رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«جوازة بـ2 مليون جنيه.. ليه؟»: «الدستور» ترصد مبادرات أهلية لتيسير الزواج

الزواج
الزواج

بعد أن أثار المنشور الذي انتشر كالنار في الهشيم مواقع التواصل الاجتماعي عن القائمة التي ذكر فيها والد عروس "من يؤتمن عن العرض لا يسأل عن المال" كان هناك في الوقت نفسه وقبله بكثير العديد من المبادرات التي قام بها الكثير من الشباب والشخصيات في عدة محافظات لمحاولة التحفيز على عدم المغالاة في أمور الزفاف ومتطلبات الزواج من أجل بناء أسرة سليمة وليس الاعتماد على المظاهر في تكوينها.

"الدستور" تعرض عدة مبادرات انطلقت في أكثر من محافظة لمحاربة الغلاء في تجهيزات الزفاف والمهور.

مبادرة "البدرشين" للحد من تكاليف الزواج

الجوازة بـ2 مليون والشباب أصبحوا يخشون التورط .. أطلقنا المبادرة عبر فيسبوك وتناقلتها المساجد لتصل لكل السكان

تصل تكاليف الزواج في قرية المرازيق التابعة لمركز البدرشين بمحافظة الجيزة إلى ما يقرب من نصف مليون جنيه وقد تصل لـ2 مليون حسب طبيعة العائلات هناك، وهو ما اضطر سامح ميري من شباب القرية لإطلاق مبادرة للحد من تكاليف الزواج المبالغ فيها، ولاقت مبادرته دعمًا شديدًا من سكان القرية خلال أيام قليلة من إطلاقها.

وقال سامح ميري "ناقشت فكرة عدم المغالاة في تكاليف الزواج عبر الصفحة الرسمية للقرية على فيسبوك في فيديو تفاعلي  نتحدث فيه دائمًا عن المشكلات التي تواجه القرية والظواهر الاجتماعية التي تحتاج إلى تغيير، وكان منها ارتفاع تكاليف الزواج التي أصبحت عقبة أمام بعض الشباب وارتفعت معها نسبة العنوسة".

سامح ميري

وتابع "تواصلت مع أحد كبار علماء الدين في القرية وظهر في الفيديو الداعي للمبادرة وبدأ يتحدث مع المواطنين عن حرمة التكاليف المبالغ فيها وأن الاقتصاد يحيط الزيجة بالبركة، وأهمية ستر المسلمين بالزواج"، مشيرًا "لاقى الفيديو تفاعل شديد مع سكان القرية، وبدأ الحديث عن المبادرة في كل مساجد القرية لتصل المبادرة لكل الأسر لضمان تنفيذها.

عادات الزواج في قرية المرازيق مبالغ فيها كما أشار سامح فتتحمل الأسر فوق طاقتها لتجهيز المنزل ويضطر أغلبهم للاستلاف والتقسيط لتجهيز الشقة بأجهزة لا يحتاج لها بيت الزوجية لسنوات وظهرت مع هذه العادات ظاهرة الغارمات اللاتي يسجن بسبب عدم قدرتهن على تسديد مصاريف الزواج، فتصل ثمن الأجهزة الكهربائية وحدها لـ100 ألف جنيه حيث تشتري العروس من كل جهاز اثنين، ويصل سعر قائمة المنقولات لنص مليون وأحيانًا 2 مليون حسب قدرة أهل العروسة، مما جعل بعض الشباب يعزف عن الزواج خشية مصاريفه.

وأكد أن ترحيب سكان القرية بمبادرة الحد من تكاليف الزواج والتزامهم بها خلال الفترة القادمة سيقلل من العنوسة، وسيكون لدى الشباب القدرة على الزواج في سن مناسبة ولمما يقضي بالتبعية على ظواهر اجتماعية غريبة أصبحت تنتشر في بلداننا.

 

قائمة ثابتة بتكاليف الزواج في الغربية

صاحب المبادرة: وضعنا شكل محدد لقائمة المنقولات.. ونجهز دروس وخطب دينية لتوعية سكان القرية بأهمية البعد عن المغالاة

 

"منذ شهور طويلة حاول محمد الحجار بمساعدة بعض شباب قرية أبو حمر التابعة لمركز بسيون محافظة الغربية التفكير في حل لتكاليف الزواج المبالغ فيها في قريته والتي تصل سعر قائمة المنقولات فيها لـ400 ألف جنيه، بالإضافة إلى تكاليف نقل الأثاث والذي يصحبة فرقه موسيقية وعزومات تصل لعدة آلاف من الجنيهات، فأطلق مبادرة لوضع شكل ثابت لقائمة المنقولات بالإضافة إلى خطة لتوعية المواطنين بالبعد عن التكاليف المبالغ فيها.

