رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هنا غزة.. أعلام مصر ترفرف.. ومسؤولون وأطفال: وصلوا سلامنا للرئيس السيسي

هنا غزة
هنا غزة

الجميع فى غزة كان يسأل مراسل إحدى الوكالات الإخبارية الكبرى: «أخبار الرجالة إيه؟».. والمقصود بـ«الرجالة» هنا كانت مصر.

الكل يسأل عما ستفعله مصر، وهل سيتم إجبار إسرائيل على الهدنة ووقف إطلاق النار؟ 

الكل هنا بمعنى الكل. المواطنون العاديون والفصائل. لا فارق بين طفل صغير خرج ليبحث عن علم مصر ليرفعه، وشيخ كبير نزلت دموعه وهو يشاهد المعدات المصرية تدخل إلى قطاع غزة لإعادة الإعمار.

حلا تحمل صورة الرئيس وتهتف: «تحيا مصر».. سمر: «فى قلوبنا».. ويافا: «لن يبنى بيوتنا سواه» 

فى غزة لا سر يبقى لفترة طويلة، وجود فريق «صباح الخير يا مصر» فى غزة كان متداولًا قبل أن نصل إلى الفندق. صورة التقطت لنا فى المعبر وُضعت على «جروب» صغير، وسرعان ما وصلت إلى «جروبات» أكبر ومواقع ومنتديات. حتى إننا عندما وصلنا إلى فندق الإقامة- كان به فرح كبير بالمناسبة- وجدنا أشخاصًا عاديين يرحبون بنا بودٍ شديد: «أهلًا برجال مصر»، 

طفل صغير سمع اسم «مصر» فقال: «سلمولى على السيسى».. ما قاله الصغير كان عفويًا وصادقًا.

أكثر من طفل التقيناهم خلال جولات «صباح الخير يا مصر» فى غزة، مصر بالنسبة لهم هى الأمل، والسيسى بالنسبة لهم هو البطل، هو من أوقف أصوات الحرب، وهو مَن أدخل المعدات إلى بلدهم، لذا هو البطل.

قد لا يفهم الأطفال معنى مساعدات أو إعادة إعمار، لكنهم سمعوا أن السيسى أمر ببناء البيوت التى تهدمت، لذا خرجت الطفلة الصغيرة حلا خليل، مع والدها فى السيارة، وهى ترفع صورة للرئيس عبدالفتاح السيسى وتهتف له: «تحيا مصر».

شقيقتها «سمر» التى أمسكت بعلم مصر قالت لنا: «وصلوا سلامى للرئيس وأخبروه بأنه فى قلوبنا». الصغيرة منة قالت لنا: «نطلب منكم أن تحملوا تحياتنا للشعب المصرى وللرئيس السيسى، ونطلب منه أن يصبر ولا يتركنا، فهو الأمل بالنسبة لنا».

والدهم خليل محمد هو واحد من عشاق مصر، شاهدناه فى الشارع وهو يرتدى «تى شيرت» مكتوبًا عليه بالإنجليزية: «I love Egypt»، سألناه عن سر ارتدائه إياه، فقال: «أنا تعلمت حب وعشق مصر من أجدادنا، والآن نزرع حب وعشق مصر فى أبنائنا.. حب مصر فرض عين علينا، ونحن نورث هذا الحب أولادنا، الذين وجدوا الفرصة مع وجود الرئيس السيسى ليعرفوا أن أم الدنيا هى بلدنا وسندنا وسر قوتنا».

وأضاف: «نحن نعتبر مصر وفلسطين قضية واحدة ودمًا واحدًا وأرضًا واحدة، بل إننا لا نبالغ إذا قلنا إننا نشعر بأن غزة إحدى محافظات مصر.. مشهد دخول المعدات المصرية التى تسهم فى نهضة مصر ومشروعاتها القومية، إلى غزة، جعلنا نشعر بأن الرئيس السيسى يحمل لنا مكانة فى قلبه».

ما قاله «خليل» شدد عليه كثيرون، فلحظة دخول المعدات المصرية كانت فارقة، كما أن معدلات الإنجاز التى تتم يوميًا جعلت أهل فلسطين يشعرون وكأنهم يشاهدون شيئًا خياليًا، فسواء المبانى التى تم تدميرها فى عمليات سابقة ولا تزال كما هى، أو أخرى ظلت لـ٤ سنوات حتى انتهت، كل هذا المعدات المصرية دخلت وأزالت ركامه فى ٣ أيام.. حدث هذا فى مبنى وزارتى التنمية الاجتماعية والأوقاف.

