رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد الباز يكتب: شفرة 30 يونيو.. 100 حكاية من قلب ثورة المصريين على الجماعة الإرهابية

محمد الباز
محمد الباز

الحكاية «11».. القرار 75 لسنة 2012.. مرسى يُفرج عن القتلة والمزورين ومحترفى غسل الأموال 

لم يكن مرسى قد مضى عليه شهر فى قصر الرئاسة إلا وحدثت هذه الفضيحة. 

الفضيحة التى أتحدث عنها هى القرار الجمهورى الذى أصدره برقم ٧٥ لسنة ٢٠١٢. 

وهو القرار الذى عفا به عن بعض المحكوم عليهم- كما جاء فى نص القرار- لكن الحقيقة أن هؤلاء المفرج عنهم، ويصل عددهم إلى ٢٦، لم يكونوا عابرين، أو أن الأحكام التى صدرت بحقهم كانت عادية، فقد ارتكبوا جرائم قتل وتزوير، كما أن بعضهم تورط فى قضايا غسل أموال كبرى، وكانوا هاربين من الأحكام التى صدرت ضدهم. 

فى لحظة ما، اعتقد الذين انتخبوا محمد مرسى من بين صفوف القوى السياسية- هؤلاء الذين عصروا على أنفسهم الليمون قبل أن يمنحوه أصواتهم- أنه يمكن أن يكون الرئيس الذى سيستكمل معهم كل أهداف الثورة، وما دام من ينتظرونه جاء، فلا بد من الإفراج عن كل المعتقلين فى السجون ممن يعرف الثوار أسماءهم ووقائع اعتقالهم جيدًا.

راوغ مرسى فى البداية من ساندوه، شكّل لجنة بدأت تعمل وتفحص موقف المعتقلين، وبالفعل صدر قرار الرئيس بالإفراج عما يقرب من ٨٠٠ معتقل، تاركًا وراءه أكثر من ١١ ألفًا و٢٠٠ معتقل فى السجون، ليتفرغ بعد ذلك للإفراج عن قيادات الجماعات الإسلامية والجهاديين والمتورطين فى قضايا مالية. 

هل ما فعله محمد مرسى كان طبيعيًا؟ 

بالطبع كان طبيعيًا جدًا بالنسبة له، فقد عفا عن إرهابيين لأنهم الأقرب إليه، يعرفهم جيدًا، خدموا جماعته، ثم إنه حتمًا سيكون فى حاجة إليهم فى مواجهته المقبلة مع من يعتقد أنهم خصومه، وهى مواجهة يعرف أنها حتمية ولا مهرب منها. 

القرار الذى أصدره مرسى فى ٢٦ يوليو ٢٠١٢ وخرج المعفو عنهم بعده بأقل من ٤٨ ساعة، كان يتضمن مفارقات غريبة للغاية. 

فى المادة الثالثة منه، قرر الرئيس استبدال عقوبة الإعدام المحكوم بها على المدعو شعبان على عبدالغنى هريدى بالسجن ١٥ سنة.

طبقًا للأوراق التى لدىّ، فإن شعبان هريدى هذا فلاح من المنيا، وكانت محكمة أمن الدولة العليا طوارئ فى ١٠ مايو ٢٠٠٥ قد أصدرت حكمها عليه بالإعدام شنقًا، لاتهامه بالانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون وتورط فى اتفاق جنائى غرضه القتل، وقتل عمد مع سبق الإصرار والترصد وخطف وسرقة بالإكراه، وشروع فى قتل، وإتلاف أملاك الغير وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر.

كان لا بد من البداية بنموذج شعبان هريدى، الذى يعنى استبدال الحكم عليه بالسجن ١٥ سنة بدلًا من الإعدام أنه مُذنب، وأنه ارتكب جرائم يستحق السجن عليها من بينها قتل ضابط شرطة مع سبق الإصرار والترصد، وأن النظام السابق لم يكن يفترى فى كل ما يفعله على أعضاء الجماعات الإسلامية، ثم إن الـ١٥ سنة التى تم استبدال الحكم بها انتهت بالفعل، بما يعنى أن الرجل خرج ضمن من خرجوا، رغم أنه مُدان يقينًا.