وقال محمد الحجار مهندس ومُطلق المبادرة، "تكاليف الزواج أصبح مبالغ فيها وفوق مقدرة الشباب الذي يعانوا في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها العالم من شهور طويلة، فتصل تكلفة الزواج إلى 400 الف جنيه لتجهيز الشقة فقط بالإضافة إلى ثمن الشبكة والفرح وبعض العادات التي تنتشر في القرية وتتكلف أموال ضخمة مثل ليلة الحنة وليلة نقل شوار العروس وكلها تكاليف ليس لها داعي".

وأشار "أطلقنا المبادرة يوم الجمعة عندما اجتمعنا مع كبار رجال القرية ووضعنا شكل محدد يحكم تكاليف الزواج منها شراء شبكة عبارة عن دبلة وخاتم ومحبس فقط وكتابة باقي قيمة الذهب في قائمة المنقولات لضمان حق العروس دون تحميل العريس مصاريف كثيرة، وإلغاء كل الظواهر المرتبطة بالفرح من نقل الشوار بمعازيم ومصاريف دون حاجة والاكتفاء بالعائلة فقط والبعد عن عمل كحك العروس الذي تصل تكلفته لـ5000 جنيه وإلغاء ما يسمى بالصباحية وعشاء العروسة والذي يتكلف أيضًا آلاف الجنيهات، بالإضافة إلى الابتعاد عن المغالاة في تجهيز الشقة وشراء الأجهزة الكهربائية الضرورية فقط وعدم شراء قطعتين من كل جهاز، والاقتصاد في المفروشات وعدم شراء غرف للأطفال في بداية الزواج.

وأكد أن هناك استجابة كبيرة من سكان القرية سواء من الأهالي أو الشباب وهذا مؤشر جيد للابتعاد عن الظواهر الغريبة والمكلفة التي ارتبطت بالجهاز مؤخرًا.

مبادرة يسروا ولا تعسروا: الاكتفاء بشراء الضروريات حسب القدرة المادية

مصطفى محمد حسان، أحد شباب محافظة المنيا، الذي اقترح هو وشباب قريته عمل مبادرة يسروا ولا تعسروا والتي تهدف إلى عدم المغالاة في أمور وتكاليف الزواج، يرى "مصطفى" أن هناك الكثير من العادات السيئة لإتمام الزواج والعرس في مصر يجب التخلص منها نهائيًا، مرجعًا أسبابه أنها ليس لها علاقة بالدين ولا يوجد لها أساس ديني سليم.

 

مصطفى محمد

أما عن هدف المبادرة فقد أوضح "مصطفى" أنها تهدف إلى التسهيل على جميع الأطراف وليس الرجل فقط، مشيرًا إلى أن هناك أقاويل وشائعات تتردد حول كل من أراد تسهيل أمور الزواج بأنه يريد إجهاض حق الفتاة أو العروس، وهنا يحدث اللغط وسوء الفهم ما يؤدي إلى فشل أي محاولات أو مبادرات لتعميم الأفكار الإيجابية بشان توفير التكاليف الباهظة للزواج والاكتفاء بالضروريات حسب القدرة المادية لكل من الشاب والفتاة.

أوضح الشاب، أن الفكرة جرى تطويرها منذ فترة، وهو ما حاول فعله جميع شباب القريةا لذين يحاولون مد آثار الفكرة للواقع، معلقًا: "وبدأنا نفكر ايه أكتر شيء مكن ينجح المبادرة أو الفكرة هي السوشيال ميديا، فرحبت جدا بفكرة انشاء جروب لمبادرة لا للمغالاة وحبيت أكون من داعميها ضمن شباب القرية".

كشف مصطفى حسان، أن المراد تنفيذه من المبادرة هو أن الشاب يكتب لزوجته حقها في قائمة المنقولات الزوجية وعدم إلزامه بشراء هذه المنقولات بحيث يشتري ضروريات الزواج فقط من أجل التخفيف عن والد الفتاة، مؤكدً أن المبادرة لن تنتهي فقط عند حدود السوشيال ميديا وإنما يحاول شباب القرية تنظيم ندوات تثقيفية وتوعوية مع رجال الدين وكبار العائلات والمثقفين وغالبية الشباب المتعلمين في قرية بني حسن.

