رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجمسي.. فى مديح جنرال عظيم

محمد عبدالغنى الجمسى
محمد عبدالغنى الجمسى

 

لا يزال الأجداد يحكون بطولات المشير محمد عبدالغنى الجمسى إلى الأحفاد، ويتذكرون أسطورة الجيش المصرى، ومهندس حرب أكتوبر المجيدة، وقاهر الإسرائيليين.

«الجمسى» كان آخر وزير حربية لمصر، قبل أن يتغير اسم الوزارة إلى «وزارة الدفاع»، وكان محاربًا نبيلًا، بشهادة الأعداء قبل أبناء وطنه، ورحل فى السابع من يونيو ٢٠٠٣، عن عمر ناهز ٨٢ عامًا.

وصفته رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة، جولدا مائير، بـ«الجنرال النحيف المخيف»، لبراعته فى مفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل، وكان الرئيس السابق، محمد أنور السادات، يحكى دائمًا عن بطولات الرجل، وعن «كشكول الجمسى»، كلمة السر وراء انتصار مصر التاريخى فى حرب أكتوبر.

«الجمسى» قال عن هذا الكشكول، ضاحكًا: «عندما اقترب موعد الحرب، أعدت هيئة عمليات القوات المسلحة، التى كنت أتشرف برئاستها، دراسة عن أنسب التوقيتات لتنفيذ عملية الهجوم، حتى توضع أمام الرئيس السادات لاختيار الموعد المناسب، هذا هو كشكول الجمسى». «الكشكول» كان يخص ابنة العقيد صلاح فهمى، رئيس فرع التخطيط بالهيئة، والذى كلفه «الجمسى» بإعداد دراسة حول الموقف العسكرى وفكرة الهجوم والمواصفات الفنية والطبيعية لقناة السويس، فيما يتعلق بالمد والجزر وسرعة التيار واتجاهه وساعات الظلام وضوء القمر والأحوال الجوية وحالة البحرين الأبيض والأحمر وعوامل أخرى.

وكانت الدراسة تستهدف معرفة كل التفاصيل التى تجب مراعاتها أثناء عبور القوارب وإنشاء المعديات والكبارى خلال الحرب، وظل «الجمسى» محتفظًا بالكشكول فى مكان آمن، ولم يطلع عليه أحد إلا الرئيس السادات، ونظيره السورى آنذاك حافظ الأسد.

حصل المشير الجمسى، خلال حياته العسكرية، على ٢٤ وسامًا من مختلف أنحاء العالم، أبرزها وسام نجمة سيناء من الطبقة الأولى، وترك مذكراته عن حرب أكتوبر، التى يستعين بها كل من يريد أن يعرف الحقيقة، وأن يتعلم الوطنية والشجاعة.

قبل وفاته، كان قد انتهى من جمع أوراق وبيانات كافية للبدء فى كتاب جديد عن الصراع العربى الإسرائيلى، إلا أن القدر لم يمهله الفرصة.

عمل «الجمسى» ضابطًا بالمخابرات الحربية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وعمل مدرسًا بمدرسة المخابرات، إذ تخصص فى تدريس التاريخ العسكرى لإسرائيل، الذى كان يضم كل ما يتعلق بها عسكريًا، وتقدم باستقالته من القوات المسلحة عقب حرب ١٩٦٧، ليترك مهمة استرداد الأرض المحتلة للجيل الجديد، لكن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر رفض استقالته وأسند له مهام الإشراف على تدريب الجيش المصرى مع عدد من القيادات المشهود لهم بالاستقامة والخبرة العسكرية استعدادًا للثأر. تم تعيينه رئيسًا لهيئة العمليات بالقوات المسلحة فى يناير ١٩٧٢، للاستعداد لحرب أكتوبر ثم رئيسًا للأركان خلفًا للقائد سعدالدين الشاذلى.

ولم يترك «الجمسى» منصبه كرئيس للعمليات إلا أثناء الحرب ليشغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وأُطلق عليه «مهندس حرب أكتوبر»، وصنف ضمن أبرع ٥٠ قائدًا عسكريًا فى التاريخ.

امتد دور «الجمسى» لما بعد حرب أكتوبر، إذ اختاره الرئيس السادات قائدًا للمفاوضات مع الإسرائيليين، وتمت ترقيته حينها إلى رتبة «فريق أول» مع توليه منصب وزير الحربية عام ١٩٧٤، والقائد العام للجبهات العربية الثلاث عام ١٩٧٥.