رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماسح أحذية النواب يفتح خزانة أسراره لـ«الدستور».. خبايا البرلمان من «صندوق عم رفعت»

ماسح أحذية النواب
ماسح أحذية النواب مع محررة الدستور

بشوش الوجه، دائم الابتسامات والسؤال عن أحوال الجميع بما فيهم الأسرة والأولاد، عاصر من التاريخ ما يدونه مؤرخ في مجلدات تحكي قصص ونوادر وطرائف داخل مجلس النواب، صديق مقرب للرئيس الراحل أنور السادات، على حد قوله.

نقله الرئيس السادات إلى مجلس النواب منذ 57 عاما، فقضى داخله عمرا طويلا ماسحا لأحذية أعضاء المجلس، «عم رفعت»، كنز المعلومات وأرشيف حي يضم من الحكايات ما لا يعرفها غيره، كونه الشخص الوحيد المسموح له بدخول جميع غرف البرلمان.

مواقف ونوادر جمعت «عم رفعت» بقامات وقيادات تاريخية، كان سببا في تأخير انعقاد جلسات وسببا في وقيعة بين بعض الشخصيات المعروفة دون قصد، إذ كان يلبي طلبهم بمسح أحذيتهم لا أكثر ولا أقل، وفي حوار أجرته "الدستور"، نحاول كشف أسرار خزانته.  

كم من العمر قضيته داخل مجلس النواب؟ 

يعتبر قضيت عمري كله داخل هذا المجلس، فتم نقلي شاب في بداية عشريناتي، وأعتقد ما يقرب من الـ57 سنة وأعمل هنا ماسح للأحذية، للجميع من الرئيس حتى المرافقين للنواب.

كيف وصلت إلى هذه الوظيفة؟

الرئيس السادات كان مقربا مني لدرجة أعتبره «أخ أكبر»، وله الفضل في نقلي للبرلمان عندما كان يسمى مجلس الأمة، ويحضره أعضاء مصريين وسوريين، وكنت مرشحا لتولي وظيفة داخل المجلس وقتها، ولكني فضلت اختيار مهنة ماسح للأحذية.

عاصرت العديد من المجالس أيهم أفضل في وجهة نظرك؟

في الحقيقة البرلمان الحالي يعد أفضل البرلمانات لأن الأعضاء الموجودين حاليا مخلصين وعمليين وعلى قدر كبير من الاحترام، كما لديهم طموح كبير ولديهم أمل يريدون تحقيقه من أجل البسطاء والمصريين.

هل حدث تعامل مع رئيس المجلس الحالي المستشار الدكتور حنفي جبالي؟

نعم تعاملت معه عدة مرات منذ اختياره رئيسا للمجلس، هو رجل طيب وعلى قدر كبير من الذوق وقاموس دستوري ملم بكل شيء، وهو أب للجميع بدون استثناء ويخاف على بلده وحريص أشد الحرص على حقوق البسطاء.

أكثر المواقف التي شاهدتها أمامك ولن تنساها؟

لم أكن أتخيل أن المستشار أحمد سعد الدين وكيل مجلس النواب الحالي، يحضر معه الشاي والسكر من بيته دون أن يستخدم أي شىء من داخل المجلس، فهو رجل على خلق ولديه علم كبير.

 من وجهة نظرك ما هو أسوأ برلمان عاصرته؟

بدون تفكير هو برلمان الإخوان، كانوا محدودي التفكير كما أنهم كانوا بخلاء بشكل غير معقول، بالاضافة إلى أن النواب الإخوان كانوا يتعاملون وقتها أن المجلس بيتهم «حتى أن أحدهم منهم كان يمشي حافيا لفترة داخل البهو بدون سبب».

ما هي أكثر المواقف المستفزة من أعضاء الإخوان وقتها؟

أكثر من موقف استفزني، فمثلا «مرة قمت بتلميع حذاء واحد منهم وبعد ما انتهيت وأعطيته حذاء طلع المحفظة من جيبه وأعطاني جنيه واحد، رديت عليه غاضبا مش عاوز حاجة، هو أنا بشحت ولا ببيع ترمس».

موقف آخر كان هناك مجموعة من النواب طلبوا أن يلتقطوا صورة لهم داخل القاعات في المجلس، وعندما سألتهم عن وظيفتهم وأين كانوا قبل اختيارهم أعضاء، رد أحدهم «كنا في المعتقل محبوسين، وهنا دعيت ربنا وقتها يخلصنا منهم على خير».

ما أكثر المواقف المضحكة والطريفة التي كادت أن تسبب مشاكل لك؟

كان رفعت المحجوب رئيسا لمجلس النواب وقتها، وجاء الدكتور عاطف صدقي ليلقي بيان الحكومة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، ولسوء الحظ كنت ألمع حذاء رئيس المجلس وتأخرت عنه، وجاء موعد دخوله للجلسة، فاضطر أن يدخل قاعة الجلسة بالشبشب، وبعدها اعتذرت كثيرا عن هذا الأمر الذي لم أقصده.

في نظرك أفضل الأعضاء الذين عاصرتهم؟

كان  طلعت مصطفى مثالا للكرم والعفة، يخرج كل ما في جيبه دون أن ينظر فيه أو ينظر في وجهي حتى لا يحرجني ويعطيني.

هل تتذكر موقفا للرئيس جمال عبد الناصر؟ 

طبعا، الرئيس جمال عبدالناصر جاء إلى المجلس في أحد المرات متنكرا بزي فلاح أثناء مناقشة قانون للفلاحين، وهو قانون الإصلاح الزراعي، وقام أحد أفراد الأمن بمنعه من الدخول من البوابة الرئيسية، وعندما رأيته عرفته وأبلغت الأمن على الفور وقولت له: «ده رئيس الجمهورية جمال عبدالناصر، فأغمي على فرد الأمن، ودخل عبد الناصر في شرفات المجلس، يتابع الجلسة، وأثناء حديث رئيس المجلس كان وقتها أنور السادات، فقاطعه عبد الناصر وطلب منه أن يعطي فرصة للنواب أكثر للتعبير عن رأيهم بقانون الإصلاح الزراعي، وبمجرد سماع النواب صوت الرئيس عبدالناصر لم يصدقوا أنفسهم وظلوا يهتفوا ويصفقوا له فرحين بوجوده».