رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التونسية المرشحة لجائزة البوكر: الوصول للقائمة القصيرة تتويج حقيقي

جائزة البوكر
جائزة البوكر

تترقب الأوساط الثقافية عمومًا والعربية خصوصًا لحظة إعلان الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية غدًا الثلاثاء، وهي من أهم الجوائز الأدبية المرموقة في العالم العربي التى تهدف إلى مكافأة التميز في الأدب العربي المعاصر، ورفع مستوى الإقبال على قراءة هذا الأدب عالميا من خلال ترجمة الروايات الفائزة، التي وصلت إلى القائمة القصيرة، إلى لغات رئيسية أخرى ونشرها.


وتختص الجائزة العالمية للرواية العربية، وهى جائزة سنوية، بمجال الإبداع الروائي في اللغة العربية، ويرعى الجائزة حاليا مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة بالإمارات، وتحظى الجائزة بدعم من جائزة بوكر في لندن.


وفي أواخر مارس الماضي، أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية عن الروايات المرشحة للقائمة القصيرة في دورتها الـ(14)، وهي (دفاتر الوراق) للأردني جلال برجس، (الاشتياق إلى الجارة) للتونسي الحبيب السالمي، (الملف 42) للمغربي عبدالمجيد سباطة، (عين حمورابي) للجزائري عبد اللطيف ولد عبدالله، (نازلة دار الأكابر) للتونسية أميرة غنيم، و(وشم الطائر) للعراقية دنيا ميخائيل.


ويحصل كل من المرشحين الستة في القائمة القصيرة على 10 آلاف دولار، كما يحصل الفائز بالجائزة على 50 ألف دولار إضافية، وسيجرى الإعلان عن الرواية الفائزة بالجائزة غدا.


وقالت التونسية أميرة غنيم، المرشحة في القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية- في حوار مع مراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بتونس: "ولدت بمدينة سوسة التونسية هذه المدينة الرائعة الواقعة في الساحل الشرقي على ضفاف المتوسط، قضيت عمري كله باستثناء سنوات التحصيل الجامعي التي أخذتني إلى العاصمة التونسية وبعض التربصات القصيرة هنا وهناك في بلدان العالم".


وعن مكتشف موهبتها ومن كان له الفضل في تنميتها، أضافت: كنت محبة للقراءة والكتابة، ومن فضل الله أني نشأت في أسرة مثقفة لا تعتبر الكتب من الكماليات، فاستقبل أفرادها غرامي بالمطالعة بالتشجيع والترغيب، وما انزعجوا من الساعات الطوال التي كنت أسرقها من زمان التحصيل العلمي لقراءة رواية أو مجلة أو ديوان شعر أو مجلد من الأدب القديم.. ثم بدأت في خربشات سرية ككل المراهقات أجرب فيها معارضة ما كنت أقرأه من رسائل جبران لمي زيادة أو نصوص غادة السمان التي تخاطب فيها من تناديه "أيها الغريب"، أو حتى قصائد نزار ودرويش وسميح القاسم جربت كتابة الشعر والنثر، وخبأت كتاباتي إلا عن المقربين من أحبابي، حتى قررت ذات يوم نشر رواية فخرجت من السرية إلى العلن.


وعن البيئة التونسية وكيف لعبت دورا في موهبتها، أكدت أميرة غنيم: "لاشك في أن الكاتب يتأثر بما حوله، ولا ريب عندي أن تونس بتاريخها وحضارتها ونسيم الحرية الذي زاد بهجتها قد طبعت شخصيتي الروائية بطابعها المميز، غير أن الأمر لا يقتصر في رأيي على تحفيز الموهبة، فالمطلع على رواية (نازلة دار الأكابر) مثلا سيجد بين أعطافها رائحة الياسمين التونسي، وسيلقى نفسه كلما انتقل بين الفصول متجولا في شوارع العاصمة القديمة، مسرحا بصره في مآذنها وقبابها وبناياتها العصرية، مصغيًا إلى صدى التاريخ وهو يتحاور مع مشكلات الحاضر ومآزقه، ففي كتابتي جانب من المحلية أحرص عليه كحرصي على الجمالية السردية، وليس الحرص من باب الاحتفاء بالذاتية فحسب، بل هو دعوة للتبادل والانفتاح والتعايش، فأنا من الناس الذين يصدقون أن المحلية في الأدب السبيل الأقصر نحو الكونية الإنسانية".

