رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لسة شوية

زواج القاصرات.. حكايات صغار يحملن أطفالًا في أعمارهن

زوج القصيرات
زوج القصيرات

لم تكن أميرة، 15 عامًا، تعي شيئًا عن الزواج سوى أنه فستان أبيض وفرحة، حين أخبرها أهلها أنها ستتزوج ابن عمها البالغ من العمر 17 عامًا، زواجًا عرفيًا حتى تصل إلى سن الـ18 عامًا ويتحول إلى زواج رسمي، معتمدين على طريقة معتادة وهي كتابة شيك أبيض يوقع عليه العريس لضمان حق الزوجة.

ذهبت بالفعل أميرة إلى بيت زوجها الصغير، إلا أن كلاهما لم يكن يعي معنى الزواج، حتى أنجبت ابنتهما الأولى وهي في عمر 16 عامًا، ولم تستطع تسجيلها لكون الزواج غير رسمي ولكونها لم تصل إلى السن القانوني للزواج، ولم تستطع تسجيلها باسم أحد الأقارب حتى لا يتم خلط الأنساب.

أنجبت الفتاه طفلة آخرى في عمر الـ17 عامًا، وظلت الطفلتان بدون هوية أو أوراق رسمية في انتظار عام آخر حتى تتم الأم 18 عامًا، ولكن في تلك الأثناء قُتل الزوج في معركة ثأر قبل أن يتم التسجيل القانوني للطفلتين أو تحويل الزواج إلى رسمي وهو أمر لم يكن في حسبان الجميع.

حكاية أميرة هى أحد قصص زواج القاصرات بصورة غير قانونية، أفرزتها مبادرة "لسة شوية" التي أطلقت من سفارة هولندا بالقاهرة لمحاربة زواج القاصرات، وكشفت النقاب عن حكايات عديدة لأمهات أطفال تزوجت وأنجبن وهن في الصغر حتى أصبح الفارق العمري بينهن وبين أبنائهن قليل للغاية.

 

أبناء أميرة يصبحن أشقائها

الآن تبلغ أميرة 21 عامًا، ولديها طفلتان 5 سنوات و6 سنوات، لا تملكان أوراق هوية أو شهادات ميلاد، كذلك زواج أميرة ليس موثقًا في سجلات الحكومة، فلم يكن أمامها سوى تسجيلهما باسم والدها، وتحول أبنائها إلى أشقائها حتى يستطعن الالتحاق بالمدارس والاستمرار في الحياة.

تنتظر أميرة حاليًا خروج شقيق زوجها من السجن حتى تتزوجه وتحول نسب الأطفال إليه، إلا أنها تشعر بندم شديد على ما فعله ذويها بتزويجها وهي لم تصل إلى السن القانوني، مشددة على أنها لن تفعل ذلك مع أطفالها ولن تكرر تلك التجربة القاسية معهم ثانية.

 

117 ألف حالة زواج و500 ألف طفل لأمهات قاصرات

تدلل الأرقام الرسمية على خطورة زواج القاصرات، فوفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن هناك 117 ألف فتاة وشاب متزوجين من سن الـ10 - 17 عام أي تحت السن القانوني للزواج والذي يبدأ في مصر من عمر 18 عامًا.

بينما تؤكد بيانات وزارة الصحة المصرية أن هناك 500 ألف طفل يولدون سنويًا لأمهات أطفال تحت سن الـ18 عامًا، ونحو 71% من الأمهات القاصرات يتعرضن لمضاعفات أثناء الحمل، و12% يتعرضن للإجهاض و3% من أطفال الأمهات القاصرات يتوفون بعد شهر من الميلاد.

مريم تفقد الرحم في زواج مبكر

منذ ولادة مريم 16 عامًا وهي تعاني من ضعف عام في صحتها، إلا أنها لم يكن أمامها طريقًا غير الرضوخ لرغبة أهلها بتزويجها مبكرًا، بالرغم من ضعف صحتها العام، وبعد شهور قليلة من الزواج أصبحت حامل في طفلين توأم لتبدأ رحلة المعاناة.

