رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرئيس الجزائري: الجيش واقع إيجابي وحمى سلمية الحراك الشعبي

الرئيس الجزائري
الرئيس الجزائري

أشاد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، بجيش بلاده، الذي وصفه بأنه "واقع إيجابي وفضل حماية سلمية الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فبراير 2019".
وأضاف تبون - في حوار لمجلة "لوبوان" الفرنسية - إن وزن الجيش واقع إيجابي، ولو لم نملك جيشا عصريا ومحترفا لكان الوضع في الجزائر أسوأ من ليبيا وسوريا"، موضحا أن البعض خاصة في صفوف أولئك الذين يزعمون أنهم ديمقراطيون طلبوا من الجيش ان يتدخل، مشيرا إلى أن الجيش رفض ذلك، مفضلا حماية سلمية الحراك.
وتابع تبون قائلا "لو كان الجيش يريد تولي السلطة لفعل ذلك.. كان ذلك بطلب شعبي حيث إن الشعب دعاه الى وضع حد لمهزلة العهدة الخامسة ولانهيار الدولة"، مؤكدا أن الجيش لم ولن يستولي على السلطة لأنه يحترم القوانين.
وأوضح أن الجيش انسحب من الساحة السياسية منذ نهاية سنوات الثمانينيات، مضيفا أن "الزمن الذي كان فيه ضباط من الجيش أعضاء في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم سابقا) قد ولى والجيش لم يعد يمارس السياسة".
وجدد الرئيس تبون التأكيد على موقف الجزائر تجاه عدد من القضايا الدولية مثل القضية الفلسطينية وقضية الصحراء الغربية والوضع في مالي، وإصلاح الجامعة العربية.
وردا على سؤال حول تطبيع عدد من الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل قال تبون إنه "كل دولة حرة في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، لكن الجزائر لن تفعل ذلك حتى تكون هناك دولة فلسطينية"، مضيفا "هناك خطة سلام التزمت بها كل الدول العربية وهي: الأرض مقابل السلام".
واعتبر الرئيس الجزائري الجامعة العربية بحاجة إلى إصلاح كامل، مشيرا إلى أن الجزائر تطالب بهذا الأمر منذ 30 عاما.
وحول الأوضاع في مالي، الجارة الجنوبية للجزائر، قال الرئيس تبون إن "الجزائر لن تسمح أبدا بأن يصبح شمال مالي ملاذا للإرهابيين ولن تسمح بتقسيم البلاد.. لحل المشكلة في شمال مالي، يجب إعادة بسط سلطات الدولة هناك".
وتطرق الرئيس تبون إلى احتمال مشاركة الجيش الجزائري خارج حدود البلاد، خاصة في مالي، قائلا إن "الدستور الجزائري يسمح الآن بهذا النوع من التدخل، غير أن الحل لا يكمن هنا.. فمن خلال اتفاق الجزائر، نحن هنا لمساعدة باماكو، وهو ما نقوم به بالفعل عبر تدريب الجنود الماليين".
وأضاف "البعض في المنطقة يعارض التقدم المحرز من قبل الجزائر، خاصة في ملف مالي، وبالنسبة لنا هناك رغبة في تخريب اتفاق الجزائر للسلم والمصالحة في مالي الموقع عام 2015".
وتناول الرئيس الجزائري ملف مكافحة الإرهاب، قائلا "في إفريقيا وفي العالم العربي نحن قادة في مكافحة الإرهاب، وقد استفادت جميع الدول الغربية من هذه الخبرة، بما في ذلك الولايات المتحدة.. لقد جنبنا فرنسا وبلجيكا وغيرهما المآسي، نحن نفضل الحفاظ على سرية هذا التعاون، لأنه يتعلق بحماية أرواح بشرية في أوروبا وفي كل مكان".
واعتبر تبون أن "قوة مجموعة دول الساحل الخمس يمكن أن تكون أكثر فعالية، في حال توفر لها المزيد من الموارد، وقال "أعتقد أيضا أن قوة مجموعة دول الساحل الخمس (جي5) وقوة (برخان) - الفرنسية" هي حلول جزئية".
وأشار إلى أن منطقة الساحل تتكون من دول يقع على عاتق الجزائر الالتزام بالمساعدة في إعادة بنائها، وأن الأمر ليس مجرد برنامج لمكافحة الإرهاب.
وعن الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في 12 يونيو المقبل، قال الرئيس تبون "أعلم أن هناك إقبالا على هذه التشريعيات، خاصة لدى الشباب الذي كان يعزف في الماضي القريب عن تسجيل نفسه في القوائم الانتخابية"، مشيرا إلى أن أكثر من 50% من السكان بالجزائر تقل أعمارهم عن 30 سنة بالجزائر.
وأكد الرئيس تبون أهمية هذا الاستحقاق الانتخابي، قائلا "ليس هناك مخرج آخر، وكل أولئك الذين يريدون جر البلاد نحو المغامرة بصدد تضييع وقتهم".
وقال "حتى عندما كنت مريضا و بلغت الاشاعات ذروتها إلى درجة اشاعة خبر وفاتي كان أغلبية الجزائريين قلقون بما فيهم أولئك الذين لم يصوتوا لصالحي أو لا أروق لهم".
