رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مواجهات ذكرى النكسة

مواجهات عنيفة تفجرت فى الضفة الغربية المحتلة، بين متظاهرين فلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلى، عشية الذكرى الرابعة والخمسين لنكسة ٥ يونيو، أصيب خلالها عشرات بالرصاص الحى والمعدنى المغلف بالمطاط، أو برضوض إثر اعتداء جنود الاحتلال عليهم بالضرب، إضافة إلى المصابين بالاختناق نتيجة الغاز المسيل للدموع.

المواجهات شبه يومية فى جبل صبيح بين الأهالى وقوات الاحتلال، رفضًا لبؤرة استيطانية أقيمت منذ نحو أسبوعين، بحماية جيش الاحتلال. وفى بلدة نعلين غرب مدينة رام الله، خرج الأهالى رفضًا للاستيطان على أراضى البلدة، وحدثت صدامات. وبمنتهى العنف، تعامل الاحتلال مع «ماراثون القدس»، الذى انطلق من أمام مدخل حى الشيخ جراح، المحاصر منذ منتصف الشهر الماضى، باتجاه حى بطن الهوى، بالقدس المحتلة. كما تفجرت مواجهات فى قرية كفر قدوم القريبة من قلقيلية شمال الضفة الغربية، خلال قمع قوات الاحتلال مسيرة مناهضة للاستيطان، انطلقت بدعوة من حركة فتح إحياءً للذكرى الرابعة والخمسين للنكسة. 

تلك عينة من المواجهات، التى تفجرت عشية يوم أمس السبت، الخامس من يونيو. وخلال مشاركته فى إحدى المسيرات، قال محمود العالول، نائب رئيس حركة فتح، عضو اللجنة المركزية للحركة، إن «هذه الهبة الجماهيرية ليست جديدة ومستمرة لمواجهة جرائم الاحتلال والمستوطنين واعتداءاتهم على شعبنا فى كل مكان»، وأضاف: «جئنا اليوم للتأكيد أن هذه الأرض فلسطينية، وأن الكل جاهز من أجل التضحية من أجلها». كما قالت «حركة فتح» فى بيان، «إن الشعب الفلسطينى بعد ٥٤ عامًا من نكسة يونيو، أكثر إصرارًا على تحقيق أهدافه ونيل الحرية والاستقلال الوطنى، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية».

حرب الأيام الستة، أو نكسة ٥ يونيو ١٩٦٧ انتهت باحتلال إسرائيل الشطر الشرقى من القدس، وبداية مسلسل الاستيلاء على المزيد من الأراضى الفلسطينية وضمها للقدس الغربية، تحت ما يوصف بـ«القدس الموحّدة»، مع هدم مبانى الفلسطينيين المقامة عليها، وإقامة مبانٍ جديدة للمستوطنين. وفى البيان الصادر عن مفوضية الإعلام والثقافة، شدّدت حركة فتح على أن مسيرة الصمود على الأرض والكفاح الوطنى سيتواصلان حتى يتم إنهاء الاحتلال بكل أشكاله، وتتحقق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وديارهم وممتلكاتهم على كل شبر من فلسطين التاريخية. 

بالتزامن، نصبت سلطات الاحتلال الإسرائيلى، أمس السبت، حاجزًا عسكريًا فى منطقة الفرديس شرق بيت لحم. وأخطرت، صباح اليوم نفسه، بهدم ٦ محلات تجارية فى قرية أم الريحان جنوب جنين، خلال سبعة أيام. وصادقت الحكومة الإسرائيلية، أمس الأول الجمعة، على خطة أمنية طارئة، طرحها أمير أوحانا، وزير الأمن الداخلى، فى أعقاب المواجهات، التى شهدتها البلدات العربية الشهر الماضى. وكان أهم ما تضمنته تلك الخطة تجنيد سريتى احتياط من حرس الحدود فى المدن المختلطة، ووضع آليات على المدى البعيد، لإنشاء طواقم مشتركة بين الوزارات، وزيادة أعداد المتطوعين، ودمج «وسائل تكنولوجية متطورة، وربطها بمركز السيطرة التابع للشرطة».

فى قطاع غزة، أيضًا، استهدفت الفصائل الفلسطينية، أمس الأول الجمعة، طائرات إسرائيلية مسيّرة من نوع «كواد كابتر»، دخلت أجواء القطاع، فى أول احتكاك مباشر بعد وقف إطلاق النار، الذى أنهى ١١ يومًا من الاعتداءات الإسرائيلية، بوساطة أو بضغوط مصرية. وقال مصدر فى الفصائل إنهم نجحوا فى إصابة إحدى هذه الطائرات، التى تستخدم عادة فى تنفيذ عمليات مخابراتية. وجاء التطور فى الوقت الذى حذرت فيه حركة «حماس» وفصائل فلسطينية من أن وقف إطلاق النار فى القطاع «هش»، وقد ينهار إذا استمرت السياسة الإسرائيلية الحالية، وهو الاحتمال الذى أيدته مصادر إسرائيلية ترى أن المواجهة قد تكون أقرب من التوصل إلى اتفاق تهدئة حقيقى.

الاعتداءات الإسرائيلية لم تتوقف، منذ تم إنشاء ذلك الكيان، ولن يوقفها، قطعًا، وجود الفرع الإسرائيلى لجماعة الإخوان، أو ما يوصف بأنه «حزب عربى»، فى الحكومة الإسرائيلية. وفى أول لقاء تليفزيونى له بعد توقيع الاتفاق على تشكيل الائتلاف الحكومى الجديد، قال نفتالى بينيت، رئيس الحكومة الإسرائيلية المرتقبة، إن حكومته لن تتردد فى خوض أى حرب فى غزة أو لبنان، ولن تجمّد الاستيطان فى الضفة الغربية، مؤكدًا أن وجود «القائمة الإسلامية الجنوبية» فى الائتلاف الحكومى لن يردعه، أو يخلق قيودًا سياسية عليه من أى نوع.

.. وتبقى الإشارة إلى أن حركة «فتح» عاهدت الشعب الفلسطينى، فى البيان المشار إليه سابقًا، بمواصلة النضال والوفاء للشهداء الأبرار وتضحيات الأسرى الأبطال، حتى ينعم الشعب الفلسطينى بالحرية والاستقلال. والأهم، هو أنها أكدت «أهمية الوحدة الوطنية وتحصينها فى مواجهة محاولات الإبقاء على الانقسام بهدف استنزاف طاقات شعبنا وتصفية القضية الفلسطينية»، مشيرة إلى أن هذه المحاولات لن تنطلى على الشعب الفلسطينى، الذى أكدت كل التطورات تمسكه الذى لا يلين بأرض وطنه والتضحية بالغالى والنفيس لنيل حقوقه.