 

نازلة دار الأكابر

وبالنسبة لروايتها المرشحة لجائزة البوكر "نازلة دار الأكابر"، لفتت إلى أنها "أدركت الرواية في أقل من سنة من صدورها طبعتها السابعة وبعد أسابيع قليلة تصدر في مصر طبعتها الثامنة، ونشرت في قراءتها مقالات نقدية مهمة من كبار النقاد والروائيين العرب، وهي متوجة محليا بجائزة لجنة التحكيم للكومار الذهبي، ووصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية".


وحول الوقت الذي استغرقته رواية الجائزة للظهور إلى النور، أوضحت بقولها: "كثيرا ما يطرح هذا السؤال وهو من خصوصيات ورشة الكتابة السرية للروائي، والمحرج أن السؤال يفرض عليك جوابا واحدا إذا حدت عنه كنت كمن يخرق أفق الانتظار الجماعي مما يترقبه الجمهور من رواية ناجحة أن تكون قد استغرقت في التشكل أمدا طويلا كأن الجودة تقاس بالمدة أو كأن الأدبية تكال بحجم الرمل في الساعة الرملية، والحقيقة أن زمن التشكل محفوف بفراغات كثيرة ومتواترة ينحبس فيها القلم أو ينحرف فيها الذهن عن النص فهل تعتبر تلك الفراغات جزءا من الوقت الذي استغرقته كتابة النص حتى نضمن أن يكون الوقت مديدا".


وعن كيفية ولادة فكرة الرواية لديها، نوهت بأن فكرة الروايات "تولد بالصدفة من قراءة مقال، من مشاهدة فيلم وثائقي، من مشهد في الشارع، من ذكريات بعيدة تطفو إلى السطح في ساعة فضاء.. وقد ولدت فكرة (نازلة دار الأكابر) من بيت شعر قرأته في ديوان المصلح التونسي الطاهر الحداد، فإذا به إحدى شخصيات الرواية وإذا الحدث الرئيسي الذي بنيت حوله سائر الأحداث دائر على مضمون ذلك البيت".

لا أقرأ بعين الكاتب

وفيما يتعلق بالروائي القدوة لديها، تابعت: "لا أقرأ بعين الكاتب وإنما بعين القارئ العادي، ولذلك فلا قدوة في الرواية عندي ولست أحب الكتاب بل النصوص، وبعبارة أوضح قد يعجبني كثيرا نصا روائيا لكاتب مغمور وأجده أجود من رواية شهيرة لكاتب معروف، وقد أحب لذاك الكاتب المعروف روايتين أو أكثر ولا أستسيغ رواية أخرى.. يمكنني أن أحدثك عن النصوص التي اعتبرها من روائع الأدبين العربي والعالمي، ولا أمل من تكرار قراءتها كلما شعرت بأني أكاد أنساها، وهي روايات غير متشابهة من حيث البنية ولا من حيث العوالم وتنتمي لكتاب مختلفين في البيئة والتجربة".


وأضافت: "لكن على وجه العموم أنا من الجيل الذي تربى على روايات نجيب محفوظ وحنا مينا وغادة السمان ورافقت سهراته الصيفية أقاصيص سهير إدريس وعلي الدوعاجي ومحمود تيمور.. أحب كتابة طه حسين في (الأيام) وحمادي صمود في (طريقي إلى الحرية) وحسن علوان في (موت صغير) وشكري المبخوت في (الطلياني) وإنعام كجه جي في (النبيذة) وروبرت روث في (البقعة) وواسيني الأعرج في (مملكة الفراشة) ودونا تارت في (الحسون) وأمين معلوف في (سمرقند).. والقائمة أطول من أن يحيط بها عد".


وعن شعورها بعد اختيار “نازلة دار الأكابر” في القائمة القصيرة للبوكر، أعربت عن سعادتها بوصول الرواية للقائمة الطويلة ثم القائمة القصيرة، فالجائزة العالمية للرواية العربية المعروفة بالبوكر هي أهم جائزة عربية للرواية، حيث تفتح للروايات المتأهلة إلى قوائمها نوافذ نحو العالمية عبر ما توفره من فرص الترجمة.


وبالنسبة لشعورها قبل إعلان النتيجة النهائية غدا، أعربت عن اطمئنانها بفضل سمعة الجائزة وسمعة لجان تحكيمها، وقالت: "أعتبر مجرد الوصول إلى القائمة القصيرة تتويجا حقيقيا، وأنتظر أن يفوز الأجدر بالجائزة النهائية، وأرجو التوفيق لكل المترشحين".