رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حاتم مرعي: قصيدة نثر العامية لم تظهر كظل لقصيدة الفصحى

الشاعر حاتم مرعي
الشاعر حاتم مرعي

شهدت الفترة الماضية، هجوما من قبل البعض على قصيدة نثر العامية، إذ لا يعتبرها البعض شعرًا، ومازال الكثير من مثقفي مصر، لا يؤمنون بها، ولا بأهم الشعراء الذين كتبوها أمثال الشاعر الراحل مجدي الجابري، والشاعر مسعود شومان، والشاعر محمد علي عزب، وغيرهم.

- الظهور المتأخر لقصيدة النثر يؤكد خصوصية الثقافة المصرية

في هذا السياق قال الشاعر حاتم مرعي للدستور: «ربما ظهرت قصيدة النثر المكتوبة بالعربية الفصحى فى بلدان عربية أخرى مبكراَ عن ظهورها في مصر نظرا لانفتاح هذه البلدان على الثقافات الغربية بشكل أكبر من مصر بفعل التأثر التاريخي بثقافة المستعمر، وربما أيضا للتجاور المكاني مع أوروبا، وإن كان الظهور المتأخر لقصيدة النثر المصرية يؤكد خصوصية الثقافة المصرية وصعوبة اختراقها، فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي وظهور القوة الواحدة والعولمة والتخوف من اختلال موازين القوى فى العالم سقطت لدى البعض من المبدعين مقولات كثيرة مثل الوحدة والقومية والقضية الكبرى، وأصبحت النزعة الانعزالية هى المسيطرة، خصوصاَ بعد حدوث متغيرات فى المنطقة مثل غزو العراق للكويت، والذى انتهى بغزو أمريكا للعراق ومشاركة مصر بنظامها القديم فى تنفيذ المخطط الأمريكي، ومن ثم تراجع دور مصر الريادي في الوطن العربي وصدمة المبدع فى مشروعه القومى، كان علي البعض أن يبحث عن مشروعه الخاص الذي يعبر عن ضياع حلمه القومي وتطلعه إلى طرق جمالية تعبر عن رفضه للواقع السياسي الذى أوصله للاهتمام بالذات والتعبير عن واقع شخصي يومي".

 

 وأضاف الشاعر"أظن هذه الظروف هي التي أنتجت جيل قصيدة النثر (فصحى-عامية) في تسعينيات القرن الماضي في ظل ظهور العولمة، وسيطرة عالم الصورة والاتصالات، ليرفض استخدام جماليات المنجز السابق فى كتابته لتعبيرها عن العام والمشترك الذي انهار أمامه وهو فقط يشاهد، وعندما ظهرت قصيدة نثر العامية لم تظهر كظل لقصيدة الفصحى، ربما كانت أسباب الظهور واحدة والمقومات الجمالية واحدة وأن التجربة لها القدرة على الوجود والبقاء، وربما لم يلتفت النقاد إليها إلا لمهاجمتها، تارة يصفونها بأنها ميكروب ينتشر فى جسد شعر العامية وتارة بحالة عارضة سوف تزول، وأن من يكتبونها شرذمة خارجة عن موسيقى الشعر، التجربة لم يُقيّمها أحد جمالياَ بسبب غياب النقد بصفة عامة وعدم متابعة سيل الإبداع في بر مصر".

 - الإبداع فى مصر يسبق النقد بسرعة صاروخ لسلحفاة

فيما أشار إلى أنه: "منذ ظهور ديوان الشاعر الراحل مجدي الجابري «عيل بيصطاد الحواديت»، وإلى اليوم تشكلت تجربة لها ملامحها وأصواتها الخاصة، والأمثلة كثيرة، وعلى من كانوا يهاجمونها فى بداية ظهورها مراجعة إصدارات دواوين النثر  بالعامية، ومراجعة أنفسهم بالوقوف على منجز التجربة وتحليل جمالياتها، وإن كنت أرى أن الإبداع فى مصر يسبق النقد بسرعة صاروخ لسلحفاة، ودائماَ ما أتذكر مقولة مونتسيكيو: «النقاد مجموعة من الجنرالات الفاشلين، كلما فشلوا فى عبور نهر لوثوا مياهه»، فعندما اكتملت تجربة «بيرم التونسي»، وأصبحت حجر زاوية فى حركة تطور شعر العامية،  كان انتقاد معاصريه لإبداعه الفذ إنفعالى وغير موضوعي، وأقرب لرد فعل ناتج عن صدمة مرعبة. وصدمة قصيدة النثر سببها التخلّي عن الموسيقى، الركيزة الأساسية في الشعر- لديهم ـ فاعترض البعض على وجود هذا الكائن الغريب المسمى بقصيدة النثر العامية، لكنه كان أشبه باعتراض مدرس إبتدائى على وجود «التنين وأبو رجل مسلوخة وسبايدر مان» فى خيال التلاميذ، وعانت التجربة حالة من الإقصاء والتجاهل على المستوى النقدى والمؤسسى وما زالت تنبض على أرض خصبة لها جذور بلغتها المفرطة فى العادية والإنسانية".

يذكر أن الشاعر «حاتم مصطفى مرعي»، وهو مواليد السويس 1964، وصدرت له  دواوين «لقطات من حزن قديم» (2001)، و«كوابيس قديمة» (2004)، و«ريحة ملايكة» (2009)، و«بسكوتة على شعب جعان» (2014)، و«حِنَّة سويسي» (2018).