قرار مرسى منح الحياة لمن سلبوا الحياة من المصريين.

فمن بين المفرج عنهم كان حسن خليفة عثمان المحكوم عليه بالإعدام فى القضية رقم ٤١٩ لسنة ٩٤، والجريمة التى ارتكبها هى قتل ضابط شرطة، وهو ما حدث مع غريب الشحات الجوهرى أيضًا فقد حُكم عليه بالإعدام فى القضية رقم ٧٤٥ لسنة ٩٣ بتهمة قتل ضابط شرطة.

قتل ضباط الشرطة كان وسيلة من وسائل الإرهابيين للدفاع عن أنفسهم، اعتبروا فى لحظة معينة أن ضباط الشرطة خصومهم، ولم يترددوا لحظة فى قتلهم، لأنهم من وجهة نظرهم كانوا يناصرون الظلم، وهو ما يمنح هذا الفعل شرعية كاملة من مرسى، الذى منح القتلة عفوًا شاملًا، فالتهم لم تكن ملفقة، والفعل ثابت عليهم، ولذلك لم يكن معقولًا أن يعفو أحد عنهم حتى ولو كان الرئيس، فلم يكن للعفو إلا معنى واحد وهو ضياع دماء ضحاياهم هدرًا.

من بين من أفرج عنهم مرسى كذلك: 

عاطف موسى سعيد «مؤبد». 

أحمد محمود همام «مؤبد».

محمد محمد إسماعيل «١٧ سنة سجنًا».

وهؤلاء الثلاثة تمت محاكمتهم على ذمة القضة رقم ٣/٩٩ عسكرية، وكانت تهمتهم الأساسية هى محاولة اغتيال مبارك فى الإسكندرية.

كان من الطبيعى بالنسبة لى أن يتعامل نظام محمد مرسى مع كل ما يتعلق بنظام مبارك على أنه رجس من عمل الشيطان، وأن الذين حاولوا اغتيال مبارك لا يستحقون السجن بقدر ما يستحقون التكريم وإعادة الاعتبار، فقد بنى شرعيته وشرعية وصول جماعته إلى الحكم على أنهم كانوا ثوارًا على نظام مبارك، وكم كان مضحكًا أن يهتف مرسى فى لقاءاته العلنية بعد أن أصبح رئيسًا: «ثوار.. أحرار.. هنكمل المشوار»، رغم أنه فعليًا كان قد أصبح رئيسًا بأصوات ناخبيه، لكن يبدو أنه لم يكن يصدق ذلك. 

ما لم يلتفت له محمد مرسى أنه بقراره هذا أعطى شرعية كاملة لعمليات الاغتيال السياسى، فإذا أراد أحدهم أن يغتال خصمًا سياسيًا فليفعل ولا يخشى شيئًا، فسيأتى رئيس يبارك عمليات الاغتيال السياسى، وإن لم ينجحوا فيما خططوا له فلن يقضوا بقية أعمارهم فى السجون، لأن هناك من سيعفو عنهم. 

عفو مرسى شمل أيضًا. 

السيد صابر خطاب «مؤبد». 

عطية عبدالسميع «مؤبد». 

أبوالعلا محمد عبدربه «مؤبد». 

شوقى مصطفى عطية «مؤبد». 

محمود عبدالغنى «مؤبد». 

حسن فايد «مؤبد». 

محمد يسرى ياسين، المحكوم عليه بعشر سنوات فى أحداث تفجيرات الأزهر عام ٢٠٠٥. 

كل هؤلاء كانوا متورطين فى قضايا إرهاب، العنف كان وسيلتهم فى التعبير عن أفكارهم وآرائهم، ورغم أن القانون أدان عنفهم، والمجتمع رفض إرهابهم، فإن مرسى جاء ليثنى عليهم ويمنحهم حياة جديدة.

الحكاية «12».. قاتل فرج فودة يحصل على حريته بقرار رئاسى

من بين طلقاء محمد مرسى، فى قرار عفوه عن القتلة والمزورين، كان أبوالعلا محمد عبدربه. 

