رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ولا تزال القضية الفلسطينية فى وجدان مصر

لا تزال القضية الفلسطينية فى وجدان مصر وفى وجدان قيادتها السياسية وفى وجدان وقلب المصريين. فمصر لم تتخلَّ أو تترك القضية الفلسطينية فى أى مرحلة من المراحل منذ بدأت خطة تنفيذ الاستيلاء على الأراضى الفلسطينية ثم تهجير يهود العالم إليها والاستيلاء على أرضها.. ثم إعلان دولة إسرائيل فى عام ١٩٤٨.. وكانت دائمًا مواقف مصر الداعمة للقضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى مشهودة ومعلنة أمام العالم ومعروفة فى المحافل الدولية.. ومنذ هذا العام ١٩٤٨ فإن مصر تقف وتتحرك وتساند وتقوم بدور قيادى ومحورى وثابت ومستديم فى الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، كما أنها ترفض الاعتداءات الإسرائيلية عليه.

ثم حدث تحوّل خطير فى الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضى الفلسطينية منذ أيام، أتوقف عنده حيث تم تصعيد الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى وتوالت الانتهاكات تباعًا.. والتى بدأت منذ ٨ مايو الماضى خلال شهر رمضان الكريم ودون مراعاة لحرمة هذا الشهر الكريم، فقد اندلعت الاشتباكات فى حرم المسجد الأقصى الشريف ودون مراعاة أيضًا لحرمته، وفى حى الشيخ جراح فى القدس مع غارات جوية تصيب المدنيين وتنتج عنها وفيات من الرجال والنساء والأطفال.. ولهذا فإن مصر بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بدأت تحركاتها فورًا لدعم الشعب الفلسطينى لوقف الانتهاكات الإسرائيلية انطلاقًا من دورها التاريخى فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف حسب حدود يونيو ١٩٦٧ ووفقًا للقانون الدولى وقرارات منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

فقد أكد الرئيس موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية باعتبارها تقف على قمة الأولويات المصرية ومواصلة دور مصر التاريخى فى دعم حقوق الشعب الفلسطينى، وبدأت التحركات السياسية من أجل ضرورة التوصل إلى حل نهائى بإقامة دولتين بما يسمح بالحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وإرساء السلام والاستقرار فى المنطقة.. ومهما حاول المزايدون وخفافيش الظلام نشر الشائعات ضد الموقف المصرى فإن مصر لا تترك دورها الداعم والمساند للحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، لأن القضية الفلسطينية لا تزال، وستظل دائمًا، فى وجدان وعلى قمة أولويات القيادة السياسية والشعب المصرى. 

وأتذكر منذ الصغر أننا نشأنا على الاهتمام بها وعلى التضامن من القلب مع حقوق أهل فلسطين الذين ستبقى قضيتهم فى عقل كل مصرى إلى أن يتم التوصل لحلها بإقامة دولة مستقلة لهم وفقًا لقرارات الأمم المتحدة وللقانون الدولى والمتفق عليها دوليًا منذ يونيو ١٩٦٧.

وشهد العالم طوال الأسبوع الماضى الموقف المصرى المحورى للدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، حيث تطالب مصر بوقف القتال فورًا، كما تقوم بجهود كبيرة ومكثفة على مختلف الأصعدة السياسية والدبلوماسية والاتصالات المكثفة على المستوى الدولى، وجَّه بها الرئيس السيسى للتوصل لإنهاء القتال ووقف الانتهاكات الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطينى، أطفاله ونسائه ورجاله، ووقف الغارات الجوية الإسرائيلية التى تنتج عنها وفيات من المدنيين.