طفل صغير أمسك بهاتف والده أمام أحد هذه المبانى، والتقط صورة للعمال المصريين، سألته عن السبب فقال: «أريد الاحتفاظ بصورتهم وهم يبنون بلدى».. الأحداث هنا جعلت الأطفال يكبرون قبل الأوان، ويدركون أشياء تفوق سنهم، من بينها إدراكهم أن مصر هى السند الحقيقى.

«يافا» التى كانت تسكن فى أحد المبانى التى كنا نعاينها كموقع للتصوير، وتعرض للدمار بفعل ٤ صواريخ، قالت لنا عندما عرفت أننا مصريون: «شكرًا لمصر ولرئيسها ولجيشها. أخبروا الرئيس بأننا نحبه، وأن أطفال فلسطين يريدون منه أن يبنى لهم البيوت ليعودوا إليها، لأنه الوحيد الذى سيفعل ذلك».

صاحب عمارة تعرضت للهدم قال إن خسارته كبيرة، لكنه سعيد بدخول مصر بمعداتها، لأنها ستعيد كل شىء إلى ما كان عليه بأقصى سرعة.

الجميع يقول إن مصر أرسلت لهم نفس المعدات التى تنفذ المشروعات القومية. 

الكل يحلم بتنفيذ عمارات وكبارى ومشاريع تشبه ما يتم تنفيذه فى مصر.

«الشعب لا يريد مصارى يريد إعادة الإعمار».. قالها شيخ كبير وهو يتابع معدات مصرية تصعد فوق برج تعرض للتفجير وتفتت الكتل الخرسانية، بينما تعلو أصوات مكبرات لفصيل صغير يحتفل بأغانى النصر.

على أحد المقاهى كان هناك حديث ساخر عن أحد «أراجوزات» الإخوان، ادعى أن شخصًا مصريًا حرك الناس فى غزة ووزع عليهم الأعلام وصور السيسى، وقال أحدهم ردًا على هذا «الأراجوز»: «أنا شخصيًا رفعت الصور والأعلام، وأضع فوق بيتى علمًا لمصر، بل إن ابنتى الصغيرة قالت لى ضع أعلام مصر وصور السيسى فوق المنزل حتى تحمينا من إسرائيل»... هذه الجملة سمعناها بمعانٍ مختلفة من أكثر من شخص.

مسئولون فلسطينيون: المصريون «يُؤثِرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة»

على جانب المسئولين والقيادات، الجميع الآن يتحدث بفخر عن مصر وقياداتها.

إبراهيم أبوالنجا، محافظ غزة الذى حضر إلينا فى الفندق ليرحب بوفد مصر الإعلامى، ويشكر فريق «صباح الخير يا مصر» على تقديم حلقة من القطاع، بدأ كلامه موجهًا التحية لمصر، رئيسًا وحكومة وشعبًا، على جهودها المبذولة من أجل وقف العدوان الإسرائيلى على غزة، ثم ما تلاها من خطوات.

وقال «أبوالنجا»: «لا توجد دولة بإمكانها أن تضطلع بما يمكن أن تضطلع به مصر، والعالم يفهم أن الأمن لا يمكن أن يتحقق إلا عبر الرؤية المصرية، فإذا أراد أن يصنع سلامًا حقيقيًا، فإنه لن يُصنع إلا عبر مصر».

وأضاف: «مصر يقودها الآن رجل فهم السياسة العالمية، وعرف كيف وأين يضع بلاده، ثم وضعها بالفعل فى المكان الذى يجب أن توضع فيه، وهو ما انعكس على موقع وموقف مصر من كل القضايا العالمية، وجعل لها دورًا أمام العالم، الذى بات يعرف أهمية الدور المصرى».

لساعة كاملة، لم يوقف محافظ غزة الحديث عن مصر، ومحبة أهل غزة لمصر، وكيف أن مصر تحركت وحذرت ولعبت دورًا عندما تحرك الفلسطينيون فى حى «الشيخ جراح» و«باب العامود»، ما جعل العالم يعترف مُرغمًا بأنه لا يمكن أن يتحقق أمن وسلام إلا بوجود مصر، ومن هنا بدأت مصر تتحرك وتؤدى أدوارًا سياسية وأمنية كبيرة جدًا.

ولم ينس «أبوالنجا» الحديث عن الدور الإنسانى الذى لعبته مصر، خاصة ما يتعلق بإعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى عن تخصيص ٥٠٠ مليون دولار من أجل إعادة إعمار غزة، قائلًا: «الشعب الفلسطينى يعرف جيدًا أن مصر ليس لديها فائض كبير من الأموال، لكن المصريين أثبتوا أنهم (يُؤثِرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)».

