رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تاريخ لن ننساه 2


في عام 1974, وقع حادث على جانب عظيم من الخطورة، وهو محاولة اغتيال الرئيس السادات بما عرف وقتها بتنظيم الكلية الفنية العسكرية. وتأتي خطورة هذا الحادث أنه كان بفعل مؤسسة عسكرية المفترض فيها الانضباط والولاء، وهي الكلية الفنية العسكرية وطلابها. كما أن الحادث وقع في وقت كان الرئيس السادات منتشيا بالنصر العسكري في أكتوبر 1973. وفي وقت بدأ فيه المصالحة الكبرى مع التيارات الإسلامية، واهمها تنظيم الإخوان المسلمين. وفي وقت كانت فيه العلاقات المصرية السعودية في أحسن حالاتها، بسبب وساطة الملك فيصل من أجل مصالحة الإخوان المسلمين، وفي وقت كان الرئيس السادات ينتظر وزير الخارجية الأمريكي هنري كسينجر من أجل التقارب المصري الأمريكي. 
كل تلك الأسباب جعلت السادات وأجهزة الإعلام المصرية، لا تلقي بالا لهذا الحادث رغم خطورته.حتى لا يقال إن الوضع الأمني في مصر مضطرب، فتؤجل أمريكا زيارة وزير خارجيتها، التي كان الرئيس السادات ينتظرها بفارغ الصبر.
حيث حملت القضية رقم رقم 2687 لسنة 74 الوايلي ورقم 169 لسنة 74 كلي. حيث نجح الفلسطيني صالح سرّية في تكوين تنظيم من مجموعة متحمسة من الشباب، قسمهم الى مجموعات صغيرة، ومنهم مجموعة من الإسكندرية وعلى رأسها كامل عبد القادر الطالب في كلية طب الإسكندرية، وطلال الأنصاري طالب كلية الهندسة، ومجموعةبورسعيد بقيادة احمد صالحومجموعة القاهرة والجيزة بقيادة حسن الهاويومجموعةقنا بقيادة محمد شاكر الشريفوأبقى مجموعة الفنية العسكرية بقيادة كارم الأناضولي، طالب الكلية الفنية العسكرية، وباقي الكليات العسكرية تحت قيادته المباشرة.
صارح صالح سرية رؤساء تلك المجموعات حول هدفه باغتيال السادات من أجل إنشاء الخلافة الإسلامية.
وفي سبيل ذلك قرروا اغتيال الرئيسالسادات مع كبار قيادات الدولة الذين تجمعوا في المطار،لاستقبال الرئيس عند عودته من زيارة خارجية ليوغوسلافيا،غير أن المجموعة المكلفة تقاعست ولم تقم بما كلفها به قائد التنظيم، لأجل ذلك تم إلغاء الخطة. 
ودلت معلومات تنظيم صالح سرية على احتمال تواجد الرئيس في مبنى الاتحاد الاشتراكي على كورنيش النيل. وحضرت مجموعة من ستة أفراد من الإسكندرية، وتم وضع الخطة للتحرك.
اكتشف صالح سرية أن خطته ينقصها السلاح الذي سيستخدم للقتل. وهنا تفتق ذهن كارم الأناضولي عن فكرة مهاجمة الكلية الفنية العسكرية ومعالجة حرس البوابة الرئيسية في صمت، لإدخال عدد كبير من الشباب إلى الكلية، ثم الاستيلاء على الأسلحة والسيارات والمدرعات من الكلية الفنية العسكرية، بمساعدة إخوانهم الطلبة داخل الكلية.
وبالفعل قام حوالي ثلاثين شخصاً مدنياً بالتوجه في يوم 18إبريل 1974م. في تمام الساعة 12.55ص الي الباب رقم 2 للكلية الفنية العسكرية، بحدائق القبة بالقاهرة، وقاموا بالاعتداء على أفراد الحراسة مستخدمين في ذلك السلاح الأبيض (المطاوي) وتمكن بعضهم من الاستيلاء على بعض البنادق نصف الآلية التي كانت مع أفراد الحراسة. وقد تصدى لهم بعض أفراد القوة وحدث اشتباك بين الفريقين وتم ضبط كل 11فرد من أعضاء التنظيم، وقتل فرد واحد من المجموعة.