كل دقيقة كانت تمر في حمل مريم تعرض حياتها لخطر الوفاة، بسبب الضغط العام على صحتها طوال تلك الفترة، وبسبب عدم اكتمال الرحم فلم يتسع لحمل الطفلتين بسبب صغر حجمه وعدم اكتماله، واستمرت في تلك المعاناة حتى الشهر السابع.

هنا تعرضت الفتاة إلى نزيف حاد ومضاعفات أدت إلى وفاة الطفلتين داخل الرحم، الذي انفجر بعد وفاتهما بساعات قليلة، ولم يكن أمام الأطباء حل للحفاظ على صحة الأم، سوى استئصال الرحم وتخليصها من جثث الطفلين بداخلها.

لم يقبل زوج مريم بإمراة لا تلد فقام بالزواج من ثانية، إلا إنها ترى فيما حدث لها أنه بمثابة درس لوالدها حتى لا يقوم بتكرار التجرية مع شقيقاتها الصغار بتزويجهم مبكرًا ولكن يتركهم يستكملون تعليمهم وذلك ما حدث بالفعل بعد تجربتها القاسية.

 

مركز المرأة: "الأمهات القاصرات ليس لهن حقوق رسمية"

رضا الدنبوقي، محامي حقوقي ومدير مركز المرأة للإرشاد، يؤكد أن الزواج قبل 18 عامًا يعتبر غير قانوني وتحت السن، ولا يتم سوى بعقد زوج عرفي، وهي عقود تضيع حقوق الزوجة في التسجيل بسجلات الدولة أو وجود أورق هوية لابنائها.

يوضح أن أغلب تلك الزيجات لا تستمر وتنتهي بالطلاق بسبب صغر سن الطرفين وعدم استيعاب معنى الزواج، مشيرًا إلى أنه في حال الطلاق لا يكن هناك أي حقوق للزوجة لأنها لازالت في سجلات الدولة غير متزوجة والعقود العرفية لا يعتد بها.

الدنبوقي يحذر من أن زواج القاصرات يؤدي إلى خلط الأنساب، في حال صعوبة تسجيل الزواج الرسمي بعد بلوغ السن القانوني أو وفاة الزوج وبالتالي تلجأ الأم إلى تسجيله باسم والدها أو شقيقها ويصبح هناك خلط في أنساب العائلة.

 

سها مطلقة في سن الـ19 عامًا وتحمل طفلة

تحمل، سها 19 عامًا، لقب مطلقة وفي حضنها طفلة تشبهها، بعدما خرجت من التعليم في مرحلة الإعدادية، تزوجت وهي في سن الـ15 عامًا، ولكنها لم تكن تعي شيء مما قالته والدتها لها يوم الزفاف وظنت أن الزواج مجرد فرح أمام الأهل.

نقلت سها إلى المستشفى وهي في حالة نزيف شديد خلال ليلة زفافها، بعدما هجم على زوجها وأجبرها على العلاقة الجنسية دون أن تعي هي ما الذي يحدث، وعادت إلى منزل زوجها عقب ذلك، وقضت معه عامل كامل تتعرض فيه للعنف والضرب.

أصبحت تحمل في أحشائها طفل وهي في عمر 16 عامًا، ولكن أصيبت بمضاعفات واضطرت إلى الولادة المبكرة في الشهر السابع وتوفى عقب يومين، وتكررت التجربة ثانية بطفلة آخرى ظلت في الحضّانة شهرين بسبب ولادتها في الشهر السابع.

أصيبت سها وقتها بنزيف حاد أثناء الولادة وتم استئصال الرحم لإيقاف النزيف، إلا أن زوجها كان يريد مزيد من الأطفال لذلك طلقها، وعادت هي وطفلتها في منزل أبيها تحمل لقب مطلقة في سن 19 عامًا، ولم تستطع تسجيلها أو الحصول على حقوقها المادية لكونه زواج عرفي غير موثق.

 

هويات النساء الثلاث مستعارة بناء على طلبهن وحفاظًا على هويتهن الاجتماعية