رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السد الإثيوبى.. عد تنازلى

جامعة الدول العربية أعلنت، السبت الماضى، عن انعقاد اجتماع وزارى طارئ، غدًا الثلاثاء، فى دويلة قطر، الرئيس الحالى لمجلس الجامعة، لبحث قضية السد الإثيوبى. واليوم، الإثنين، تنعقد جلسة مشاورات على مستوى المندوبين، فى مقر الأمانة العامة للجامعة، بالقاهرة، ستنتهى، غالبًا، بقرار مماثل للقرارات السابقة، الداعمة لمصر والسودان، والرافضة لأى مساس بحقوقهما التاريخية فى مياه النيل، والمحذرة من تداعيات أى إجراءات أحادية تتخذها إثيوبيا.

هناك، أيضًا، لجنة شكلتها الجامعة العربية، من السعودية، العراق، الأردن والمغرب، تجرى اتصالات مع الدول الأعضاء فى مجلس الأمن، لدعم مصر والسودان فى قضية السد الإثيوبى. ومساء الجمعة الماضى، وجه سامح شكرى، وزير الخارجية، خطابًا إلى رئيس المجلس شرح فيه مستجدات هذا الملف، انطلاقًا من مسئولية مجلس الأمن، وفق ميثاق الأمم المتحدة، عن حفظ الأمن والسلم الدوليين. كما تم إيداع ملف متكامل لدى المجلس حول القضية ورؤية مصر إزاءها، ليكون مرجعًا للمجتمع الدولى ولتوثيق المواقف البناءة والمسئولة التى اتخذتها مصر، على مدار عقد كامل من المفاوضات، للتوصل إلى اتفاق يراعى مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوقها.

خطاب وزير الخارجية، الذى تم تعميمه كمستند رسمى لمجلس الأمن، يكشف للمجتمع الدولى حقيقة المواقف الإثيوبية المتعنتة، التى أفشلت المساعى المبذولة من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن وملزم قانونًا. كما تضمن تسجيل اعتراض مصر على ما أعلنته إثيوبيا حول نيتها الاستمرار فى ملء سد النهضة خلال موسم الفيضان المقبل. وأعرب عن رفض مصر التام للنهج الإثيوبى القائم على السعى لفرض الأمر الواقع على دولتى المصب من خلال إجراءات وخطوات أحادية، تعد بمثابة مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولى واجبة التطبيق.

مثلك، ومثل ملايين المصريين والسودانيين، وربما الإثيوبيين، أراد أنطونيو جوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، معرفة آخر مستجدات ملف السد الإثيوبى، فأجرى اتصالًا تليفونيًا بسامح شكرى، وزير الخارجية، الخميس الماضى، الذى أطلعه على حقيقة ما آلت إليه التطورات الأخيرة من عدم تحقيق أى تقدم، وأعرب عن تطلعه لاستمرار التنسيق والتشاور بين مصر والأمم المتحدة، بشأن القضايا الإقليمية والدولية تحقيقًا للأمن والاستقرار. كما شدد على ضرورة مساهمة الأطراف الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، من خلال مجلس الأمن، فى دفع إثيوبيا إلى الانخراط بجدية، وبإرادة سياسية صادقة، فى المفاوضات.

تتمسك مصر والسودان بالتوصل، أولًا: إلى اتفاق يحافظ على منشآتهما المائية، ويضمن استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه النيل. وبعد أن وصلت المفاوضات، التى رعاها الاتحاد الإفريقى إلى طريق مسدود بسبب التعنت الإثيوبى، توافقت رؤى البلدين حول ضرورة تنسيق الجهود على الأصعدة الإقليمية والقارية والدولية، لحماية الأمن والسلم والاستقرار فى المنطقة. وبمنتهى الوضوح قال الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى ٣٠ مارس الماضى، إن «مياه النيل خط أحمر»، وحذر من خطورة أى مساس بحصة مصر من مياه النيل على استقرار المنطقة بالكامل.

تأسيسًا على ذلك، دعت مصر والسودان، مجددًا، المجتمع الدولى إلى التدخل النشط، لدرء المخاطر المتصلة باستمرار إثيوبيا فى انتهاج سياستها القائمة على السعى لفرض الأمر الواقع، وحذرا من «المخاطر الجدية والآثار الوخيمة» المترتبة على الملء الأحادى لسد النهضة، بعد اجتماع استضافته الخرطوم، الأربعاء الماضى، لوزراء الخارجية والرى فى البلدين، بمشاركة خبراء فنيين وقانونيين، تركزت فيه المشاورات حول تطورات ملف السد الإثيوبى.

السعودية، كما أشرنا، عضو اللجنة التى شكلتها الجامعة العربية، للتواصل مع الدول الأعضاء فى مجلس الأمن، بشأن قضية السد. والرؤى المتوافقة بين مصر والسعودية حول القضايا الإقليمية والدولية، محل الاهتمام المشترك، جرى تأكيدها، الجمعة الماضى، فى لقاء ودى بين الرئيس السيسى ومحمد بن سلمان، ولى عهد المملكة، فى مدينة شرم الشيخ. وأمس الأول، السبت، زار أحمد قطان، وزير الدولة السعودى للشئون الإفريقية، إثيوبيا والتقى رئيس وزرائها، أبى أحمد. 

الوزير السعودى، الذى كان سفير بلاده لدى القاهرة، لأكثر من سبع سنوات، كان قد بدأ الأحد الماضى، جولة إفريقية شملت جنوب السودان ورواندا وبوروندى وسيشيل. وفى ١٧ فبراير الماضى، قال قطان بعد لقائه عبدالله حمدوك، رئيس الوزراء السودانى، فى الخرطوم، إن بلاده تقف بقوة مع الأمن المائى للدول العربية. وكشف عن عقده لقاءات سابقة، بتوجيهات من الملك سلمان بن عبدالعزيز، مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأبى أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبى، وأكد أن بلاده «ستواصل المساعى الحميدة لإنهاء هذا الملف الهام والشائك».

.. وتبقى الإشارة إلى أن آخر جولات المفاوضات بشأن السد الإثيوبى، جرت فى أبريل الماضى، واستضافتها الكونغو الديمقراطية، الرئيس الحالى للاتحاد الإفريقى، إلا أنها فشلت فى تحقيق أى تقدم، بسبب تعنت أديس أبابا وتعمدها إفشال المفاوضات، كعادتها طوال السنوات الماضية.