رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«العرب البريطانية» عن شهادة «يعقوب»: مواجهة علنية أحدثت صدمة في الأوساط السلفية

الشيخ محمد حسين يعقوب
الشيخ محمد حسين يعقوب

قالت صحيفة العرب البريطانية أنه بعد استدعاء أهم قطبين سلفيين في العقد الأخير، وهما الداعية محمد حسين يعقوب والداعية محمد حسان للمحكمة من أجل سؤالهما عن علاقتهما بأحد أخطر التنظيمات الإرهابية، فإن اعترافات محمد حسين يعقوب، الأخيرة أمام القضاء والذي برأ فيها نفسه من الانتماء إلى السلفيين حطمت آمال إخوان مصر.

و أوضحت أحدثت اعترافات يعقوب صدمة داخل التيار السلفي وأنصاره، حيث أنكر الرجل انتمائه للسلفية، برغم عضويته لسنوات طويلة بمجلس شورى علماء الجماعة، وهو أحد أبرز أقطابها الذين جرى توظيفهم لتغذية المجتمع بالأفكار المتشددة.

وتابعت الصحيفة لقد امتثل الأول للمحكمة وأدلى بشهادة مثيرة أمامها الثلاثاء، ومن حيث أراد تبرئة نفسه أدانها، واعترف بأن تعليمه محدود وتراجع عن غالبية فتاواه، وأضافت أن محامي المتهمين أكثر ذكاء عندما طلب من المحكمة استدعاء يعقوب وحسان، باعتبارهما السبب الرئيسي في زرع الأفكار التكفيرية في عقول أعضاء الخلية الإرهابية على مدى سنوات طويلة من خلال الخطب والفتاوى التي يقومان ببثها على فضائيات ومواقع إلكترونية حول الجهاد وتكفير الأقباط والخلافة الإسلامية.

- التهم الموجهة للمتهمين في القضية

ويواجه المتهمون في الخلية التي تسمى بـ”داعش إمبابة” تهما كثيرة، بينها إنشاء جماعة إرهابية بغرض الدعوة للإخلال بالنظام العام، وتعريض سلامة المجتمع ومصالحه وأمنه للخطر، وممارسة العنف والترهيب والاعتداء على الحريات الشخصية والعامة، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي والأمن القومي، والدعوة للتكفير.

ويمثل استدعاء يعقوب ومواجهته محاكمة علنية للفكر السلفي الذي طالما اعتمد شيوخه وقادته على إصدار فتاوى متشددة، وسّعت دائرة التكفير داخل المجتمع بعدما عمدوا على مدار سنوات للتسلل إلى الناس بخطب كرّست التحريم و شرعنت القتل.

وتابعت الصحيف، السلفيون رغم كونهم من التيارات التي تميل إلى نشر الفكر أكثر من إنشاء تنظيم مثل الإخوان المسلمين، إلا أنهم اعتادوا التعامل بدهاء في سبيل نشر النهج التكفيري الذي يؤمنون به، وتراهم لا يروجون للعنف بشكل مباشر، لكنهم يحرضون عليه علانية، ويكفّرون الأقباط، من دون مطالبة صريحة بهدم كنائسهم أو سفك دمائهم علانية.

وأكدت الصحيفة أن أزمة الكثير من الشباب وأرباب الأسر، أنهم تعاملوا مع رؤوس السلفية في مصر باعتبارهم أمراء وليسوا شيوخا، طاعتهم واجبة وأوامرهم نافذة وفتاواهم مقدسة. 

 

وأضافت الصحيفة تعد المواجهة التي حدثت في المحكمة، مواجهة تكفيريين بشكل مباشر وعلني مع الدعاة الذين زرعوا في عقولهم الأفكار التكفيرية، سابقة أولى من نوعها يمكن الاستفادة منها، على الأقل لإقناع الناس بأن شيوخ السلفية ليسوا ملائكة، فالجلباب الأبيض واللحى الطويلة والأسلوب العاطفي هي ستار يتخفى وراءه متهمون بنشر التشدد والعقيدة الجاهلية وترهيب أصحاب الديانات الأخرى والتحريض على العنف وضرب الاستقرار باسم الشريعة.

- منهج السلفيين في التسعينيات لنشر أفكارهم

واعتمد شيوخ السلفية في تسعينات القرن الماضي على نشر الخطب الرنانة عبر أشرطة الكاسيت، وتسللوا تدريجيا إلى شبكة الإنترنت، ومنها إلى القنوات الدينية التي كانت منتشرة على نطاق واسع في ذروة التوترات السياسية التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011، حتى بدايات عام 2014، ونجحوا في الوصول بفتاواهم المتطرفة لأكبر قاعدة مجتمعية في مصر من خلال الشاشات.

