رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحرمان من الدعم.. خطوات نحو القضاء على زواج القاصرات

القاصرات
القاصرات

حفاظًا على استقرار المجتمع المصري وتكوينه وأيضًا حرصًا على حماية الفتاة المصرية من التداعيات الصحية والاجتماعية لزواج القاصرات، وعلى مستقبل الأطفال من تهديد صحتهم وسلامتهم، تدرس وزارة التضامن الاجتماعي حاليًا إجراء بعض التعديلات على شروط الحصول على الدعم النقدي من تكافل وكرامة، وتأتي على رأس قائمة تلك الشروط عدم تزويج الفتيات القاصرات دون السن القانونية للزواج وهى سن 18 سنة.

وفي هذا الصدد أوضحت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، أنه حاليًا هناك  اهتمام وتوجه عام من قبل القيادة السياسية نحو الاستثمار في البشر، ويبدأ ذلك من مواجهة زواج القاصرات الذي يشكل خطرًا على استقرار الأسرة المصرية.

وتابعت وزيرة التضامن الاجتماعي أنه بدءًا من الألف يوم الأولى في حياة الطفل ومرحلة الطفولة المبكرة، سيتم تعزيز الرعاية الصحية والالتحاق بالتعليم والأطفال في سن المدرسة، وأيضا تحسين خصائص المنزل من خلال برنامج «سكن كريم»، وتأهيل الشباب للحصول على فرصة عمل لائقة، وانتهاءً بتعزيز الوعي الأسري والمجتمعي، خاصة أن تلك الخصائص التنموية تمثل أولوية مهمة جدًا للأسرة المصرية، بل لبناء المواطن والوطن في آن واحد.

 

ـ أرقام مفزعة عن الزواج المبكر

وطبقًا لآخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن نسب الزواج المبكر ارتفعت في مصر، إذ بلغ عدد المتزوجين دون سن السابعة عشر إلى أكثر من 117 ألف حالة زواج، أي تشكل 40% من إجمالي حالات الزواج في البلاد، أي ما يعادل 0.8% لمجمل السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عاما، موضحة أن السبب الرئيسي لترك التعليم وارتفاع نسبة الأمية إلى نحو 40%، هو الزواج المبكر خاصة بين الفتيات، إذ وصلت نسبة التهرب من التعليم بينهن إلى 36%.

وأوضح تقرير صادر عن وزارة التضامن الاجتماعي، فإن عدد مستفيدي «تكافل» وصل إلى مليونين و109 آلاف و519 مستفيدًا حتى منتصف مايو الحالي، بينما بلغ عدد مستفيدي الضمان الاجتماعي حتى منتصف مايو 2021، نحو 388 ألفًا و528 مستفيدًا، أما عدد مستفيدي «كرامة» حتى منتصف مايو 2021 وصل إلى مليون و260 ألفًا و701 مستفيد.

سامية عاطف، تبلغ 20 عامًا، تروي قصتها عن زواج القاصرات، تقول إنها إحدى الفتيات اللاتي وقعن ضحية زواج القاصرات، إذ أوضحت أنها تعيش في قرية ريفية بمحافظة الدقهلية، والتي تحكمها عادات وتقاليد الزواج المبكر حتى وإن كانت الفتاة لم تصل إلى السن القانونية.

تقول "سامية" إنها تزوجت في سن صغيرة وهي لم تتجاوز الـ 16 من عمرها، وبسبب أنها لم تكن تصل إلى السن القانونية للزواج بعد فتم عقد الزواج بعقد عرفي ولم يوثق.

تضيف: "حينها كنت صغيرة ولم أدرك مدى خطورة الأمر الذي سيكلفني الكثير فيما بعد، إذ ظهرت أول مشكلة لزواج في سن صغيرة عندما رزقني الله طفلي الأول، فلم أستطع تسجيله لأن الزواج عرفي".

وتابعت: "ظهرت المشكلة الكبرى حينما بلغت السن القانونية للزواج وتجاوزت الـ 18 عامًا، وطلبت من زوجي بتوثيق عقد الزواج حتى يكون الزواج طبيعيًا ونتجنب أي مشكلات تتعلق بإنجاز أية مهام في الجهات الحكومية بسهولة ودون عقبات".

