلى ربط الدعم العينى والنقدى بعدد أفراد الأسرة.

■ ألا يمكن تطبيق التجربة الصينية بإلزام كل أسرة بالاكتفاء بطفل واحد فقط؟

- لا أعتقد أن تجربة الصين يمكن أن تنجح فى الحالة المصرية فى ظل تباين طبيعة المجتمعين، خاصة أن إلزام المواطنين بإنجاب عدد معين من الأطفال يتعارض مع الثقافة والعرف والنزعة الدينية التى تعتقد بتحريم تحديد النسل، وإنما من الأفضل استخدام سياسة المحفزات وتقديم مزايا للأسر التى تلتزم بإنجاب طفلين فقط عن غيرها.

■ فى تقديرك.. هل أسهمت مبادرات الدولة مثل «حياة كريمة» فى خفض معدلات الفقر بين السكان؟

- برامج الدعم العينى والنقدى، مثل «تكافل وكرامة»، قد أسهمت فى الحد من معدل الفقر العام، ليتراجع من نسبة ٣٢.٥٪ فى عام ٢٠١٨ إلى نسبة ٢٩.٧٪ فى عام ٢٠٢٠، وهو أول تراجع منذ عام ١٩٩٩-٢٠٠٠، عندما كانت النسبة تصل إلى ١٦٪، قبل أن تتضاعف لتصل إلى ٣٢.٥٪ فى عام ٢٠١٧-٢٠١٨، ونأمل أن تواصل هذه المعدلات تراجعها بجهود القيادة السياسية والحكومة.

■ متى سيجرى الإعلان عن خريطة الفقر الجديدة؟

- انتهينا بالفعل من إعداد خريطة الفقر، ومن المقرر الإعلان عنها قريبًا وإتاحتها للجميع سواء متخذى القرار أو منظمات المجتمع المدنى والأهلى، وسيجرى الاعتماد عليها فى اختيار الـ١٥٠٠ قرية الجديدة ضمن مبادرة «حياة كريمة»، وذلك بناءً على رصد مستوى الخدمات والمرافق والبنية الأساسية ومستوى الفقر المادى بين سكان القرى.

كما أن جهاز الإحصاء بصدد إجراء أول مسح عن القرى التى تم فيها التطوير، لمتابعة جهود الحكومة وحجم المشروعات المنفذة ضمن «حياة كريمة»، ومن المقرر أن يبدأ التنفيذ فى شهر أغسطس المقبل على مستوى ١٥٠٠ قرية و١٠ آلاف نجع وكفر وعزبة فى ٢٢ مركزًا بمحافظات الجمهورية، على أن يستغرق شهرين على أقصى تقدير، لتكون النتائج متاحة ومعلنة بنهاية العام الحالى ٢٠٢١.

■ ما آخر استعدادات إطلاق بحث صحة الأسرة المصرية؟

- كان من المفترض أن يبدأ العمل الميدانى فى هذا المسح خلال شهر يناير الماضى، لكن تم تأجيل الأمر بسبب انتشار فيروس كورونا، مع استئناف تدريب الباحثين عليه فى منتصف أغسطس المقبل وحتى نهاية سبتمبر، على أن يكون العمل الميدانى من أول أكتوبر المقبل وحتى نهاية مارس ٢٠٢٢، باستخدام أجهزة التابلت.

ومن المقرر إعلان النتائج خلال النصف الثانى من عام ٢٠٢٢، وهذا المسح يستهدف رصد صحة الفرد والأم والطفل، وقياس الوزن والطول ورصد الأمراض المنتشرة مثل النحافة والسمنة والأنيميا والتقزم، إلى جانب نسبة الخصوبة ومعدل الإنجاب، وذلك على عينة قوامها ٣٥ ألفًا على مستوى الجمهورية.

■ ماذا عن مؤشرات بحوث الدخل والإنفاق والاستهلاك الجديدة؟

- من المقرر أن نبدأ، فى أول أكتوبر المقبل، استخدام أجهزة التابلت بشكل كامل، بما يمكن الباحثين من جمع البيانات من الأسر وإرسالها مركزيًا إلى الجهاز وتدقيق البيانات بشكل لحظى، ومن المستهدف الإعلان عن هذه المؤشرات بنهاية العام المقبل ٢٠٢٢.

■ إذا انتقلنا لمؤشر البطالة.. هل تعافت سوق العمل من صدمة كورونا؟

- رصدنا بالفعل تراجع معدل البطالة إلى ٧.٤٪ خلال الربع الأول من العام الجارى، بعدما سجل المعدل العام ٧.٩٪ فى عام ٢٠٢٠، و٩.٦٪ فى ذروة جائحة كورونا خلال الربع الثانى من العام الماضى، وهذا مؤشر إيجابى يعكس تجاوز سوق العمل صدمة كورونا، نتيجة اتجاه بعض القطاعات للعمل عن بعد والتكيف مع تداعيات الجائحة.

■ هل رصدتم اختلافًا فى خصائص المتعطلين عن العمل خلال الفترة الأخيرة؟

- مشكلة البطالة فى مصر أنها مشكلة شباب متعلم، وتتركز تحديدًا فى الفئة العمرية بين ١٥-٢٩ سنة، أما مع ارتفاع السن فإن الشاب يتجه للبحث عن أى فرصة عمل بعيدًا عن تخصصه، وذلك بالتزامن مع تكوين الأسرة وارتفاع الأعباء المالية، بينما تقل البطالة بين أعمار ٥٠-٦٥ سنة لأدنى مستوياتها بسبب استقرار الحياة الوظيفية، ونتوقع أن يحدث تغير كبير فى هذه المؤشرات مع اتجاه الدولة إلى الرقمية، ما يزيد من أعداد المشتغلين من أصحاب التخصص، كل فى مجال خبرته.