وقد اشترك بعض طلبة الكلية الفنية العسكرية مع مجموعة التنفيذ في عملية اقتحام الكلية – حيث شوهد قيام بعضهم بكسر لمبات الإضاءة الموجودة على البوابة والأسوار، كما قام البعض منهم بوضع أقفال على حجرة الحراسة الموجودة بجوار البوابة، وتم حبس جنود نوبتجيه الحراسة داخل الحجرة.وتم التوصل الى بعض هؤلاء الطلبة
وضبطت حقيبة جلد بداخلها عدد من الأفرولات ورتب عسكرية مختلفة للضباط وعدد من أغطية الرأس وبعض الأوراق الخاصة مدون بها بعض الأسماء وأرقام التليفونات – كما ضبط كشكول محاضرات باسم طالب بالكلية الفنية العسكرية مدون به خطة الاقتحام والاستيلاء على مبنى الكلية حيث قسم زملائه إلى 12 مجموعة ومهمة كل منها الاستيلاء على المواقع الهامة بالكلية مثل قسم الكيمياء، البوابة، الإذاعة، السلاحليك، الرادار، ومدون بالكشكول بعض أسماء لطلبة بالكلية (غيركاملة).
كما عثر على ورقة مدون بها عشرة أسئلة موجهة للسيد الرئيس تدور حول سياسة الانفتاح الاقتصادي الموقف السياسي الحالي للدولة، خاصة قضية الديمقراطية والأوضاع بعد 6 أكتوبر، ويرجح أن تكون هذه الأسئلة كانت معده لتوجيهها للسيد الرئيس أثناء المؤتمر العاشر الطلابي الذي عقد في الإسكندرية أخيراً.
كما لوحظ عند تفتيش المتهمين خاصة طلبة الكلية الفنية العسكرية أن جميعهم يحملون مصاحف وكتب دينية ومسواك أسنان. وتردد في أوساط طلبة الكلية الفنية العسكرية أن اجتماعات كانت تعقد شبه يومية في المساء داخل الكلية، على هيئة ندوات دينية يحضرها بعض الأفراد من خارج الكلية، وفي الليلة الأخيرة حضر بعض هؤلاء الأشخاص وعقدت ندوة دينية برئاسة الطالب سعد دربالة والذي كانت تظهر عليه علامات القلق. كما تقدم بعض طلبة الكلية الفنية العسكرية للإدلاء بمعلومات عن بعض زملائهم، وقد تم التحفظ بمعرفة المخابرات الحربية على عدد حوالي 25 طالباً من طلبة الكلية.
كان من نتيجة الحادث وفاة خمسة من جنود الحراسة بالكلية وطالب بالكلية الفنية. وقد تم نقل جثث المتوفين إلى مشرحة المستشفى العام العسكري.
كما تم الاستعانة بفرقة الغاز المسيل للدموع بالأمن المركزي في القبض على بعض المتهمين
الذين كانوا مختبئين بمباني الكلية.
اهتمت المخابرات الأمريكية والسعودية بالحادث، وتصرف الإدارة المصرية بنوع من الهدوء، ولم تتخذ أي إجراءات غير عادية، والغريب أن السادات لم يتوقف عن اتصال بجماعة الإخوان المسلمين، ونفت أجهزة الإعلام أي علاقة لتنظيم الإخوان المسلمين بالحادث، مع ان كانت هناك اتصالات بين السيدة زينب الغزالي وبعض أعضاء التنظيم وعن طريقها تمكن البعض من مقابلة المستشار الهضيبي، ولكن يبدو ان الهضيبي رفض التعاون معهم بسبب خوفه مما حدث عام 1864 من تنظيم بالإخوان في عهد عبد الناصر.