رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شريف دسوقي.. فنان يحلم بالاحتفاء بأبطال «الهامش»

شريف دسوقي
شريف دسوقي

تداول الجمهور والفنانين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، عبارات الأسى والتمنّي بالشفاء العاجل، للفنان شريف دسوقي، بعدما كشفت الفنانة بدرية طلبة عبر صفحتها الخاصة بموقع «فيس بوك» حدوث مضاعفات لجرح عطّل تدفق الدم من الوريد لقدمه وبترها. 

«الفرحة أخافتني،  كنت أفكر فيما ينتظرني من المكايد ودسائس الحاقدين، وغِلّ بعض رفقائي القدامى، اللحظة التي سأتألم فيها ثانية، متى سُأقصى لأعود فنانًا هاويً مرة أخرى؟، لذا فضلت الصمت، وقررت ألا ألقي كلمة بمناسبة الجائزة». 

وصف الفنان شريف دسوقي، شعوره لحظة تسلمه لجائزة أفضل ممثل بمهرجان القاهرة السينمائي لعام 2018، عن مشاركته في بطولة فيلم «ليل خارجي» للمخرج أحمد عبد الله، بعد 15 عامًا من التجارب الفنية كهاوٍ في المسرح والسينما والدراما، وعروض الحكي القصصي.

ويضيف لـ«الدستور»: «اشتهرت وعمري 53عامًا، بعد رحلة قاسية وممتعة وهو ما أثقل موهبتي». 

مكّنته موهبة الرصد والمراقبة لأبطال الهامش في الشارع المصري على براعة تجسيد شخصية «مصطفى» سائق تاكسي في فيلم «ليل خارجي»، إذ كان يراقب البائعين المتجولين عمّال المقاهي، المارة، العجائز، يرصد همومهم وأحزانهم، تعبيراتهم الجسدية، ليرويها منقحة على خشبة المسرح ضمن عروض الحكي، رغبة في تغذية الأمل في الجمهور. 

ماض مؤرق 

اشتغل شريف دسوقي بأعمال بعيدة عن الفن وذو صلة أحيانًا، لينفق على طموحه للوصول للقب «ممثل محترف» بائع ورد، عامل في مخبز، كهربائي، فني مسرح، يقول «تربحت من مهنة فني المسرح، التي اندثرت في هذه الأيام، ألغيت، كنت أبني المسارح، ولازلت، بالإضافة لبناء بني آدمين». 

قبل 20 عامًا، انفصل الفنان شريف دسوقي عن زوجته الفنانة، يحكي لـ«الدستور»: «أعطيتها قلبي كله، لكنها فضّلت الانفصال بعدما رزقنا بطفل «آدم» كانت بمثابة الفجيعة، لم أتحمل مراراتها، فشلت كل محاولاتي في الإبقاء عليها، حتى بتدخل أصدقاءنا في الوسط الفني بالإسكندرية، لذا فقدت اتزاني كلية، فنصحني المقربين بزيارة طبيب نفسي».

تردد «دسوقي» على عيادة نفسية بمحطة «القائد إبراهيم» بالإسكندرية مرة واحدة، يقول:"ألهمني الله بالعلاج النبوي عبر أحد المساجد، ليخرج من صدمته التي تسببت فيها زوجته التي راهن عليها، بجملة واحدة "هدفنا ليس واحد"، وتضاعفت الأزمة بفراقه لابنه "آدم" الذي تربى مع والدته".

أقيل "دسوقي" من الهيئة العامة لقصور الثقافة، لكشفه للفساد حسبما حكى لبرنامج "حكاوي مصر" على قناة "النهار"، وواجه تحايل إداري باستخراج شهادات "معاملة أطفال"، أو "الجنون"، تؤكد إصابته بمرض نفسي يعيقه عن العمل. قال:"أعرف كل من يروج هذه الإشاعات شخصيًا، وسأضع في يدهم كلابشات السجن في أحد الأيام". 

