رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النهايات السعيدة تليق بمصر

لو أن مخرجًا بارعًا أراد إخراج مشهد انتصار مصر لما أخرجه بهذه البراعة.. فى أيام قليلة متزايدة، يتصل الرئيس الأمريكى جو بايدن بالرئيس السيسى ليقدر دور مصر، يأتى وزير خارجية قطر إلى مصر ليوجه الدعوة لرئيس مصر لزيارة قطر ومعه حفنة من المسئولين القطريين لمناقشة طلبات مصر من قطر، ثم يأتى وزير الخارجية الأمريكى ليدرس ترتيبات مصر لحفظ الوضع فى غزة وفى المنطقة عمومًا، مع إشادة بدور مصر الإيجابى والبناء.

إن هذا أشبه بمشهد الانتصار فى الأفلام المصرية القديمة، حيث يأتى أعداء البطل خاضعين ومعترفين بفضله وانتصاره ليلتفوا من حوله وهو يتصدر المسرح، تظهر على الشاشة كلمة النهاية.. التى نعرف ضمنيًا أنها بداية لمرحلة جديدة يبدأها البطل بعد أن تخطى الصعاب والتحديات التى سجلتها أحداث الفيلم.

ونحن نشاهد مشهد النهاية السعيدة يجب أن نعود للوراء، حيث المشهد الأول فى السيناريو، فى الأيام التى تلت ٣٠ يونيو، حيث يعانى العالم من الصدمة ولا يفهم ما حدث فى ٣٠ يونيو، ولا العلاقة بين الشعب والجيش ولا طبيعة حكم الإخوان، تتصدر دول بعينها لإجراءات عقابية ضد مصر، يجمد الاتحاد الإفريقى عضوية مصر فيه (أصبحت مصر رئيس الاتحاد بعد سنوات قليلة)، يعلن الديمقراطيون الحرب السياسية، وتتصدر بريطانيا لتنفيذ السياسة الأمريكية، تتحول دول بعينها إلى مأوى للإرهابيين وممول لهم ولوسائل إعلام تنال من مصر وكل ما يحدث فيها ليل نهار.

المشهد الثانى، لقاء بين الرئيس ومجموعة من الإعلاميين المصريين يسأل فيه بعضهم عن حصار مصر خارجيًا ويعبر عن قلقه، يرد الرئيس بهدوء إن ملف السياسة الخارجية مسئوليته، ويطلب من الجميع ألا يقلقوا.

مشاهد كثيرة متتالية، تدور على مدى السنوات السبع الماضية، بعضها علنى وبعضها سرى، خطط عمل، أدوار مختلفة لمؤسسات الدولة المصرية.. عمل دءوب يصل الليل بالنهار.. معادلات قوة.. ومعادلات سياسة.. ومعادلات اقتصاد.. سياسة إعلامية متحفظة.. تصريحات محسوبة للرئيس.. لا تهاجم هذه الدولة أو تلك مهما تورط الآخرون فى الهجوم على مصر واستفزازها.

إلى جوار المشاهد (الداخلية) والتى تدور فى الظل، هناك مشاهد أخرى (نهار خارجى) افتتاحات مشروعات.. إنجاز لاهث يسابق الزمن.. مشروعات تُطرح ونظن أنها لم تنجح ونفاجأ بأنها تم تنفيذها فعلًا «المليون ونصف فدان مثلًا».. خطة طموحة لتطوير القاهرة وإزالة العشوائيات منها.. خطة لطرق ومحاور جديدة لا غنى عنها للتنمية.. فى هذا الفيلم الذى يحاكى الأفلام العربية القديمة يلعب البعض دور «عواجيز الفرح» و«العوازل».. يطلقون الشائعات، يخيفون الناس من الإنجاز الذى يتم.. إلخ.

لكنهم ينتهون كما ينتهى الأشرار دائمًا، داخل شوال يخرجون منه ليعترفوا بجرائمهم ويقروا بها وربما يطلبوا العفو والسماح.. أما المشهد الأخير فهو مشهد النهاية السعيدة وهى نهاية تستحقها مصر بكل تأكيد.