والمفاجأة لمن لا يعرف عبدربه، فقد كان هو نفسه قاتل الشهيد فرج فودة. 

حدث هذا فى ٨ يونيو ١٩٩٢، تحرك أبوالعلا عبدربه إلى مقر جمعية «التنوير» التى أسسها فرج فودة فى مدينة نصر، وفور خروج فودة من مكتبه أعطى عبدربه إشارة القتل لشريكيه فى الجريمة «عبدالشافى رمضان» و«أشرف السعيد»، فانطلقت الرصاصات متجهة إلى صدره. 

لم تكن العملية احترافية بشكل كبير، لم يكن الإرهاب وقتها منظمًا بدرجة كبيرة، فكان طبيعيًا أن يسقط مرتكبا الجريمة، فقد فرا هاربين على دراجة بخارية، جرت خلفهما سيارة واصطدمت بهما فسقطا مصابين. 

فى مقر مباحث أمن الدولة بـ«لاظوغلى» أقرا بمسئوليتهما عن الجريمة، وأرشدا عن عبدربه، وقالا إنهما فعلا ما فعلاه بفتوى تقول بـ«ردة فرج فودة عن الإسلام وجواز قتله»، وهذه الفتوى أقرها الشيخ محمد الغزالى وعبدالغفار عزيز ومأمون الهضيبى. 

بقيت الدراجة البخارية التى نفذ بها القتلة جريمتهم ما يقرب من عام فى قسم مدينة نصر بجوار حجز المتهمين، لتتحول بعد ذلك إلى خردة وتم بيعها فى المزاد العلنى، وحكمت المحكمة بإعدام منفذى الجريمة وبالسجن المؤبد على أبوالعلا عبدربه. 

أفرج محمد مرسى عن قاتل فرج فودة، وكأنه يقر بأن ما فعله كان صحيحًا، ولم يكن الأمر غريبًا على الإطلاق، فقد قُتل فرج بفتوى تبناها مأمون الهضيبى الذى كان واحدًا من مرشدى الجماعة الإرهاربية أطلقها فى المناظرة الشهيرة التى جمعت بينهما فى مطلع تسعينيات القرن العشرين بـ«معرض القاهرة الدولى للكتاب»، وبدأ القاتل يتحرك بسهولة ليعلن عن تأييده جماعة الإخوان ويناصرها، ويظهر على شاشات الفضائيات نجمًا فى برامج التوك شو يتبجح بما فعله، فى تأكيد لا يحتاج إلى دليل أننا نعود إلى الوراء. 

كان طبيعيًا عندما سقط الإخوان أن يخرج أبوالعلا عبدربه من مصر، سافر أولًا إلى السودان ومنه إلى تركيا، ليستقر فى سوريا، ليقاتل مع مَن هم على شاكلته، وكان آخر ما فعله فى القاهرة هو تجهيز والد طارق الزمر والسير فى جنازته، بعدها قال: لم أعد أطيق الحياة فى القاهرة، كنت فى السجن مطمئنًا وآمنًا، وبعد رحيل الإخوان وسفر الإخوة إلى تركيا وقطر لم يعد للحياة طعم. 

انضم عبدربه فى بداية وجوده فى سوريا إلى تنظيم «داعش»، لكن بسبب تحيزات التنظيم ضد المصريين انتقل إلى «جبهة النصرة»، وبعد فك الارتباط مع تنظيم «القاعدة» انضم إلى تنظيم «أحرار الشام»، ثم عرج على جبهات قتال متعددة، وفى يوم الثلاثاء ٢١ مارس ٢٠١٧ تم الإعلان عن مقتله بين رمال سوريا غير مأسوف عليه ولا على من أخرجه من سجنه. 

الحكاية «13».. أبوعقرب يقتل ضابط شرطة ومرسى يمنحه فرصة الحياة من جديد 

أنعم محمد مرسى كذلك بقاعدة «مَن لا يملك أعطى لمَن لا يستحق» على «أبوعقرب» بالعفو. 

هو عبدالحميد عثمان موسى عمران أبوعقرب، المحكوم عليه بالمؤبد فى القضية رقم ٤١٩ لسنة ٩٤.

