رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة مجموعة السبع الصناعية

انتهت فى الأسبوع الماضى اجتماعات قمة مجموعة السبع لمدة ثلاثة أيام فى الفترة "12 - 14 يونيو 2021"، فى مدينة كورنوال ببريطانيا، وتناولت الدول السبع الاقتصادية (الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، كندا، إيطاليا، اليابان) ثلاثة محاور أساسية وهى محور البيئة والتغير المناخى والاحتباس الحرارى، ومحور التصدى لفيروس كوفيد- 19 ووضع استراتيجية دولية لمواجهة الأوبئة، ومحور تحالف دولى للتصدى للنفوذ الصينى والذى تسعى أمريكا لتكوينه مع دول أوروبية.
كان لصعودالصين فى السنوات الأخيرة ومنافستها للقطب الأمريكى المهيمن على دول العالم أثر كبير فى انتهاج أمريكا سياسة معادية للصين. ولقد انتهج الرئيس السابق دونالد ترامب سياسة معادية للصين فى العديد من الجبهات، ومنها شن حرب تجارية على الصين والضغط على عدد من الدول الأوروبية لانتهاج نفس الوسائل، هذا بجانب فرض قدر من الجمارك العالية على العديد من السلع الصينية فيما عُرِف بالحرب التجارية، وبالطبع قامت الصين بالمثل ردًا على أمريكا.
ولم يكتف الرئيس الأمريكى السابق بهذه الإجراءات ولكنه وجه اتهاماته للصين على أنها منشأ فيروس كوفيد- 19 فى محاولة لإلقاء عبء سياساته الفاشلة فى مواجهة الفيروس (والذى حصد حتى الآن فى أمريكا أرواح 600 ألف من المواطنين الأمريكان) على جمهورية الصين الشعبية.
وما زال التصدى للصين والخوف من صعودها كقطب اقتصادى أول فى السنوات القليلة القادمة من أولويات الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن منذ دخوله البيت الأبيض، حيث صرح بأن هدفه الأول هو العمل مع حلفائه لكبح جماح الصين.
وبحث قادة الدول السبع فى كورنوال بإنجلترا مواجهة جهود الصين فى كسب نفوذ العالم، واتفقوا فى نهاية اجتماعاتهم على ما يسمى "إعادة بناء أفضل من أجل العالم" بتخصيص مبالغ للإنفاق على البنية التحتية فى الدول الفقيرة وذلك بإنشاء صندوق لمجموعة السبع للنهوض بالبنى التحتية للدول النامية، وذلك لمواجهة خطة الصين ومبادرة "الحزام والطريق" التى تقوم على تمويل مشروعات التنمية فى مجال البنية التحتية ومجالات الطاقة والنقل والطرق والتكنولوجيا الحديثة فى معظم دول العالم التى وافقت على المبادرة فى آسيا وأوروبا وإفريقيا والدول العربية. تلك المبادرة التى تنطلق من نشر الصين لمبادئ التعاون على أساس المنفعة المتبادلة والمصير المشترك وعدم التدخل فى سيادة الدول.
وفى إطار محور المناخ انتهى الاجتماع بسعى قادة الدول السبع لوقف التدهور فى التنوع البيولوجى بحلول عام 2030 مع حماية 30% من الأراضى والبحار، بالإضافة لإطلاق دولة بريطانيا لصندوق بقيمة 500 مليون جنيه إسترلينى لحماية المحيطات والنظم البيئية فى الدول ومنها غانا وإندونيسيا، بالإضافة إلى تقليص إنتاج النفط واستهلاك المحروقات حول العالم ووقف إنتاج الفحم الحجرى ووقف السيارات التى تعمل بالبنزين بحلول 2030.
كما انتهى الاجتماع إلى تفعيل عملية إنتاج اللقاح وتوفيره لدول العالم والتبرع بـ(مليار جرعة لقاح) للدول الفقيرة، بجانب التزام الدول السبع الكبرى بإعلان الحيلولة دون انتشار أوبئة فى المستقبل وضمان عدم تكرار الدمار الذى أحدثه كوفيد- 19.
وناقشت الدول السبع وضع نظام ضريبى أكثر عدالة فى العالم وفرض ضرائب على الشركات الكبرى، وناقشت أيضًا العلاقة مع روسيا واتفقت على حل النزاعات معها على أساس الشرعية والقرارات الدولية، وأشار بايدن إلى أنه يجب محاسبة روسيا على الهجمات السيبرانية، وتم أيضًا نقاش بين كل من بوريس جونسون رئيس وزراء إنجلترا وإيمانويل ماكرون رئيس فرنسا بخصوص البريكست وتداعياته بالنسبة لأيرلندا الشمالية.

وإننى أقول إن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والصحية التى أعقبت صدمة تفشى فيروس كورونا على مستوى العالم، والمتغيرات الخاصة بصعود أقطاب الصين وروسيا، وإنهاء سيطرة القطب الواحد الأمريكى وهيمنته، مع تصاعد الحركات الاحتجاجية الشعبية فى السنوات الأخيرة ضد القهر والفقر والعنصرية على مستوى دول العالم الغنى والفقير، كل ذلك سيكون له الأثر فى الوصول إلى عالم أكثر إنسانية عالم تسوده العدالة والمساواة وتتقلص فيه الفجوة الواسعة بين القلة الفاحشة الثراء والغالبية من الفقراء.
كما أننا نتمنى أن تصدق الدول السبع فى وعودها والتى لم تنفذ فى السنوات السابقة، هذا بجانب ما نراه فى التعامل بخصوص اللقاحات من محاولة الدول الكبرى من الاستحواذ على أكبر قدر من اللقاح على حساب الشعوب الفقيرة بل ورفض فكرة التخلِّى عن حقوق الملكية الفكرية لإنتاج اللقاح فى معظم الدول وبتكلفة أقل.