مأذون: تكاليف الزواج الباهظة ترهق الزوجين بالمشاكل بداية حياتهم

كان لطبيعة عمل نشوى جاد مأذون شرعي بمنطقة الشهداء في محافظة الإسماعيلية القدرة على رؤية تكاليف الزواج الباهظة من منظار قريب إلى الواقع بشكل كبير "تكلفة الأفراح أصبحت تتكلف عشرات الآلاف دون النظر إلى اختيار شريك الحياة المناسب بل التركيز على قدرته المادية التي تمكنه من شراء كافة المتطلبات شقته والشبكة الخاصة بالعروسة وإقامة فرح  بأسعار هائلة.

 

نشوى جاد

 

هذا ما دفع جاد أن تحاول توعية الشباب والأسر بأهمية الزواج لتكوين أسرة سليمة وليس النظر إلى المظاهر فقط من خلال عدة ندوات تنظمها، قائلة: "ليه نكلف ليلة واحدة ما يقرب من ١٠٠ ألف جنيه وأرقام مرعبة نسمع بها" فهذه الأرقام الهائلة للزواج تؤثر على الحياة الزوجية فيما بعد "الزوجين يتزوجوا وعليهم الآلاف من الديون لأن العريس أرهق نفسه بشكل كبير في تكاليف الزواج المرتفعة وتبدأ المشاكل تتراكم نتيجة الحياة الاقتصادية الصعبة وتظل اول سنوات الزواج في محاولات لتسديد هذه الديون وبالتالي تأتي المشاكل من عدم القدرة على تلبية كافة احتياجات البيت.

وأوضحت أنه في حالة بدأ الزوجين حياتهم بإمكانياتهم المتاحة دون الحاجة إلى التكلف الزائد "يكونوا مرتاحين ماديين في بداية زواجهم لن تأتي هذه المشاكل بسبب الحالة الاقتصادية على الأقل"، لأن  تكاليف الزواج الباهظة ترهق الزوجين والأسرتين من أجل  تلبية احتياجات ومتطلبات الزفاف.

وأضافت جاد أن المشكلة الأكبر في نظر الفتيات إلى بعضهن البعض في التجهيزات التي تجهزها كل فتاة دون مراعاة أن كل واحدة ظروفها وظروف أسرتها غير الأخرى "مش ينفع تبقى أقل من صاحبتها أو قريبتها في أي حاجة جابتها".

واستكملت أنه بسبب هذه المظاهر الخادعة أصبحت الزيجات لا تقوم على أساسيات الزواج عن اختيار شريك الحياة المناسب واستغلال فترة الخطوبة في فهم الطرفين لبعضهم البعض "لأنهم مشغولين هنجيب ايه وكام واحدة والقاعة هتكون فين والفستان بكام"، ناسين أن يدرسوا شخصيات بعضهم وحديث الرسول "من أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" في حين أن الاختيار الآن يعتمد على "العريس يقدر يجيب شبكة بكام ويعيشها فين".

إمام مسجد: لا لغلاء المهور كان موضوع خطبة الجمعة

محمد عبد الوهاب، إمام مسجد في قرية بني حسن الشروق بمحافظة المنيا، والذي دعي إلى "مبادرة معًا للتيسير" بجميع قرى محافظات الوجه القبلي، والتي تهدف إلى الاكتفاء بالضروريات فقط خلال فترة تجهيز العروسين، مؤكدًا أن فكرة المبادرة قديمة وسبق ودعي إليها الكثير من شباب القرية، ولكن مع الوقائع السابقة للزواج وانقسام الناس بين كتابة قائمة المنقولات من عدمها تقرر تفعيل المبادرة ونشرها بشكل أوسع.

الشيخ عبدالوهاب

وعن حال الإجراءات المتعلقة بأمور الزواج حاليًا يقول الشيخ عبد الوهاب أن الوضع أكبر كارثية وسوءً بالقرى والمنطق الريفية عن محافظات الحضر، مرجعًا أسبابه إلى أن العائلات في الريف تبدأ في المقارنات وتتبع زيجات العائلات الأخرى للتظاهر والتفاخر بشراء أغراض أكثر وأغلى، معلقًا: "يبدأ صراع الشبكة ومين جاب دهب أكتر ومين كب قايمة أغلى وهكذا دون توقف في كافة احتياجات الزواج، وهذا الأمر يسبب العديد من العواقب الوخيمة على كل من اهل الرجل والفتاة".

