رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تصدير القوة الناعمة

منذ ثلاث سنوات كتبت مقالًا بعنوان «تصدير التنوير».. كانت وجهة نظرى أنه مع التغيرات الشجاعة والجذرية التى تجرى فى المملكة العربية السعودية فإنه آن الوقت لتبادل المواقع.. كان الأمير محمد بن سلمان وقتها يقود ثورة ضخمة فى المملكة، كان يقوض أركان التطرف والجمود الدينى الذى سيطر على المملكة فى بعض الأوقات.. اتخذ خطوات جريئة وأطلق تصريحات أكثر جرأة.. كان من بين هذه التصريحات تصريحه لـ«التايم» الأمريكية، والذى قال فيه إن المملكة خلال الخمسين عامًا الماضية أخذت على عاتقها نشر المذهب الوهابى باتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية.. كان ذلك فى إطار سياسات مكافحة انتشار الشيوعية.. ربما كان ذلك وقتها ضروريًا أو غير ضرورى.. وربما تم بطريقة صحيحة أو بطريقة خاطئة.. المهم أن المملكة توقفت عن هذا الآن.. بل إنها اتخذت خطوات واسعة فى طريق التنوير ونشر الفنون فى ربوع المملكة.. من نافلة القول إن سياسات المملكة السابقة فى تصدير الوهابية شملت وقتها دولًا كثيرة.. وإن مصر كانت على رأس هذه الدول.. لكن هذا كله من تراث الماضى.. فى بدايات الألفية كانت هناك مقالات صحفية عن محاولات لشراء التراث المصرى والأفلام السينمائية المصرية، وتوقيع عقود احتكار مع المطربين المصريين.. كانت هذه مخاوف عبّر عنها أصحاب الأقلام وقتها.. لكن هذا كله من تراث الماضى.. الآن عهد جديد.. فيه استمرار لعلاقات المحبة والتعاون بين البلدين.. وفيه قيادات وطنية تعرف قيمة مصر والسعودية.. وقيمة القوى الناعمة فى كل منهما.. الآن تصدر مصر التنوير للسعودية التى عرفت قيمة التنوير والفن.. الفن المصرى تاريخ طويل ممتد.. تراكمات جيولوجية.. من أول مسرح يعقوب صنوع وجورج أبيض، حتى شباب المبدعين فى مسرح الهناجر.. قرنان تقريبًا من الزمن الحديث.. بخلاف جذور الفن فى الحضارة المصرية القديمة منذ سبعة آلاف سنة.. الآن تذهب البعثات الأثرية المصرية للسعودية لتفتش عن الآثار هناك، بعد أن حطمت القيادة السعودية قيود تحريم الآثار، وبعد أن وعى الجميع قيمة التاريخ.. الآن ينعكس الوضع بوعى وتعاون الطرفين.. وتصدر مصر التنوير والفن إلى بلد كبير مثل المملكة.. فى هذا الإطار قرأت أخبار اتفاقيات التعاون بين قنوات «mbc» والشركة المتحدة للإعلام.. تعاون عام ومثمر بين بلد ينتج الفن وتسكن جينات الإبداع فى خلاياه.. وسوق عظيمة ومحترمة مثل المملكة السعودية، يعشق شعبها الفن المصرى والفنانين المصريين منذ عشرات السنين.. تحية لهذه الروح العظيمة وتحية للفن والحضارة والمحبة ولرموز الفن والتنوير.