ولا ينسى "دسوقي"، لحظات عمله في مع والده "عم دسوقي" مدير مسرح إسماعيل ياسين بالإسكندرية عام 1948، التي قربّته مع الفنانين المخضرمين، محمود المليجي، زينات صدقي، ستيفان روستي، إسماعيل ياسين، وهو ما أثقل موهبته من صغره، و رغم ممانعة العائلة من اشتغاله بالفن، إلا أنه بدأ رحلته من على خشبة المسرح، واكتفى بحصوله على شهادة من معهد فن صناعي "تعليم متوسط"، واكتفى بالتدريب والتعلم الذاتي من خلال الورش الفنية، داخل مصر وخارجها. 

عاصر "دسوقي" الفنانين والمؤلفين، محمد نجم، سيد زيان، أحمد الأبياري، يقول :"تولاني الفنان محمد نجم وعمري 10 سنوات، تعلمت كيف أخرج مسرحية بأقل التكاليف". وتدرب على بناء المسرح، بداية من التصميمات والتعامل مع الأجهزة الفنية.

وحكى عن الورش الفنية الفارقة في حياته، التي تدرب فيها مع  المدربة الروسية "أورينتا كوك" وأشادتت بموهبته، ومن وقتها لا يتخلى عن التدريب المستمر.

ودرّب "دسوقي" فنانين عبر الورش الفنية الخاصة التي التحق بها عديدون، وتخرج منها، الفنان مصطفى أبو سريع، والإعلامية إيمان سليم التي تعلمت منه فنون الإلقاء ومخاطبة الجمهور. حسب حواره الصحفي. 

تعرض الفنان شريف دسوقي للاستغلال من مؤسسات المسرح الحر، لتنوع مواهبه، وإجادته للكتابة والتمثيل وتصميم المسارح، قال في حوره صحفي :" تدعي هذه المؤسسات دعمها للفنون، رغم أنها تستغل الموهوبين، وهو ما عطلني لسنوات عديدة بالإسكندرية".

تحمس "دسوقي" لتيار السينما المستقلة عام 2002،  ورُشح لفيلم قصير "حاوي"، وفض المشاركة بأعمال فنية مستقلة، بدول عربية وأجنبية، تونس والمغرب والنمسا، وألمانيا، عن الوقوف أمام مكاتب الريجسير، يقول: "عارفت إنها مش عادلة، وقررت التحمل والصبر لاقتناص الفرصة المناسبة".  

اختار "دسوقي" أن يخالف السائد في عروض الحكي المسرحية، ابتعد عن السيرة الهلالية، وقرر أن يعرض حكايات أبطاله المشغول بهم في الشارع، والحارات، والنواصي، والأسواق الشعبية.ويحلم أن يقدم عمل درامي كامل، بطله الدرامي "صيّاد"، بالإضافة إلى تجسيد شخصيات المجتمع المهمشة.

وصم المرض النفسي 

إثر احتفاء الجمهور بالفنان المصري شريف دسوقي لبراعته في تجسيد شخصية "سبعبع" بمسلسل "100 وش"، فوجىء بأنه يهدد بالانتحار واعتزال التمثيل بحلول عام 2025، لخلاف مع المدير المالي لشركة العدل جروب المنتجة للعمل الدرامي. 

 ما دعى "دسوقي" لتصعيد موقفه، شعوره بالاستهانة وعدم التقدير، من "زلط" الذي همشه ووقع عقد العمل معه خارج مكتبه، عكس البروتوكل المتعارف عليه مع الفنانين، وهو ما دعى الفنانة عارفة عبد الرسول بالانسحاب من العمل، ورغم ذلك توصل "دسوقي" لاتفاق يقضي بحصوله على خمسة وسبعون ألف جنيه مقابل خمسة أيام تصوير فقط، لكنهم تخطوا شهرين، وسط ظروف صعبة، التصوير لمدة 18 ساعة يوميًا، وكان "دسوقي" يمشي على قدميه يوميًا لموقع التصوير، دون أن يُعدل عقده ليحصل على ما يوازي الأيام الإضافية للعمل. 

