رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حوار بين جيلين

نورا ناجى: لم أخطط للكتابة والأمر جاء بالصدفة

نورا ناجي وعادل عصمت
نورا ناجي وعادل عصمت

صاحبة "بانا"، و"الجدار"، و"بنات الباشا"، و"أطياف كاميليا"، و"الكاتبات والوحدة"، فهى واحدة من أبرز الأسماء في جيلها، بجانب احترافها كتابة الرواية، ونافست أعمالها الروائية على العديد من الجوائز الابداعية، فقد وصلت بروايتها بنات الباشا الى القائمة القصيرة لجائزة ساويرس.

كما نافست نورا برواية أطياف كاميليا لتكون في القائمة القصيرة في دورتها الـ16، حصلت على جائزة يحيى حقي في دورتها الأولي، والمتابع لكتابات نورا ناجي يشهد لها بكتابة مغايرة ومختلفة حققت عبرها الوصول للقراء من مختلف الأطياف.

في هذه الحلقة من حوار بين جيلين يسأل الروائي عادل عصمت نورا ناجي عن البدايات وعن تأثير الروائي أحمد خالد توفيق وماذا تعلمت منه.   

هل يمكن أن تحكي لنا قصتك مع الكتابة، حدثينا عن البدايات وكيف تطور الأمر معك، وإلى أين تريدين أن تصلي في الكتابة؟

كنت صغيرة جداً عندما أدركت أن ثمّة ما يميز مواضيع التعبير التي أكتبها في المدرسة، وكنت خيالية أيضاً، أعيش في عالم غامض وأحب أن لا أحدا يعرفه غيري. كنت وحيدة لذلك كنت أتخيل أصدقاء خياليين، وأماكن جميلة. كتبت قصصاً ورسمتها وووزعتها لأصدقائي في المدرسة ليقرأوها، كنت في الصف الخامس الابتدائي، ولم يصدق أحد أنني من كتب هذه القصص، وقتها شعرت بأهمية ما، شعرت بأهمية الكتابة وأنها ما يسعدني.

طوال عمري وأنا  أكتب، ربما لم أكن أخطط لامتهان الكتابة لكن الأمر كله جاء بالصدفة وبتراكم المشاعر والخبرات والقراءات والملاحظات، في لحظة ما عام 2014 شعرت أني أملك شيئاً لأقوله، وكتبت رواية الجدار، ثم توالت الروايات.

أريد أن لا أصل، أريد أن أستمر في الكتابة للأبد، الوصول يعني ربما الانتهاء أو التوقف أو الامتلاء وهذا ما لا أريده.

-أعرف مدى تقديرك وحبك لـ أحمد خالد توفيق ماذا تعلمت منه، وكيف ترين أعماله الروائية وماهي أفضل رواية له من وجهة نظرك؟

تعلمت عدم التوقف عن التعلم، هذه كانت نصيحته الدائمة أن نواصل التعلم وأن نستمد الثقافة من مصادر عدة ليس من القراءة فقط، وتعلمت أيضا أن لا شيء ثابت، الحياة متحركة ويمكن أن أعود في قراراتي أو اختياراتي وتصحيحها ولو بعد حين. تعلمت أن المتعة ضمن أهداف القراءة، السلاسة أجمل من التعقيد. والأفكار البسيطة أجمل من الأفكار المربكة الخاوية من المعنى.

أفضل رواية له السنجة، أعتقد أنه تحرر فيها من الكثير مما كان يقيده، ربما صدمة القراء من جرأته جعلته يتراجع قليلاً بعد ذلك، ويعود لمنطقته الآمنة، لكني أحب فيها وصفه للناس المهمشين وتعمقه في معاناتهم بشكل أو بآخر.

أين تضعي روايات أحمد خالد توفيق في خارطة الرواية المصرية؟

كل مبدع له مكانه الخاص، لا يمكن أن أحدد بدقة، لكني ربما أضعها كما وضعها هو في بداية الطريق لأي قارئ، هو توجه إلى الناشئة وتولى مسئولية مرحلة الإعداد، وكان يطالب قراءه دائماً باستكمال المهمة والبحث والقراءة، هو نفسه لم يتوقف عن القراءة والتعلم ليوم وفاته، وبالنسبة للروايات المنفصلة عن سلاسل الجيب، اعتقد أنه كان يملك أفكاراً أكبر لما هو قادم، ما صدر اعتبره مرحلة انتقالية لأدب الناشئة والأدب، كان يأخذ كل شيء بخطوات محسوبة ويؤمن بالتدرج وهو شيء حكيم لكن الموت لم يدعه يكمل خطواته للأسف.