أبوعقرب كان من بين العائدين من ألبانيا، لكن التهمة الأهم التى كانت تلاحقه وأعتقد أنها ستظل فى رقبته ليوم القيامة، هى قتله مساعد وزير الداخلية ومدير أمن أسيوط، اللواء محمد عبداللطيف الشيمى، فى العام ١٩٩٣.

ظل «أبوعقرب» هاربًا بعد قتله لـ«الشيمى»- وهو ما أكده الدكتور ناجح إبراهيم أحد القيادات التاريخية للجماعة الإسلامية- مشاركًا بعد ذلك فى العديد من الأعمال الإرهابية، ولن يكون معبرًا عن جرم «أبوعقرب» أكثر مما قالته زوجة اللواء الشيمى، فبعد أن عرفت بخبر القبض عليه قالت: «كنت أتمنى أن أكون موجودة لحظة القبض على (أبوعقرب) فى البداية، حتى أقوم بإطلاق النار على عينه مثلما فعل مع زوجى». كان الرجل قاسيًا، لم يتورع عن قتل رجل شرطة، يصوب الرصاص ناحية عين خصمه الذى لم يفكر فى قتله، فكر فقط فى أن يلقى القبض عليه تحقيقًا للعدالة، هذا الرجل منحه محمد مرسى حريته، ضاربًا عرض الحائط بآلام أسرة لا تتمنى إلا أن يعاقب من قتل عائلهم، لكن يبدو أن مرسى لم يكن يرى فى «أبوعقرب» ومن هم على شاكلته مجرمين، بل على العكس تمامًا، كان يرى فيهم أبطالًا يحققون عدل وعدالة الله فى الأرض، رغم أن عدالة الله لا تقضى أبدًا بالقتل دون ذنب.

الحكاية «14» .. قادة تنظيم الإخوان العسكرى فى الأزهر يدخلون قصر الرئاسة 

لم تتوقف مفاجآت قرار مرسى عند هذا الحد، فقد عفا الرجل فى المادة الثانية من قراره عن كل من:

وجدى عبدالحميد محمد غنيم. 

عوض محمد سعد القرنى «سعودى الجنسية».

يوسف مصطفى على ندا.

إبراهيم منير أحمد مصطفى.

فتحى أحمد حسن الخولى. 

على غالب محمود همت «سورى الجنسية».

وهؤلاء لا ينتمون إلى «الجماعة الإسلامية» كما روّج القرار، ولكنهم ينتمون إلى جماعة «الإخوان المسلمين» قولًا واحدًا، كانوا جميعًا قد شاركوا خيرت الشاطر وحسن مالك فى قضية ميليشيات الأزهر، التى اتُهم الجميع فيها بغسل الأموال، فهم مليارديرات كوّنوا ثرواتهم من حرام، وقد صدرت ضدهم أحكام بالفعل.

اسمحوا لى أن آخذكم إلى الوراء قليلًا، عندما نظم طلاب منتمون إلى جماعة «الإخوان المسلمين» فى عام ٢٠٠٦ عرضًا عسكريًا فى جامعة الأزهر، حاولت الجماعة أن تنكر وتتنكر له، لكن التهمة كانت ثابتة على الجماعة وقياداتها، وكان طبيعيًا أن تجر معها الممولين للعرض، لتنفتح على «الإخوان المسلمين» طاقة جهنم، فقد حوكم ٤٠ قياديًا من الجماعة أمام المحاكم العسكرية وصدرت ضدهم أحكام متفاوتة بالسجن.

كان من بين المتهمين خمسة هاربين حصلوا على أحكام بالسجن وصلت إلى ٣ سنوات، وهم يوسف ندا «رجل أعمال»، وعلى همت غالب «مهندس»، وإبراهيم فاروق الزيات «رجل أعمال»، وفتحى أحمد الخولى «داعية»، والدكتور توفيق الراعى «داعية».

كانت التهمة الموجهة للجميع هى الانتماء إلى تنظيم محظور بحكم القانون، وهو جماعة الإخوان المسلمين، لكن التهمة الأعظم، التى أعتقد أن الإخوان المسلمين لم يستطيعوا أن يتخلصوا منها رغم كل الحيل القانونية التى يلجأون إليها، هى تهمة غسل الأموال.

