رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مع اقتراب معرض القاهرة الدولي.. متى تنتهي جرائم النشر وتزوير الكتب؟

النشر
النشر

ينطلق معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الحالية يوم 30 يونيو الجاري، بعد تأجيل استمر ستة أشهر  عن موعده الرسمي، في شهر يناير من كل عام، تأثرا بجائحة كورونا، المسألة التي تضررت منها صناعة النشر بشكل ألحق خسائر كبيرة بدور النشر والعديد من مكتبات بيع الكتاب.

ورغم ضخامة تلك الخسائر فإن الخطر الأكبر الذي تواجهه الصناعة منذ سنوات هو انتشار الكتاب المزور.

ويشكو متابعون ومراقبون باستمرار من تضخم عملية تزوير الكتب، والعلامات التجارية لدور النشر العربية والأجنبية في مصر والمنطقة العربية عموما، مثل بيروت والأردن ودول شمال أفريقيا والسودان، منوهين إلى أنّ الخطورة الأكبر تكمن في تزوير العلامات التجارية، في انتهاك واضح لحقوق الملكية الفكرية، والذي قد يؤدي إلى فرض عقوبات من خلال المنظمات الدولية المختصة.

أزمة الكتاب المزور انتبه لها اتحاد الناشرين المصريين مبكرا، وسعى لوضع حلول لها تحديدا عقب أحداث يناير 2011، وانتشار انتهاك حقوق الملكية الفكرية.

وفي الثامن عشر من أبريل 2012، عقد اتحاد الناشرين المصريين اجتماعاً؛ لبحث سبل وقنوات مواجهة مشكلة تزوير الكتب في مصر، ونتج عن الاجتماع إقامة مؤتمر في الثاني من أيار (مايو) 2012، شاركت فيه أغلب المؤسسات الحكومية والخاصة المهتمة بصناعة الكتاب، لوضع ضوابط تحافظ على حقوق المؤلف والمؤسسات العاملة في مجال النشر.

قبل المؤتمر بأيام أرسل اتحاد الناشرين المصريين خطاباً إلى النائب العام حمل رقم (268)، والمؤرخ بـ 24 نيسان (إبريل) 2012 بشأن تفشي ظاهرة تزوير الكتب والتعدي على حماية حقوق الملكية الفكرية، وذلك بالاعتداء على حقوق النشر والتأليف، بشكل لم يسبق له مثيل من قبل، مما يشكل خطراً حقيقياً على مستقبل الثقافة والنشر بحسب ما ورد في الخطاب.

رداً على ذلك، أصدر النائب العام في ذلك الوقت، طلعت إبراهيم عبد الله، كتاباً دورياً رقم (12) لسنة 2012، متضمنا التعليمات التي يجب على أعضاء النيابة اتباعها ومراعاتها في هذا الشأن. وجاء في بنود ذلك الكتاب: "يجب على أعضاء النيابة أن يأمروا بطلب صحف الحالة الجنائية للمتهمين، في جرائم الاعتداء على حقوق المؤلف وتقليد وتزوير العلامات التجارية، قبل التصرف فيها بتقديمهم للمحاكمة الجنائية". وتقضي المادة 113 من قانون حماية الملكية الفكرية وحقوق المؤلف رقم 82 لسنة 2002، بالسجن والغرامة، في التعدي على العلامات التجارية لآخريين.

بدأت رحلة معاناة السوق المصري مع انتهاك حقوق الملكية الفكرية أواخر التسعينيات من القرن الماضي، حين تقدم أحد الناشرين في مصر إلى مناقصة لتزويد الكتب لإحدى الجهات الحكومية في ليبيا، وقدم لهم نسخاً مزورةً من كتابين للدكتور محمود شلتوت، الأول: كتاب "الاسلام عقيدة وشريعة"، والثاني: كتاب "من توجيهات الاسلام"، دون الحصول على إذن من الناشر الأصلي صاحب الحقوق.

ومع ضعف الوضع الأمني في القاهرة قبل ثورة 30 يونيو 2013، أصبح أباطرة تزوير الكتاب في مصر معروفين بالاسم، ذلك إلى جانب ضعف العقوبات المقررة، في قانون حقوق المؤلف والملكية الفكرية.