وواصل: «المصريون قدموا أشقاءهم الفلسطينيين على أوضاعهم، وقالوا لا بد أن نذهب إلى فلسطين.. هل يمكن أن ينسى الفلسطينيون موقف الرئيس السيسى وموقف مصر الأخير؟ الرجل يبنى دولته وينفذ مشروعات، لكن عندما شاهد غزة وما يحدث فيها، كان رجل فعل، وخصص نصف مليار دولار لإعادة إعمار القطاع.. أى رجل هذا وأى شخصية قيادية؟».

واستكمل موجهًا حديثه للمصريين: «كل أهل فلسطين يغبطونكم على هذه القيادة الحكيمة، التى تسلمت بلدًا فى وضع شديد الصعوبة، فتمكنت خلال ٧ سنوات من إحداث تغييرات وإنجازات جعلته يقدم مساعدات بنصف مليار دولار لإعادة إعمار غزة، بالإضافة إلى أطنان من المساعدات الطبية والعينية».

وشدد على أن هذه الوقفة غير المسبوقة لن تُنسى، لذا عندما سمع بها أهلنا هنا فى فلسطين خرجت المظاهرات الشعبية فى الأماكن كافة، والعالم كله عبر وسائله الإعلامية، ليرصد الحركة والفرحة التى ارتسمت على الوجوه، وترجم شعبنا ذلك عندما جاءت طلائع المصريين إلى غزة، سواء كانوا عمالًا أو مهندسين أو رجال أمن وسياسة ليقولوا للشعب الفلسطينى: «لبيكم».

٤٠ دقيقة كانت مدة لقائنا مع مسئولى العلاقات الإعلامية فى حركة «حماس»، معظمها كان تقديرًا من الحركة للدور المصرى، بداية من الناطق باسم «حماس»، حازم قاسم، الذى تحدث عن المواجهة الصعبة التى حدثت، وكيف أنهم كانوا ينتظرون أى بادرة أو إشارة تأييد من أى مكان فى العالم، قائلًا: «أى مساندة بسيطة أو حتى تغريدة كانت تشعرنا بالفرحة، فما بالك بالدور المصرى الفعال الذى تدخل بكل قوة وأنهى الحرب، ثم تدخل لإعادة الإعمار وإدخال المعدات».

ووجه «قاسم» الشكر للوفد الإعلامى المصرى على نقل صورة صمود شعب فلسطين فوق أرضه، داعيًا الوفد إلى تكرار وتوسيع زيارته لغزة، لأن أهالى القطاع لديهم ميل دائم لمصر وشعبها.

حركة «الجهاد الإسلامى» لم تختلف عن نفس الرؤية، خلال اللقاء الذى جمعنا بمسئوليها فى أحد فنادق فلسطين، وتحديدًا عضو المكتب السياسى خالد البطش، ورئيس المكتب الإعلامى داود شهاب، والقيادى محمد الحرازين، ومسئول العلاقات الإعلامية فى غزة محمد عبدالحكيم.

«البطش» قال: «منحنا كلمتنا للسيد اللواء عباس كامل، مدير المخابرات العامة المصرية، وللسادة الأفاضل فى الجهاز، وأخبرناهم بأننا مع مصر وملتزمون بما تقوله.. لم يستغرق الأمر نقاشًا بيننا، بمجرد أن تواصلنا مع الفصائل، أبلغنا القاهرة بأننا على قلب رجل واحد، وأننا نقف خلفها وسنفعل ما ستقوله».

هنا سألته: «وقوفكم خلف مصر فى صف واحد حقق مكاسب للقضية.. ما الذى يمكن أن يُحدث خللًا لها؟».. رد: «الاغتيالات التى يمكن أن تنفذها إسرائيل. هذه الاغتيالات ستحدث. قد تكون اليوم أو غدًا أو بعد شهر أو سنة. مسألة وقت، وعندما ستحدث ستنفجر الأوضاع»، مشددًا على أنه «حتى تبدأ إسرائيل فى الاغتيالات وخرق الهدنة، نحن ملتزمون لأقصى درجة بما تقوله مصر، مهما بدا من أى فصيل أو محاولات، سنظل متفقين على الوقوف خلف مصر».

وقدم «البطش» الشكر لمصر ورئيسها وشعبها، على المبادرة التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى لإعادة إعمار غزة، قائلًا: «عندما تكون الدولة كبيرة بحجم مصر، ورئيسها بحجم رئيس مصر، فلا يأتى من الكبير إلا فعل كبير».

وأضاف: «البعض توقع أن تتحرك الدول العربية الغنية التى تمتلك فوائض عن ميزانيتها تقدر بمليارات الدولارات، لكن مصر لم تنتظر وجادت بما لديها، وهو كثير جدًا، ونشكر عليه قيادات مصر التى تدرك أهمية غزة لها».