بعد الثورة تقدم اثنان من قيادات الإخوان المسلمين المتهمين فى القضية- كانا هاربين- للمحكمة العسكرية، ولم يظلا فى الحبس أكثر من أربعة أيام فقط، وحكمت المحكمة العسكرية لهما بالبراءة، وهما أسعد الشيخة وأحمد عبدالعاطى. 

هما تمامًا أحمد عبدالعاطى الذى أصبح مديرًا لمكتب محمد مرسى، وأسعد الشيخة ابن شقيقته الذى كان نائبًا لرئيس ديوان رئيس الجمهورية.

الحكاية «15».. الإخوان يمنحون صك البراءة للشتّام الكبير وجدى غنيم 

المصيبة الكبرى التى ارتكبها محمد مرسى بقراره كانت تخص وجدى غنيم، وهو أكثر الدعاة- إذا تجاوزنا واعتبرنا ما يقوم به دعوة- تجاوزًا فى حق الآخرين، قبل الانتخابات الرئاسية وعندما ألمح مرسى إلى أنه يمد يديه إلى القوى السياسية والمدنية الأخرى هاجم مرسى هجومًا مقذعًا.

وعندما صعد مرسى إلى كرسى الرئاسة تحوّل الرجل وأصبح مادحًا للرئيس ومهاجمًا لخصومه، دعاه فى جملة واحدة إلى أن يسحق خصومه بالحذاء، فهم بالنسبة إليه ليسوا إلا صراصير يجب القضاء عليهم.

لا أعرف على وجه التحديد هل استمع محمد مرسى إلى هذا الفيديو التحريضى أم لا، لكنه حتمًا سمع به، وعرف أن هناك رجلًا شتّامًا يمكن أن يضع خدماته كلها تحت قدم الرئيس.

كان مرسى يعانى كثيرًا مما يسميه تطاولًا على مقامه، ومؤكد أنه كان فى حاجة إلى أمثال وجدى غنيم كى يصدوا عنه هجوم خصومه، ولذلك لم يدخر الداعية الدعى جهدًا فى أن يضع خدماته تحت طلب الرئيس الذى منحه حريته، وأعاده إلى أرض مصر بعد أن كان طريدًا مطاردًا. قدّم وجدى غنيم نفسه على أنه كان خصمًا عنيدًا لنظام مبارك، وأنه عارضه فى عز قوته، رغم أن ما فعله الرجل بالفعل كان معارضة الجبناء الذين يتحصنون وراء جدر مسندة ثم يقولون ما يريدون، لو كان وجدى غنيم رجلًا حقيقيًا لما هرب من مصر، لما ظل بعيدًا يهذى بكلمات غير مسئولة فى مواجهة نظام كان هنا فى مصر من يقفون فى وجهه، ويعارضونه ويرضون بدفع الثمن. الأمر نفسه كرره وجدى غنيم بعد سقوط الإخوان، استخدم كل قاموس بذاءاته فى الهجوم على مصر ورموزها، لكنه فعل ذلك بعد أن هرب مرة أخرى، فهو نموذج حى للمعارضين الجبناء الذين يحلو لهم الحرب خارج ساحة القتال، ثم يطالبون أتباعهم بأن يشيدوا بهم ويتعاملوا معهم على أنهم أبطال. 

لم يكن وجدى غنيم مناصرًا لمحمد مرسى فقط، ولكنه كان، ولا يزال، نموذجًا حيًا للحقد والكراهية، فلا تقتصر إمكاناته أو كفاءاته على أنه شتّام فقط، ولكن فى أنه أحد صنّاع الفتن الطائفية، فهو يكره المسيحيين ويمقتهم ويحقد عليهم حقدًا موتورًا، ينفث سمومه عبر رسائله المسجلة، كما أنه لا يتورع عن اتهام الآخرين بما ليس فيهم- بل إنه فى الغالب يكون فيه- ثم يمضى وكأنه أرضى الله بما فعل.

حكايات جديدة.. الجمعة المقبل