وتسعى وزارة الثقافة المصرية، بالتعاون مع الجهات المعنية لتحجيم عملية تزوير الكتاب في القاهرة، بعد أن أصبح يُنظر إلى مصر باعتبارها "المصدّر الأول للكتاب المزور عربياً، خصوصاً دول شمال أفريقيا والسودان".

من المعروف أن القوانين التي تنظم مسألة النشر وحماية الملكية الفكريّة قد صدرت منذ فترة زمنية بعيدة، مثل قانون اتحاد الناشرين الصادر برقم 25 لسنة 1965، وقانون حماية الملكية الفكرية الصادر برقم 82 لسنة 2002. وهذان القانونان يتناولان - بشكل مباشر - مسألة النشر وحقوق المؤلف والناشر في مصر. ومع التطور الرقمي الهائل، وأساليب التزوير المتعدِّدَة والمُستحدثة، يحتاج هذان القانونان إلى تعديلات كثيرة، منها إعادة التعريفات المفترضة للمصنفات الفنية الجديرة بالحماية المدنية والجنائية، في ظل أشكال النشر والتوزيع الحديثة والرقمية، وتوسعة مفهوم النشر وقواعد ضماناته في مظلة هذه القوانين الوضعية، ولا سيما إدراج جوهر وغاية المواد المعدلة أو المنشأة في بنود اللائحة التنفيذية للقانون، والتي تتكفل برسم الطريق القانوني اللازم لضبط الجريمة بشكل إجرائي سليم. وجديرٌ بالذكر أن هناك مساعي تشريعية من جانب اتحاد الناشرين والمجلس الأعلى للثقافة في البرلمان، لتعديل بعض مواد الكتاب الثالث من القانون ٨٢ لسنة ٢٠٠٢؛ لتلافي بعض المشكلات القائمة بخصوص الملكية الفكرية والنشر. 

في هذا السياق، يرى القاضي، ورئيس المحكمة الاقتصادية والمستشار بوزارة العدل، حسام العادلي، أن أهم ما يجب التعويل عليه وأخذه في الاعتبار في مواجهة انتهاك حقوق الملكية الفكرية هو إضافة مادة للقانون، تقضي بمنح صفة الضبطية القضائية للهيئة العامة للكتاب ووزارة الثقافة؛ لظبط جرائم النشر وتزوير الكتب، سواءً كانت الورقية أو على شبكة الإنترنت؛ للتمكن من ضبط الجريمة، بشكل مباشر وقانوني تختفي منه الثغرات القانونية، بما يُضحى معه الدليل الجنائي والفني كافيًا لتقديم المُتهم إلى المحاكمة الجنائية، والحصول على أحكام رادعة متي قُدمت القضايا إلى المحكمة، مع تغليظ العقوبات الأصلية والتكميلية بشأن جرائم النشر وتزوير الكتب، باعتبارها في الأساس من المهام التي يقتضيها الأمن القومي وضمن أولوياته.

يضيف حسام العادلي لـ "الدستور":"كذلك تشديد عقوبات الاشتغال في صناعة النشر بدون ترخيص، أو بما يتعارض مع السياسة العامة للدولة. (الضبطية القضائية هي الصفة القانونية التي يمنحها وزير العدل –بصفته - لبعض الموظفين العموميّين لضبط نوع معين من الجرائم)".

ويؤكد حسام العادلي على ضرورة تنقيذ تعديلات في القوانين المتعلقة بصناعة النشر وحقوق الملكية الفكرية:"منها إعادة التعريفات المفترضة للمصنفات الفنية الجديرة بالحماية المدنية والجنائية، في ظل أشكال النشر والتوزيع الحديثة والرقمية، وتوسعة مفهوم النشر وقواعد ضماناته في مظلة هذه القوانين الوضعية، ولا سيما إدراج جوهر وغاية المواد المعدلة أو المنشأة في بنود اللائحة التنفيذية للقانون، والتي تتكفل برسم الطريق القانوني اللازم لضبط الجريمة بشكل إجرائي سليم. وجديرٌ بالذكر أن هناك مساعي تشريعية من جانب اتحاد الناشرين والمجلس الأعلى للثقافة في البرلمان، لتعديل بعض مواد الكتاب الثالث من القانون ٨٢ لسنة ٢٠٠٢؛ لتلافي بعض المشكلات القائمة بخصوص الملكية الفكرية والنشر".