رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعظيم الثروة المصرية

وائل لطفى
وائل لطفى

استعداد شركة النصر لإنتاج سيارة كهربائية خبر مبهج للكثيرين، الخبر يحمل معانى كثيرة.. لاختصار هذه المعانى سأحكى حكاية شخصية.. فى عام ٢٠٠٥ قادتنى الصدفة لمعرض مجهول تابع لشركة قطاع عام مصرية، كان المعرض لأحد المنتجات التى لا غنى عنها فى تشطيب البيوت، لفتت نظرى جودة المنتج والخامات المستخدمة فيه فضلًا عن رخص السعر.. ومع ذلك كان هناك عيب قاتل يمنع شراء المنتج.. كان التصميم الفنى له رديئًا لأقصى درجة.. بطبيعة الصحفى سألت مدير الفرع قائلًا: خاماتكم ممتازة.. وأسعاركم جيدة.. هل أنتم عاجزون عن إيجاد تصميم فنى جيد حتى ولو عبر الإنترنت؟ شعر الرجل بجديتى، فأجاب صادقًا: شركات القطاع العام يتم إفشالها خصيصًا لإتاحة الفرصة لشركات أخرى للسيطرة على السوق.. لذلك لن تجد لدينا تصميمًا جيدًا ولا إعلانات عن المنتجات.. ولا أى شىء.. لسبب ما صدقت الرجل لأقصى درجة.. خاصة أن ما حدث فى هذا المجال تكرر فى مجالات أخرى.. قضية «عبدالوهاب الحباك»، رئيس شركة بنها للإلكترونيات- كانت تنتج تليفزيون النصر أشهر تليفزيون مصرى- ترددت فيها معلومات عن تواطؤه مع رجل أعمال مصرى شهير لتحقيق نفس الأهداف.. لا ينطبق هذا على القطاع الخاص المصرى بكل تأكيد.. فهناك كثيرون أضافوا للصناعة المصرية والاقتصاد المصرى.. لكن ما أقوله على وجه الإجمال إن السنوات العشر الأخيرة- قبل «يناير ٢٠١١»- شهدت تفريطًا فى أصول الدولة المصرية.. سواء بالخصخصة أو بسوء الإدارة.. وإن أصولًا مهمة، مثل شركة المراجل وبعض الفنادق تم بيعها بأسعار لا تناسب قيمتها، وإن القضاء المصرى العظيم أعاد بعض هذه الشركات وحكم ببطلان بيعها، وإن مؤسسات الدولة الوطنية كان لها تحفظ على هذه السياسات غير المحسوبة، وإن التفريط فى القطاع العام كان إحدى الخطايا التى جعلت ما جرى فى يناير سهلًا ومقبولًا من الناس.. وما تم الآن أن ثورة ٣٠ يونيو حافظت على ممتلكات الشعب المصرى، وبدأت فى إدارتها بطريقة جيدة.. حيث لثورة ٣٠ يونيو طبيعتان.. أولاهما طبيعة ثورية اقتلعت نظام الإخوان من جذوره وبدأت ثورة شاملة ضد آثاره السلبية فى المجتمع، وطبيعة ثانية «إصلاحية» تعاملت بها مع الدولة المصرية ومؤسساتها القائمة.. هذه الفترة الإصلاحية، التى استمرت ست سنوات كاملة أسفرت عمَّا وصفه الرئيس بـ«الجمهورية الثانية»، التى هى نسخة حديثة من الدولة المصرية، بعد كم هائل من الإصلاحات.. أحد أهم هذه الإصلاحات هو الحفاظ على أصول الدولة المصرية، وتشجيع الصناعة الوطنية، ودخول الدولة ممثلة فى مؤسساتها الوطنية فى العديد من مجالات الصناعة والاستثمار، وتوجيه عائدات هذه الاستثمارات لمشاريع التنمية، وهو ما يجيب عن سؤال الناس «من أين يأتى الرئيس بالنقود؟» هذا التوجه- الذى أجتهد فى فهمه- مبنى على معرفة بأن السوق المصرية سوق ضخمة للغاية قوامها مائة مليون مستهلك، وأن إتاحة الفرصة العادلة لبعض شركات الدولة للعمل والمنافسة الشريفة فيها- دون الممارسات التى كانت تحدث فى الماضى- هو تعظيم لثروة الشعب المصرى، وإضافة لأصول الدولة المصرية، وملمح من ملامح الإصلاح التى تستحق أن نقف أمامها ونعيها ونضعها فى سياقها، كى تكون الصورة أمامنا أكثر وضوحًا.. وعلى الله قصد السبيل.