-ما هو الفرق من وجهة نظرك بين الرواية الفنية والرواية الرائجة أو روايات التسلية والمعلومات، وإلى أي منهما تميلين؟

أنا اقرأ النوعين على حسب مزاجي او وقت فراغي، أحياناً أكون مرهقة من العمل والأفكار والمسئوليات أو أشعر بملل من الحياة بشكل عام وأحب قراءة رواية لطيفة وخفيفة تشبه الفيلم مثل روايات غيوم ميسو ولا أرى في هذا عيباً، هذه رواية رائجة مسلية ولكنها ليست أدبية ولا تضيف لي أي شيء سوى لحظات ممتعة.

وفي نفس الوقت أفرغ وقتاً مخصوصاً للروايات الفنية التي تجعلني اتسائل عن حقيقة العالم، أحب فكرة طرح الأسئلة أو كشف تفاصيل خفية لم أتخيلها أو أفكر فيها، أو أن تدفعني رواية لإعادة النظر أو فهم الإنسان. أحياناً بعد قراءة رواية فنية أتذكر مواقف حدثت من الماضي ويبدو أنني أعيد فهمها أو تقبلها،أسامح من أذوني أو أكتشف زيف البعض وأعيد ترتيب أولوياتي أو أعيد التفكير في بعض اختياراتي..

-ماهي مواصفات الرواية الجيدة من وجهة نظرك؟

لو بدأنا من الأساسيات سأقول الرواية ذات الأسلوب الجيد البعيد عن الركاكة، سلس وبعيد عن الفذلكة، فكرتها واضحة، تحملني لعالم جديد استكشفه، سواء كان داخل نفس الإنسان أو لمكان مختلف عن العالم، رواية ترصد الزمن وتثير الأسئلة، رواية حتى تتماس مع حياتي ومع حياة الناس، أحب الكتابة الصادقة الخارجة من قلب من يكتب، أحب أن يتمكن الكاتب من أن يقنعني بأن هذه حكايتي، وبأنني أعرف شخصياتها وربما قابلتهم في وقت ما، أحب الروايات التي تجعلني خفيفة وربما شفافة، أتحول إلى قارئة للأفكار، تمنحني قدرة ما خارقة، وأحياناً تجعلني بعض الروايات أكثر هدوءاً ونضجاً، الرواية الجيدة تساهم في تشكيلي وتعاملي مع الحياة وفهمي لها حتى الحياة اليومية وتفاصيلها العادية البعيدة عن الفن.

- حدثينا عن طريقتك في العمل، كيف تبدأين التفكير في الرواية، وما الذي يجذبك إلى مشروع معين وما هي مراحل المعالجة باختصار حديثنا عن طريقتك في العمل؟

تأتيني الفكرة من أمور صغيرة، ربما مشهد في الشارع أو حادث في الجريدة أو حكاية تحكيها أمي أو خالتي في جلسة عائلية، أعرف أنني بصدد الوصول إلى فكرة عندما لا تفارق الحكاية أو الحادثة أو المشهد رأسي، أفكر كثيراً في كل شيء، الفضول يدفعني للتفكير فيما حدث قبل وبعد هذه الحكاية، ومن هنا يبدأ كل شيء.

بعدها أقضي وقتاً طويلاً في التفكير، لا أبدأ الكتابة الفعلية إلا بعد تأمل طويل في سقف الحجرة وفي السماء وفي الفراغ، ويبدو أنني أكتب في ذهني أولاً ثم أبدأ الكتابة. أحب وضع بروفيلات للشخصيات، أحاورهم وأصادقهم وأنشيء معهم علاقات قوية، وأحياناً أتقمصهم وأفكر مثلهم وأشعر مثلهم. ثم تنتهي كتابة  الدفقات الأولى، الحكاية الخام، وأبدأ بعدها في معالجتها وتحريرها والإضافة إليها.