مهندس «إعادة الإعمار»: ننقل ما نفذناه من مشروعات قومية فى مصر إلى فلسطين الحبيبة وفق توجيهات القيادة

أثناء التجوال فى أحد شوارع غزة، كان المهندس عمرو عارف، المدير المسئول عن المشروعات المصرية يتابع العمل فى مبنى وزارة الأوقاف، ويمسك بهاتفين أحدهما يتابع به العمل الذى انتهى فى مبنى التنمية الاجتماعية، وآخر يتابع به حركة المعدات فى برج «هنادى».

إحدى المعدات المصرية كانت تتحرك بسهولة فوق أطلال مبنى تعرض لهجمات صاروخية. طلبت من زميلنا المصور الفلسطينى أن يقترب بـ«زووم» الكاميرا لتتضح الصورة، ارتبك المصور، فوجدت صديقى الصحفى الفلسطينى محمد البحيصى يعتذر، لأن زر «الزووم» تعرض لشظية ولا يعمل.

«البحيصى» واحد من الإعلاميين، الذى يمكنه أن يروى لك ما حدث فى غزة لحظة بلحظة دون أن ينسى تفصيلة واحدة. عاش لحظات القصف، وكان يغطى أحداثًا ويصور المناطق التى تعرضت للدمار، سألته: «هل اختلفت الحرب عن سابقتها التى عاصرتها صحفيًا؟» فقال: «هذه المرة كانت مختلفة عن الحروب الماضية، فالناس كانوا يشعرون بالخوف الشديد، لأن الاستهدافات لبيوت المدنيين كانت قوية جدًا».

أشار بيده إلى مكان به أطلال، وقال: «٤ عمارات كبيرة ستُزال بالكامل بعدما انهارت على رءوس ساكنيها وخلّفت وراءها ٤٣ شهيدًا، واستغرقت السلطات الفلسطينية ٣ أيام لاستخراج الشهداء من تحت الأنقاض، الضرب استهدف مناطق مدنية وكلها حياة، من محال تجارية ومطاعم ومتنزهات، وفى برج الشروق كان لى مكتب، وكانت به جريدة (الحياة) ومقهى ومحلات ملابس ومكاتب محامين، كلها انهارت بعدما تعرضت للقصف».

وأضاف: «كنا فى انتظار الهدنة منذ أول أيام العدوان الإسرائيلى، وكنا نتعشم خيرًا فى الشعب المصرى والمخابرات المصرية، ونشعر بأنهم الوحيدون الموجودون فى الصورة من أجل وقف العدوان».

وشدد على أن تدخل المصريين فى إعادة الإعمار كان عظيمًا جدًا، مضيفًا: «الناس فى الشارع يشعرون بالسعادة بسبب عطاء الرئيس عبدالفتاح السيسى، فقد خصص نصف مليار دولار لإعادة إعمار غزة، كما وجه بدخول المعدات الهندسية والعمال المصريين بعد أيام قليلة من انتهاء العدوان».

نعود إلى المهندس عمرو عارف، مدير المشروعات المسئول عن تنفيذ عمليات إعادة الإعمار فى غزة، الذى أينما نتحرك نجده أمامنا، يتابع ويعطى تعليمات ويوجه المهندسين والعمال، ويبلغ القاهرة بكل التفاصيل التى تمت.

وقال «عارف»: «القاهرة لا تريد أى كلام أو أى شىء يعطل.. فقط أفعالًا على أرض الواقع.. ربما لهذا كانت باكورة الأفعال هى إزالة آثار العدوان عن أكبر المبانى المنهارة، خلال ٧٢ ساعة فقط، رغم صعوبة العمل فيه بسبب معاناة المبنى من أضرار جسيمة.. التحدى الكبير كان أننا ننزل جزءًا من المبنى ونترك الجزء الباقى الذى لم يحدث له أى ضرر، وتعاملنا مع الوضع بشكل احترافى».

ووصف استقبال الفلسطينيين للمهندسين والعمال المصريين بالرائع، قائلًا: «الواحد محسش إنه طلع بره بلده، الأطفال استقبلونا بالأعلام وصور الرئيس السيسى، والجميع شكرونا على المساعدات المصرية».

حتى كتابة هذه السطور كانت قوة العمل المصرية هناك نحو ٢٠ مهندسًا و٢٠ مشرفًا و٥١ معدة هندسية زادت تباعًا، حتى بلغ عددها ٦٠ معدة.

أجمل ما قاله المهندس عمرو عارف كان تأكيده أن كل المصريين الذين يعملون فى غزة شاركوا فى المشروعات القومية لمصر، لذا فإن الفلسطينيين الذين شاهدوا ما يحدث على أرض مصر من خلال شاشات التليفزيون، الآن يشاهدون الأمر ذاته على أرض غزة.