رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معركة فكرية بين الفصحي والعامية في ملتقى الشربيني الثقافي

ملتقى الشربيني
ملتقى الشربيني

عقد ملتقى الشربيني جلسته الأولى "بعد انقطاع مواصلة فعالياته خلال رمضان، حيث دارت وقائع معركة فكرية ساخنة على هامش قضية  تحقيق وتدقيق التراث (فصيحة وعامية) مثل جانب اللغة الفصحي  الشاعر والمحقق محمد فوزي حمزة ، فيما مثل جانب اللغة العامية  الشاعر والناقد والأثري محمد على عزب وذلك بشبين القناطر.

تحقيق تراث 

تحدث الشاعر والمدقق محمد فوزي حمزة عن أعماله والتي قال إن علاقته بالأدب بدأت مبكرًا جداً، لافتًا إلي أنه كثير ما استمع لوالده- وهو في الرابعه الابتدائية يردد أبياتاً معينة من الشعر، وجدها فيما بعد تلح عليه ومن هنا حاول تعقبها وردها  إلي أصلها ومعرفة معانيها وتصحيح وتفسير واستكمال أبياتها .فيما بعد قادته هذه المحاولة ، وبينما هو  يعمل في مجال آخر- وهو قطاع البنوك – إلي تدقيق الكتب التراثية وتحقيقها.

وذكر أن اول كتاب قام بتحقيقه تناول حادثة "فطيرة الدم "التي إرتكبها اليهود في مصر، وصدر الكتاب سنة 1980 تقريباً بعنوان "اليهود والقرابين البشرية" .ثم انتقل إلي كتب الأدب ، والتي صدرت جميعها عن مكتبة  الآداب. 

 يضيف حمزة: بعد ذلك انتقلت لناحية تأليف الشعر ولي ديوان صدر منه جزآن ، أما قائمة الكتب المدققة -وانا افضل إستخدام كلمة التدقيق عن التحقيق رغم أنني أقول بكل عمل المحقق – فهي طويلة و تربو على ال  22 كتابا مابين تحقيق وتدقيق وتأليف وشرح دواوين ، أهمها ما يلي : كتاب سيبويه الكامل في اللغة والأدب. شرح الزوزني للمعلقات .القصائد العشر.شرح القصائد الثلاث .دواوين الشعراء العشرة. ديوان الأصمعيات.ديوان الحماسة. الشوقيات. ديوان حافظ. ديوان البارودي. دول العرب وعظماء الإسلام.  شرح قصيدة كشف الغمة للبارودي. ديوان الأعشى الكبير.

وأضاف:أقوم بكل مايقوم به المحقق ، من تدقيق وتفسير ماألغز وشرح وذكر الروايات الأخرى، والبحث فيها حتي أجد "الشاهد" وهذا هو المهم ،وغالبا وبنسبة كبيرة أصل إلي هذا "الشاهد" في الرواية.

ولفت إلى ان الصعوبات التي تواجه المحققين فقال أنها كثيرة جداً، على رأسها رداءة خطوط النساخ ،وعيوب التخزين التي تؤثر على جودة الصور، وإن كان ممكنا التغلب عليها من مطابقة المخطوطات والوصول إلي ما جري طمسه، ثم معاناة الوصول إلي المخطوط نفسه ، بين آلاف المخطوطات ، والأصعب أن  تظهر لك مخطوطة مخبوءة ،بينما  توشك على إنهاء العمل فتتكبد معاناة البدء من جديد.!

إعاقة الكتاب

وتابع  فوزي حمزة "ثمة معوق آخر هذه المرة  ، وهو العائد المادي الضئيل للمحققين والذي لايتوازي مع  جهد عمره سنين ،ولفت ان إتحاد الكتاب  استخرج من الأدراج قانونا قديما يقضي بأن يحصل الإتحاد على نسبة 5% من سعر الغلاف!هذا لايتيح للمحقق أن  يحصل علي شيء لأن ال 5% التي يحصل عليها لا تعتبر شيئا مقابل ما أنفقه من مال في شراء المراجع مثلا، وفضلا عن ذلك أيضًا فالاتحاد يخصم نسبته بأثر رجعي ،  وهنا أجد لزاما على إن أحيي مكتبة الآداب لأنهم يدفعون عني نسبة 1% من النسبة التي يفرضها الاتحاد ، وهذا لكونهم أصحاب رسالة، ويضحون تضحية كبري .

 واستطرد : مايفعله الاتحاد يؤثر على مهنة التحقيق، ومن هنا وجبت دعوتي لهم  للعدول عن هذه النسبة الضخمة 

تحقيق تراث العامية

وقدم الشاعر والباحث مسعود شومان رئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة الشاعر محمد على عزب قائلا "يمثل تحقيق تراث الشعر العامي مشكلة كبيرة في تحقيق التراث بشكل عام ، فإذا كانت الفصحي لها قواعدها ولها اجروميتها فإن العامية تواجه مجموعة من الصعوبات الكبيرة التي تقف حائلا دون الولوج إلي هذا الباب المهم ، وإذا نظرنا إلي قضية التحقيق بشكل عام سنجد بعدا عن التحقيق بالفصحي او بالعاميه ،فمابالنا بمن يتصدي لتحقيق التراث العامي و الشعبي. 

ولفت  شومان الى ان تصدي ملتقى الشربيني الثقافي لمناقشة هذه القضية كان شيئا مهما جداً ، خاصة ان يدعو واحدا من أهم المحققين في الشعر الفصيح وهو الشاعر محمد فوزي حمزة ، وواحدا من اهم نقاد الشعر العامي ومحققيه وهو الشاعرمحمد على عزب ، الذي يحاول ان يخترق هذا الباب العصي وهو الكتابات التي تناولت شعر العاميه سواء كان درسا أو نصوصا 

من جهته تحدث الشاعر والناقد محمد على عزب عن تجربته في تحقيق تراث الشعر العامي والصعوبات التي تواجه محقق هذا الفن اثناء عمله ، وبحثه بين المصادر القديمة والحديثة ، والالتزام بالمنهج العلمي للمشتغلين  بالتحقيق وأشار عزب إلي ان تراث الشعر العامي يعاني من التهميش  ، ونوه بأن تركيز محققي وباحثي التراث ينصب على تراث شعر الفصحي ، مما يجعل معرفتنا بتراثنا منقوصة ..بسبب هذه النظرة الانتقائية .

وأشار إلي أن العرب منذ القرن السادس الهجري ابتكروا تعبير و مسمي "الفنون السبع الأدبية"  وبينها أنواع  مختلفه للعامية  ،مايعني انهم إعتبروا أن الشعر العامي جزءا مهما من الإبداع الشعري العربي ، ولم يكن لديهم الهاجس الذي يسيطر على من ينصبون أنفسهم حماة للغة العربية اليوم ، وهذا الهاجس هو خطورة العامية على الفصحي . 

وأضاف:هذا الهاجس لم يكن له محل من الإعراب عندهم فهي موجودع فالعامية موجودة جنبا إلي جنب مع الفصحي منذ إثني عشر قرنا ولم تؤثر عليها، فالمجمع اللغوي اتفق منذ قرون على أن هناك لغة فصيحة رسمية واحدة.ولغة عامية دارجة مشتقة من الفصحي، ولكل منهما دورفي المجتمع والآداب والفنون ،فلا صراع بينهما ولا خطورة من العامية على الفصحي ،انما هو صراع إبتكره بعض الباحثين المحدثين دون ان يعودوا إلي التراث .