رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دير أبو مقار يُحيي ذكرى رحيل الأب متى المسكين.. الثلاثاء

الاب متي المسكين
الاب متي المسكين

يحتفل رهبان دير أبو مقار، محافظة البحيرة، صباح يوم الثلاثاء المُقبل 8 يونيو الجاري، بإحياء الذكرى السنوية الخامسة عشر، لرحيل الأب متى المسكين، وذلك بإقامة صلوات القداس الإلهي في كنيسة أنبا مقار الأثرية، مُقتصرًا على رهبان الدير فقط.
وولد الأب متي المسكين باسم يوسف إسكندر، عام 1919 بمدينة بنها بمحافظة القليوبية وكان من عائلة غنية، ولكن في عام 1948 باع كل ما يمتلكه وتوجَّه إلى الرهبنة بدير الأنبا صموئيل العامر بجبل القلمون، وفي عام 1950 ترك الدير وتوجّه إلى وادي الريان للتوحد، وانضم إليه 7 رهبان آخرين في عام 1960, وزاد العدد إلى 12 راهب في عام 1964.
وترهبن في دير الأنبا صموئيل المعترف (القلموني) في الصعيد يوم 10 أغسطس 1948 اختار هذا الدير لأنه كان أفقر دير وأبعد دير عن العمران وأكثرهم عزلة.
وكان يطوي الليالي في قراءة الكتاب المقدس بتعمق شديد وفي الصلاة والتسبيح حتى الصباح. 
ونزل بعد ذلك إلى دير السريان للعلاج إثر مرض أصاب عينيه في مارس 1951، فرسمه أنبا ثاؤفيلس قسًا رغمًا عنه باسم "القس متى المسكين": "بسبب وجود راهب آخر في الدير باسم متى - فاختار اسم القديس متى المسكين من القرن الثامن".

وخرج للتوحد في مغارة تبعد عن الدير 40 دقيقة مشيًا على الأقدام، وتقابل مع الأب المتوحد عبد المسيح الحبشي، وقضى في فترة التوحد ثلاثة سنوات، وفى عام 1954، دُعِيَ للذهاب إلى الإسكندرية ليخدم بعد انتدابه لدرجة إيغومانوس "قمص" كوكيل للبطريركية للبطريرك الأنبا يوساب الثاني، فرفض مرتين وقبل في الثالثة، وفي الإسكندرية قام بتنظيم الخدمة وضبط المالية وطرق إجراء الخدمات الطقسية.
ولكن رفض البعض أسلوبه وقراراته، فحاول ترك الخدمة مرتين، ثم تمت إقالته وإعفاءه من الوكالة بواسطة البابا يوساب الثاني عام 1955، فعاد إلى المغارة بوادي النطرون وتكاثر حوله بعض الرهبان، ثم بعد ذلك عاد معهم إلى دير الأنبا صموئيل وظلوا هناك ثلاثة سنوات.

وفي عام 1957 رشح للبطريركية ضمن مجموعة من الرهبان، ولم يتم ذلك بسبب لائحة 1957، وفي عام 1958 أنشأ القمص متى بيتًا للمكرسين من الشباب المتبتل الذين يرغبون في الخدمة- دون الرهبنة- وكان مقره المؤقت في حدائق القبة، ثم انتقل في أوائل عام 1959 إلى حلوان، زتوجه أبونا متى من دير الأنبا صموئيل في 27 يناير 1960 مع 12 راهبًا إلى بيت التكريس في حلوان، وأقاموا فيه بصورة مؤقتة لحين صدور توجيهات البابا كيرلس السادس لاختيار الدير الذي يناسبهم.

ولكن صدر قرار بطردهم من القاهرة "حيث عزله البابا كيرلس السادس من الرهبنة والكهنوت لمدة 9 سنوات"، فتوجهوا إلى صحراء وادي الريان وحفروا مغائر عاشوا بها لمدة تسع سنوات، وكان بعض المعارف يرسلون لهم طعامًا كل شهرين على قوافل جِمال، وفي تلك الفترة أعلن الأنبا ثاؤفيلس أسقف دير السريان في جريدة الأهرام تجريد هؤلاء الرهبان من رتبهم وأسمائهم الرهبانية.
وبعد ستة سنوات، أرسل البابا كيرلس السادس خطابًا له يطلب منه إرسال ثلاثة رهبان لدير الأنبا صموئيل، فتم ذلك، وبعد ثلاثة سنوات أخرى طلب البابا كيرلس لقاء مع القمص متى عام 1969 لإجراء المصالحة وإعادته للرهبنة، يوم 9 مايو 1969، وتم إلحاقهم بدير القديس أنبا مقار، وذلك في حضور الأنبا ميخائيل مطران أسيوط ورئيس الدير.
وبدأ الراهب متى في مسئولية إعادة إعمار الدير وإعادة تخطيطه، وإدارة شئون الدير والرهبان والعمال والزراعة والإنتاج الحيواني في سنة 1971، ورشح مرة أخرى للبطريركية ضمن 9 من الآباء، ولكن ذلك لم يتم.
وفي العصر الحديث ارتبط اسم الأب متى المسكين بلقب الإصلاحي، إذ دخل دير الأنبا مقار وأحيا فيه الحياة الرهبانية حتى وفاته عام 2006، والتي تسببت هذه الأفكار الإصلاحية في خلافات بينه وبين البابا شنودة الثالث بين التيار التنويري والتيار المحافظ داخل الكنيسة الأرثوذكسية.

وآمن الأب متى المسكين أنَّ الوحدة المسيحية يمكن أن تتحقَّق، ليس عن طريق الحوار المسكونى بالدرجة الأولى، ولكن عـن طريق قدِّيسى كلِّ كنيسة، الذيـن بصلواتهم وسيرتهم سوف يُلهمون قادة الكنائس ما يُعينهم على إتمام الوحدة.
ومن بين أفكاره التي كان يبثها الأب متى المسكين «الوحدة المسيحية»، ففى يناير عام ١٩٦٥، كتب مقالًا تحت عنوان «الوحدة المسيحية»، بثَّ فيه أَفْكَارَه وتَصوُّراته حول مفهوم الوحدة المسيحية وكيفية تحقيقها، مؤكِّدًا أننا لا نُريد وحدةً عاطفية تكون لمجد الإنسان وتعظيم الذات البشرية، مثلما حاول الإنسان فى القديم أن يُقيم وحدةً الغرض منها بناء برج بابل، فكانت النتيجة التَّفتُّت والانقسام، ولا أن تكون وحدةً قائمةً على التكتُّل ليتقوَّى الضعيف بالقويِّ، وليزداد القويُّ قوةً وسُلطانًا، بل تكون وحدةً على مستوى إلهى، كنتيجة حتمية لاتِّحاد الإنسان بالله