وعن بعض الأحزاب المعارضة التي تعتزم مقاطعة الانتخابات، قال تبون "ما ألاحظه عبر كامل القطر الوطني لا يحمل على الاعتقاد بأن الجزائريين في معظمهم يعارضون الانتخابات التشريعية".
وانتقد تبون تصرفات بعض الدبلوماسيين قائلا "إن بعض السفراء وللأسف لا يرون سوى هذه الأقلية ولا يعيشون إلا معها ويجهلون أغلبية الجزائريين بما يجعلهم يضللون البلدان التي ينتمون اليها".
وردا على سؤال حول فرص الإسلاميين في الفوز بأغلبية برلمانية في الانتخابات المقبلة، قال تبون إن "الأيديولوجية الإسلامية التي حاولت فرض نفسها مطلع التسعينيات في بلادنا، لن تكون موجودة أبدا بالجزائر".
وقال إن "الاسلام السياسي لم يعرقل نمو البلاد مثلما هو الحال في تركيا أو في تونس ومصر، لكن هذا الاسلام السياسي لا يزعجني كونه لا يعلو على قوانين الجمهورية التي ستطبق بحذافيرها".
وحول أزمة فيروس كورونا، أعلن الرئيس تبون إطلاق حملات توعوية كبرى حول التلقيح، وقال إن "وتيرة التلقيح تتماشى مع رغبة الجزائريين لأننا لا نريد أن نفرضه لكننا سنطلق حملات توعية كبرى.
وأوضح الرئيس تبون أن فتح أو غلق الحدود يمليه المجلس العلمي حسب تطور الجائحة، مشيرا إلى أنه في ظل إغلاق الحدود أجلت الجزائر أكثر من 80 ألفا من مواطنيها بالخارج على نفقة الدولة.
وقال إن "إغلاقنا للحدود ليس لمعاقبة المواطنين بل لحمايتهم، مشيرا إلى أن الجزائر كانت أول بلد فرض تحاليل الكشف عن الكورونا في مطاراته واغلق رياض الأطفال والمدارس والمساجد ومنع الجماهير في الملاعب".
وأضاف "نسجل اليوم نحو 200 حالة يوميا في حين أن بلدانا أكثر تطورا تسجل ما بين 20 – 3- ألف حالة يوميا، محذرا من أن الفيروس لا يزال موجودا في كل وقت ومن أن الأرقام يمكن أن ترتفع مجددا.
وأكد الرئيس تبون اعتزامه مكافحة البيروقراطية أو أي صعوبات أو مشاكل في مجال الأعمال والاقتصاد .
وقال الرئيس تبون "لدينا اقتصاد متخلف وغير مُحكم التنظيم موجه نحو الاستيراد دون أي تبادل مشترك بين القطاعات.. اقتصاد تتعالى ضده الأصوات للتنديد بحالات الانسداد المسجلة على مستوى الادارة و بالمسؤولين المتخوفين من تحمل قرارات وضرائب تدعم السوق الموازية و بنوك حذرة".
وأكد الرئيس تبون الشروع في تفكير وطني حول اصلاحات سياسة دعم الدولة يضم بشكل خاص النقابات والمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمنتخبين، بعد اجراء الانتخابات التشريعية والمحلية مؤكدا ان الجزائر ستبقى دوما دولة ذات طابع اجتماعي".
وقال "المشروع جار إعداده وأنا بصدد انتظار انتخاب المجالس من برلمان ومجالس محلية من أجل الشروع في تفكير وطني، خاصة مع النقابات والمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمنتخبين".
وجدد تبون التزام الدولة الجزائرية بالحفاظ على المكتسبات الاجتماعية التي كرسها بيان أول نوفمبر 1954، وقال إن "الجزائر ستكون دولة اجتماعية على الدوام، ذلك لأنه مطلب أولئك الذين ضحوا من أجل هذا البلد".
وتطرق الرئيس الجزائري إلى ملف علاقات بلاده بفرنسا، قائلا "إن الجزائريين ينتظرون اعترافا كاملا بكل الجرائم التي اقترفتها فرنسا الاستعمارية"، مؤكدا أنه في تاريخ الاستعمار كانت هنالك ثلاث مراحل مؤلمة بالنسبة للجزائر.
وأضاف أنه "بداية الاستعمار مع ابادة دامت أربعين سنة لقبائل على بكرة أبيها وقرى كاملة أبيدت ومحارق اقترفت، ثم أتت بعدها مرحلة النهب حيث تمت مصادرة أراضي الجزائريين لتوزع على الأوروبيين"، مشيرا إلى مجازر 8 مايو 1945 حيث سقط 45 ألف شهيد ثم حرب التحرير عندما حمل الجزائريون السلاح لتحرير بلادهم.
وقال تبون "كل هذا لا يعني جيل الرئيس ماكرون ولا جيل المثقفين الفرنسيين الذين لا لوم عليهم"، معتبرا أن الاعتراف بهذه الأفعال مهم للغاية، مضيفا "لماذا التمسك بالاعتراف بما تعرض له الأرمن واليهود و يتم تجاهل ما وقع في الجزائر؟".