يضيف الشيخ: "دون مراعاة الفروق المادية يطلب والد العروسة من العريس شيء خيالي وفي المقابل يجيب لبنته ١٠٠ طقم سرير و٢٠٠ عباية وممكن زيهم بجامات ده غير لبس الخروج والأجهزة والعفش، وتبدأ الأمهات تاخد قروض وممكن تعرض نفسها للسجن كل ده في قرى صغيرة عندنا بالصعيد، فكان لازم لمبادرة ودعوة عامة لوقف هذا الوضع والحد من المغالاة".

يقول شيخ القرية، إن المبادرة كانت دعوة عامة وهو ما كان موضوع خطبة يوم الجمعة الماضية بمسجد القرية، معلقًا: "تحدثت في الخطبة وأوضحت كثيرًا من العادات السيئة والمغلوطة، ودعونا لكتابة قائمة المنقولات حفاظا على حق الزوجة، لكن العريس يجيب اللي يقدر عليه ومش شرط كل المكتوب في القايمة، وبنفس الوقت نحفظ حق الزوجة ونكتب لها القائمة بتاعتها، وكمان الأيام القادمة في تنسيق لعقد جلسات نقاشية وندوات في مكان مفتوح يجمع كل قيادات القرى والشباب المثقف للوصول لحل أمثل فيه تيسير على الجميع".

علي عبود بدأ بابنته: أمور الزواج أصبحت من المظاهر فتنتهي معظمها بالطلاق

من مركز إسنا بمحافظة الأقصر، سعى علي عبود أن يغير العادات والتقاليد المتعارف عليها في الزيجات المنتشرة بكثرة عندما تقدم شاب لخطبة ابنته الكبرى ورغم أنه دعا كثيرًا لهذه المبادرة التي يرغب من خلالها بخفض تكاليف الزواج وليالي الأفراح التي تتكلف الآلاف الجنيهات إلا أن مبادرته لم تلق الكثير من الإقبال "خايفين يتقال بيرموا بنتهم" فقرر أن تكون البداية بابنته "مستحيل أرمي بنتي زي ما الناس بتفكر بس لازم نراعي ربنا في التكاليف الكتير اللي اللي بتسبب أعباء على العريس وأهل العروس" خاصة إذا كان العريس "نرى منه الاحترام المطلوب والشخص الأمين الذي يحافظ على الابنة".

كانت البداية التي قررها عبود في زواج ابنته ألا تقام  ليالي الزفاف المعروفة في قريته وأن يكتفي العريس بليلة الزفاف فقط "بشرط ألا يكون فيها ما يخالف شرع الله من اختلاط أو غيرها من الأمور"، قائلًا: "غير كدا يكون هناك ليلة لحنة العروس تجمع فيها أصدقائها وأقاربها في (الكوشة) ثم يأتي العريس ورفاقه وأسرته لقضاء اليوم معهم، ثم يوم آخر لأم العروس تدعي كافة الأقارب وتجهيز مختلف أنواع الطعام للاحتفال بالعروس وتلقي هدايا الزفاف.

واستكمل أنه يوجد يوم آخر لوالدة العريس تفعل نفس ما فعلته والدة العروس ثم يأتي يوم الفرح الخاص بالرجال مع العريس والتجمعات الهائلة التي تتكلف مبالغ هائلة، "في حين أن أي شاب يسعى لبناء أسرة سليمة يجب عكس هذا تماما أن يقلل من هذه الليالي ويبني منزله بما يتيسر له من أمور مادية وكذلك يفعل أهل العروس الذين يتكلفون أعباء هائلة من شراء مئات المستلزمات “العروسة لازم تتجوز بـ٣٠ ملاءة سرير ومثلهم فوط و١٠٠ كوباية وهناك من يشتري ثلاجتين وآخرين ثلاث وبالتالي تتزوج الفتاة وتترك أهلها مديونين”.

وأضاف أن أمور الزواج أصبحت تدخل في بند المظاهر وليس تكوين أسرة بما يرضي الله، في حين أن هناك العديد من الزيجات التي تتكلف الآلاف لمجرد المظاهر وكل أسرة ترغب أن يرى كل الناس ما الذي اشتروه من مئات الأشياء ومعظم هذه الزيجات فشلت وانتهت بالطلاق لأنهم لم يركزوا في أن يكون كل طرف  هدفه بناء أسرة وليس النظر إلى المظاهر.