رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لحماية المدنيين أثناء النزاعات..

مجلس الأمن يطالب دول العالم باحترام القوانين

مجلس الامن
مجلس الامن

 طالب مجلس الأمن دول العالم خلال مناقشاته بجلسة افتراضية، بضرورة حماية المدنيين أثناء الصراعات، وأكد على ضرورة احترام القوانين والأطر القانونية التي يمكن من خلالها حماية المدنيين، مطالباً دول العالم بتطبيق هذه الأطر والأدوات اللازمة.

وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة في نيويورك، قال وكيل الأمين العام ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، "مارك لوكوك"، إن النزاعات خلال العام الماضي، ساهمت في ارتفاع عدد الأشخاص النازحين قسرا، وارتفع العدد إلى 80 مليونا مع حلول منتصف العام، وكان العام الماضي 2020، قد شهد انخفاضا في عدد الأشخاص النازحين داخليا الذين استطاعوا العودة إلى ديارهم.

وغالبا ما يُعلق المدنيين في الصراعات بين الأطراف المتحاربة، ويروح الأطفال والنساء والشيوخ ضحايا لتلك الصراعات. وبحسب مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية الذي أشار إلى وجود أدوات وأطر ولكنْ ما يجب على الدول والأطراف المتحاربة فعله هو تطبيقها.

وقال "مارك لوكوك" إن الأمين العام للأمم المتحدة كان قد دعا العام الماضي إلى وقف إطلاق نار عالمي حتى يتسنى للعالم أن يركز على إنهاء الجائحة، ورغم الدعم الواسع الذي حظيت به هذه الدعوة، استمرت النزاعات المميتة في دول مثل سوريا واليمن، وظهرت نزاعات جديدة في دول مثل ميانمار وإثيوبيا.

وأضاف"مارك لوكوك" يقول: "أدى انعدام الأمن، والعقوبات وتدابير مكافحة الإرهاب والعقبات الإدارية إلى إعاقة العمليات الإنسانية. وأضافت جائحة كـوفيد-19 مشاكل جديدة أمام الوصول مع تعليق الرحلات وإغلاق الحدود وإجراءات الحجر الصحي والاغلاقات".

واستعرض "لوكوك "بعضا من الجوانب التي ركز عليها تقرير الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، حول حماية المدنيين، والذي صدر الأسبوع الماضي. وأشار إلى أن أول جانب هو علاقة النزاع بالجوع. وأضاف يقول: "لاح تهديد المجاعة مرة أخرى العام الماضي، بما في ذلك في شمال شرق نيجيريا، وأجزاء من الساحل وجنوب السودان واليمن. في نهاية عام 2020، واجه تقريبا 100 مليون شخص أزمة أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد نتيجة الصراع. وهو ارتفاع من 77 مليونا في العام الذي سبقه".

وأوضح "لوكوك" أن الصراع يتسبب في الجوع الحاد بطرق مباشرة وغير مباشرة، إذ يترك المدنيون أراضيهم الزراعية ومراعيهم ومناطق صيدهم، كما تقوم أطراف النزاع بتدمير مخزون الغذاء، فترتفع الأسعار وتقل القدرة الشرائية للعائلات.

وتحدث "لوكوك" عن استخدام الأسلحة المتفجرة في البلدات والمدن، مؤكدا أن ما يقرب من 90 في المائة من الأشخاص الذين قُتلوا عند استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المدنية، هم مدنيون. "رأينا أعدادا كبيرة من الإصابات في صفوف المدنيين الناجمة عن استخدام هذه الأسلحة العام الماضي، بما فيها أفغانستان وليبيا وسوريا واليمن".


وقال لوكوك: "في العراق، دمرت الغارات الجوية أراضٍ زراعية وتسببت بحرائق، بما في ذلك في مناطق ثرية بالتنوع البيولوجي وفيها أنواع مهددة بالانقراض". وفي شمال سوريا أيضا أدى تدهور البنية التحتية إلى تسرب النفط، وتلوث المياه اللازمة للزراعة والصحة والحفاظ على النظافة الأساسية".


وفيما يتعلق بالطواقم الطبية وسيارات الإسعاف والمرافق الطبية، قال المسؤول الأممي: "يتم تهديد الأطباء والممرضين واختطافهم وقتلهم. 

وتتعرض المرافق ووسائل النقل بما فيها سيارات الإسعاف إلى الأضرار والتدمير. ويُحرم المرضى والجرحى من تلقي الرعاية".

وأشار "لوكوك" إلى أن الهجمات على الرعاية الصحية العام الماضي في 22 دولة متأثرة بالنزاعات أدت إلى مقتل 182 من العاملين الصحيين. وسُجّلت أعلى الأرقام في بوركينا فاسو، وجمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال وسوريا.