- الأزمة في الأفكار التي ترسخت في عقول الناس على مدار سنوات طويلة

ويرى متخصصون في شؤون الجماعات المتطرفة أن المعضلة ليست في تراجع رؤوس التيار السلفي عن فتاواهم المتشددة التي كانت أساس قيام تنظيمات جهادية متطرفة، بل في الأفكار التي ترسخت في عقول الناس على مدار سنوات طويلة مضت، وصار يصعب تغييرها بسهولة، لأن السلفية سوف تصدر لكل فئات المجتمع.

ورأى منير أديب الباحث المتخصص في شؤون التنظيمات المتشددة أن الفكر السلفي هو الأخطر على الساحة من جماعة الإخوان، لأن السلفية بطبيعتها قائمة على الفكرة، وهو ما يصعب مواجهته وتفكيكه، وجميع التنظيمات الجهادية التي تمارس العنف والتطرف والترهيب تأسست على نهج أقطاب سلفية ومارست مهمة الترويج للعنف بالفتاوى التكفيرية.

وأوضح لـ”العرب” أن استدعاء يعقوب (وحسان) إلى المحكمة لمناقشته في أفكاره المتطرفة قد يكون نقطة مفصلية في علاقة الحكومة بالسلفيين، وهذه خطوة يمكن توظيفها لشن ضربات متلاحقة تستهدف دعاة التشدد وشيوخ التطرف الذين يشرعنون كل تصرف يقوم به الإرهابيون ويقدمون لهم المبررات الدينية الكافية.

ولفت إلى أن السلفيين بطبيعتهم لا يدعون إلى العنف، بل للكراهية، ليتولد بعدها التكفير ويقود إلى الإرهاب، وهناك علاقة وثيقة بين الأقطاب السلفية والتنظيمات الجهادية، بدليل أن الجماعة الإسلامية المسلحة من أشد التيارات التي تؤمن بالفكر السلفي وتطبقه وتتعامل معه باعتباره الوقود الذي يغذي عناصرها بالجهاد والتكفير.

- اعتراف علني بفشل مشروع السلفيين في مصر

وقال أحمد سلطان الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة إن شهادة يعقوب “اعتراف علني بفشل مشروع السلفيين في مصر، بعدما نجح لفترة خلال حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وأتيحت له فرصة الانتشار بالمساجد، لكنه كشف زيف هذا التيار وقام بتعريته وأثبت أنه ليس مؤهلا لأن يكون وصيا على الفتوى”.

وأضاف "سلطان" أن يعقوب ضرب الفكرة التي تأسست عليها السلفية بعد اعترافه بأن قادة وشيوخ وعلماء التيار ليسوا علماء ولا رجال دين، وهو ما يخدم مصالح الدولة لعمل تصحيح شامل للأفكار والمفاهيم يسهل مهمتها في تجديد الخطاب الديني ولا يدخلها في صدام مع السلفيين بعدما فضحوا أنفسهم بأنفسهم.

فيما أكد سامح عيد الباحث والمتخصص في شؤون الإسلام السياسي أن تطهير مصر من الفكر السلفي يتطلب إرغام رؤوس وأقطاب هذا التنظيم على الاعتذار عن فتاواهم السابقة مع تحديد القضايا التي شوهوا فيها عقول الناس كمدخل لمراجعة المجتمع نفسه للأفكار التي جرت زراعتها في مخيلة أفراده على أيدي هؤلاء، لأن من تسبب في الشرخ عليه إصلاحه.

وأشار إلى أن يعقوب وحسان على وجه الخصوص سبق لهما الاعتذار عن التسرع في إصدار فتاوى وحسم قضايا دينية جدلية، دون الاستناد إلى القرآن والأحاديث، وكان رأيهما سابقا لما أقره الإسلام، وجرى ظُلم الناس ودفعهم إلى طريق خاطئ، لكنهما لم يحددا ما هذه الفتاوى وأيّ الآراء التي أصدراها وحملت أفكارا متشددة لإقناع المؤمنين بها أنهم على خطأ ويعتنقون وجهات نظر تكفيرية، لوثوقهم في شخصيات ارتدت الجلباب الأبيض وأطلقت اللحى وقدمت نفسها باعتبارها حاملة للدين الحقيقي، مع أنهم شوهوا الإسلام.