حصل الفنان شريف دسوقي على أجر 125 ألف جنيه مقابل مشاركته في مسلسل "لمس أكتاف" عام 2019، وهو ما حدد أجره في السوق الفني، على حد قوله. وتبعًا لذلك أصبح من حقه تقاضيه خمسين ألف جنيه كبقية أجر عن مشاركته في "100وش"، وهو ما وافق عليه "زلط"، لكنه لم يحصل عليهما. 

في خضم الأزمة، ظهرت أخبار صحفي تناولتها البرامج التلفزيونية، عن أن "دسوقي" يحضر لموقع التصوير مخمورًا بالإضافة لكونه "مجنون"، يعاني من أمرض نفسية، ولديه شهادة "معاملة أطفال"، يتردد على الأطباء للتعافي منها. 

نفى "دسوقي" هذه الشائعات، باعتبارهما تهمًا غير مستساغة، لا يقبلها، يقول: "تربيت بنشأتي في مسرح إسماعيل ياسين بالإسكندرية على أن موقع التصوير، مقدس، كأماكن التعبد، روحاني، أحضر قبل بدء التصوير بساعتين، أشارك العُمال إفطارهم، وأرتب معهم الديكورات، و استعد لتصوير مشاهدي، أما عن المرض النفسي، فكيف يُعتبر وصمة عار، غير أنه ليس صحيحًا بالمرة، فلم أتردد على الطبيب النفسي سوى مرة واحدة بعد انفصالي عن زوجتي منذ 20 عامًا". 

الاستغاثة بنقابة المهن التمثيلية

ظهر شريف دسوقي خلال مقطع فيديو، يصرخ، موجهًا تنديداته لنقيب المهن التمثيلية المصري، قائلًا:"دكتور أشرف زكي ما تبعنيش لحد، عاوز شقايا، وهسيب مهنتكم وأمشي، مش هكمل لـ2025، رجلي مهدده بالبتر وأعاني من الغرغرينا".

ونفى الفنان أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، وقتها، إيداع شريف دسوقي مصحة نفسية بترتيبات منه، كما رفض التعليق على الأزمة، قائلًا "لا تعليق"، وهو ما زاد سخط "دسوقي"، وغضبه، وعزز شعور الظلم بداخله، يقول للـ"الدستور": "تأخرت نقابة المهن التمثيلية عني، وهو ما دفعني للخروج للإعلام، رغم أنني أدين لأشرف زكي بالفضل، ولا أنكره، خاصة وأنه تولاني فنيًا أثناء دراسته بالمعهد الحالي للفنون المسرحية، وسبق أن عمل مع والدي بمسرح إسماعيل بالإسكندرية". 

إصابة الفنان شريف دسوقي، بجرح طفيف في قدمه، أثناء تصوير أحد الأعمال الدرامية، التي روّج بأنه طُرد منها، تسببت في اكتشافه المفاجئ بإصابته بمرض السكري، بالإضافة، لمرضي الضغط والحُمره، وهو ما عرضه لإجراء عملية بترد لإحدى قدميه، يضيف في تصريحات صحفية:"كنت مهددًا بفقداني إحدى قدمي، ولم يساندني في أزمتي سوى المنتج أحمد الجنايني، لم يغادر المستشفى إلا بعدما اطمئن على حالتي الصحية".

ولم يستطع "دسوقي" استكمال دوره في مسلسل "القاهرة كابول" لمضاعفات الإصابة بالسكر، لكنه شارك في مسلسل "نجيب زاهي زركش" مع الفنان يحى الفخراني، ليقدم شخصية "بورنيطه".

أخفى شريف دسوقي، إصابته، أثناء مشاركته في فيلم "وقفة رجالة" 2021، عن المنتج أحمد الجنايني، وكان تحمله مثمرًا، إذ حقق الفيلم نجاحًا جماهيرًيًا، ويصرح لـ"الدستور"، بأنه وقع على المشاركة في الجزء الثاني للفيلم.

قبل تفاقم إصابته عمل الفنان المصري، على تقديم مشروع فني، كان من المقرر أن يظهر فيه عبر إحدى الحارات المصرية، لتوعية الشعب المصري لمعايشة فيروس "كورونا المستجد" بالفن، على أن يعرض في حلقات على موقع "اليوتيوب".