وشدد "مارك لوكوك" على الدور المهم للمحاسبة. وقال: "إذا مرت جرائم الحرب دون عقاب، فستزداد الأمور سوءا، يجب أن تكون المساءلة عن الانتهاكات منهجية وعالمية". 

وأكد أن القوانين والأدوات اللازمة لحماية المدنيين من الأذى في النزاعات المسلحة موجودة، "لقد حان الوقت لكي تطبقها جميع الدول وأطراف النزاع".

وأشار "مارك لوكوك" إلى ضرورة تغيير سلوك المتحاربين وتكتيكاتهم لتمتثل للقوانين الإنسانية الدولية، وأضاف: "لقد رأيت تدهورا كبيرا في هذا المجال سواء من الدول أو من الجماعات المسلحة غير الحكومية خلال ما يقرب من أربع سنوات من عملي كمنسق الإغاثة في حالات الطوارئ".


ودعا المسؤول الأممي إلى التركيز على مواجهة الطريقة التي يتصرف بها المتحاربون في النزاع، وقال إذا لم يفعل المجتمع الدولي ذلك، "سنرى استمرار تزايد حجم الاحتياجات الإنسانية كما حدث خلال السنوات الأربعة الماضية".


بدوره، أكد "بيتر ماورر"، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في إحاطته الافتراضية، إنه خلال النزاعات نشهد دورات مفرغة من العنف تتقاطع فيها دوافع سياسية وإيديولوجية وعرقية ودينية وإجرامية، وانتهاكات للمعايير الأساسية تؤدي إلى تحديات هائلة في مجال الحماية.


وقال: "النتيجة هي أن الأفراد والمجتمعات المحلية يواجهون مخاطر وعقبات متزايدة. وهؤلاء الموجودون في آخر الطابور – النساء والأطفال وذوو الإعاقة والأقليات والمسنّون – هم الأكثر تضررا ويزداد تهميشهم".


وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد أصدرت مؤخرا تقريرا شاملا حول الآثار المنهجية لكوفيد-19 على المجتمعات التي تتحمل العبء المضاعف للحرب والمرض.


وأضاف "ماورر" يقول: "لا يمكننا السماح بقصف المستشفيات مع الإفلات من العقاب، ليموت المرضى والجرحى بلا داع؛ وبأن تنتشر الأمراض دون رادع؛ وبأن تكون اللقاحات المنقذة للحياة محفوظة للمتميّزين". ولفت رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى الحاجة لتغيير سلوك الأطراف المتحاربة في النزاعات، وإلى توفير حماية أفضل للمدنيين والمزيد من الدعم الجوهري والأوسع للعمل الإنساني.


من جانبها، قدمت د. "أورخالا أشرف نعمت"، وهي ناشطة وباحثة في وحدة البحوث والتقييم في أفغانستان، كلمة عبر تقنية الفيديو أمام مجلس الأمن، قالت فيها إن سنوات طويلة من النزاع والعنف حوّلت أفغانستان إلى واحدة من أسوأ الدول لسكانها العاديين والمدنيين والعاملين الصحيين، مشيرة إلى أن السبب في ذلك يعود إلى أن أطراف النزاع غالبا ما لا تمتثل لميثاق جنيف أو أي ميثاق عالمي آخر يلزمها بضمان حماية المدنيين ووضعها كأولوية.

وقالت الباحثة الأفغانية: "المدنيون يكونون هدفا لهجمات طالبان ويتم استخدامهم كدروع بشرية من قبل طالبان وجماعات مسلحة أخرى. وللأسف، في بعض الحالات، تقوم القوات الحكومية بقصف أهداف مدنية وتستهدف مدنيين".


وأشارت الناشطة الأفغانية إلى أن بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما) وثّقت في الربع الأول من هذا العام سقوط 1,783 من المدنيين: 573 قُتلوا، و1,210 أصيبوا بجراح ويُعدّ هذا ارتفاعا بنسبة 29% مقارنة بنفس الفترة من عام 2020.


وقالت: "ما يثير القلق بشكل خاص هو ارتفاع بنسبة 37% في عدد النساء اللاتي قُتلن أو أصبن بجراح و23% في عدد الأطفال الذين قُتلوا أو أصيبوا مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي".


وأضافت الناشطة الأفغانية أنه منذ نهاية فبراير وبداية مارس هذا العام، استُهدفت سبع نساء في شرقي أفغانستان: ثلاث صحفيات قُتلن رميا بالرصاص وتم تفجير معمل لطبيبة، أعقب ذلك اغتيال ثلاث شابات يقدمن التطعيم في مدينة جلال أباد.

 وأكدت في ختام كلمتها على أنه: "حان الوقت لكي يدعمنا حلفاؤنا الدوليون في تحقيق سلام دائم لأن هذه الحرب تمت رعايتها دوليا وحظيت بالدعم. ويحتاج السلام أيضا إلى خطوات قوية وعملية عبر جهود مشتركة وتعاون".