كانت الصدمة التي واجهتها "سامية" حينما طلبت من زوجها توثيق الزواج شرعيًا بدلًا من العرفي، إلا أن طلبها قوبل بالرفض من قبل زوجها الذي حاول معه الجميع بتوثيق العقد، إلا أنه أعلن أنه سيطلقها ولم يعد يريد العيش معها.

 

ـ قانون

ومن المقرر أن ينتهي مجلس النواب من إعداد مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون العقوبات، رقم القانون رقم 58 لسنة 1937 وتعديلاته بشأن تغليظ عقوبة زواج القاصرات.

وينص الدستور المصري في المادة 80 على أنه يعد طفلا كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، ونصت المادة الخامسة من القانون رقم 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008، "ألا يجوز توثيق عقد زواج لمن لا يبلغ من الجنسين 18 عامًا، ويعاقب تأديبيًا كل من وثق زواجًا بالمخالفة لأحكام هذه المادة".

كما ينص قانون العقوبات 227، على أنه يعاقب بالحبس مدة سنتين أو غرامة لا تزيد على 3 آلاف جنيه لكل من أدلى أمام السلطة العامة ببيانات بقصد بلوغ أحد الزوجين السن القانونية للزواج، كما يعاقب بالحبس أو غرامة، وتشمل العقوبة كلا من الوالي المسئول والمأذون والشهود فقط، كما ينص القانون 64 لسنة 2010، أنه يعتبر الزواج المبكر من بين حالات الاتجار بالبشر وعقوبته مؤبد وغرامة 100 ألف جنيه للوالي المسئول عن إتمام الزيجة.

لم تختلف كثيرًا التفاصيل التي روتها عبير سالم، من محافظة المنيا، التي أكدت أنه بمجرد بلوغ الفتاة 10 أعوام أو 12 عامًا فيتم تزويجها على الفور، مشيرة إلى أن العائلات عادةً ما تميل إلى زواج الأقارب.

أوضحت "عبير" أنها تزوجت عندما بلغت 11 عامًا وبعد مرور فترة أصبحت "عبير" مسئولة عن بيت وزوج وأسرة مكونة من 3 أطفال يستوجب عليها رعايتهم وهي لا تزال طفلة وفق السن القانونية.

تضيف:" ندمت جدًا بعدها يعني لما كبرت شوية وأدركت أن الأمر لم يقتصر فقط على فكرة الزواج، وإنما هناك مسئولية كبيرة تتبع هذا الزواج وأطفال يجب توثيقها ولكن مع الزواج العرفي سصبح الوضع صعبًا للغاية".

 

ـ خبير قانوني: هتك عرض وليس زواجًا

مايكل رؤوف، قانوني متخصص في قضايا العنف ضد المرأة، أكد في حديثه لـ “الدستور” أن زواج القُصر دون الـ 18 عامًا يعتبر هتك عرض وليس زواجًا فضلًا عن كونه حرام شرعًا وقانونيًا هو غير معترف به، موضحًا أن الدولة عكفت سنوات في محاولات القضاء عليه بشتى الطرق الممكنة وعلى راسها تغليظ العقوبات.

تكمن مشكلة مواجهة زواج القاصرات في الدولة هي تضارب القوانين، يقولها "رؤوف"، مستطردًا أنه وفقًا لقانون العقوبات فإن زواج القاصرات جريمة تستوجب تطبيق عقوبة قانونية، ولكن قانون الأحوال الشخصية يعطي الحق لمن بلغ الـ 16 عامًا أن يرفع قضايا تتعلق بشئون الزواج، وهنا تكمن الأزمة الكبرى.

وأكد الخبير القانوني، أن عقوبة زواج القاصرات تصل إلى السجن مدة تصل إلى 16 عامًا، وهي تطبق على جميع الأطراف التي شاركت أو سهلت في انعقاد هذا "الاتفاق" لأنه ليس زواجًا.

 

ـ جهود مستمرة

تعمل وزارة التضامن الاجتماعي حاليا على تأهيل قيادات نسائية ومجتمعية داخل القرى وتدريب نحو 20 ألفًا من الرائدات والمثقفات والمكلفات والمتطوعات لإكسابهن مهارات التواصل المجتمعي والإقناع بما يكنهن من ممارسة دور فعال لتوعية السيدات وتغيير السلوكيات السلبية بأخرى إيجابية تنموية.