وألقى كلمة مصر الداعمة للقضية الفلسطينية الأحد الماضى، سامح شكرى، وزير خارجية مصر، فى جلسة طارئة لمجلس الأمن، حيث دعا إلى وقف الانتهاكات الإسرائيلية على الفلسطينيين وحل الصراع نهائيًا على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلة على الأراضى الفلسطينية وفقًا لقرارات منظمة الأمم المتحدة.. ودعت مصر إلى وقف التصعيد تجاه الشعب الفلسطينى وتحمّل إسرائيل مسئولياتها، وقال «شكرى» إننا شهدنا انتهاكات وعمليات تهجير للفلسطينيين من ممتلكاتهم فى القدس الشرقية، كما دعا منظمة الأمم المتحدة إلى تفعيل دورها لإنهاء الصراع، كما دعا الجميع إلى المشاركة فى إنهاء الصراع القائم الآن.. مؤكدًا أن الحل الوحيد لإنهاء الصراع هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

كما بدأت ردود أفعال عالمية مع تدهور الأوضاع لوقف القتال.. حيث دعا جوتيريش، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، إلى وقف القتال فورًا بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأبدى أيضًا، قبلها فى تصريح سابق، سخطه بسبب تزايد أعداد الضحايا من المدنيين، وأبدى انزعاجه الشديد من تدمير بناية فى غزة تضم مكاتب عديدة من المنظمات الإعلامية الدولية من جراء قصف غارة جوية إسرائيلية، وأعلن الاتحاد الأوروبى عن عقد اجتماع طارئ لوقف القتال فى القدس الشرقية.

وفى الوقت نفسه بدأ يتوالى إعلان مواقف القادة العرب للتضامن مع الشعب الفلسطينى والقضية الفلسطينية- من المملكة العربية السعودية والأردن والعراق.

أما أحدث قرار إنسانى لمساندة الشعب الفلسطينى فقد اتخذه الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما وجَّه بعلاج المصابين من الجرحى الفلسطينيين فى المستشفيات المصرية.. وهى لفتة إنسانية لإنقاذ المصابين وسط اعتداءات شرسة تقوم بها القيادة الإسرائيلية تجاههم فى غزة. وبالفعل تم فتح معبر رفح لهم وكانت فى استقبالهم أطقم طبية على مستوى عالٍ من الكفاءة، وتوافرت سيارات إسعاف لنقل المصابين ولتلقى العلاج الفورى والعاجل فى المستشفيات.. وفى الوقت نفسه تحركت الهيئات المصرية لدعم الشعب الفلسطينى، وأعلن د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، عن ضرورة بدء حملة بكل اللغات لدعم القضية الفلسطينية وحماية حقوق المدنيين الفلسطينيين فى ممارسة شعائرهم فى المسجد الأقصى، ودعا إلى ضرورة تكاتف الدول العربية لمواجهة أى تصعيد لتغيير الوضع القائم فى القدس الشرقية.. كما طالب خطباء المساجد بالدعوة لتوحيد الصف العربى فى خطبة الجمعة. 

وهكذا لا تزال مصر- متمثلة فى القيادة السياسية والشعب المصرى- تواصل دورها المحورى التاريخى الداعم لحل القضية الفلسطينية، والمطالبة بحماية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وإقامة دولة فلسطينية وفقًا لقرارات منظمة الأمم المتحدة.

إن مصر حريصة على إرساء السلام والاستقرار فى المنطقة، وتكثيف جهودها على مختلف الأصعدة السياسية الدولية والإنسانية، والاتصالات مع كل الأطراف.

ولا شك أن وقف القتال الآن قد أصبح ضرورة لحماية أبناء الشعب الفلسطينى، والوصول لهدنة ومواصلة المفاوضات بالطرق السلمية ووقف الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى واحترام الحلول السلمية التى يمكن أن تنهى الصراع بشكل نهائى دون إهدار الأرواح.

إن القضية الفلسطينية وحقوق أبناء فلسطين هى قضية تعيش فى قلب المصريين قيادة وشعبًا، ولن تتخلى مصر عن دورها المحورى والأساسى الداعم لها حتى تتحقق لهم حياة كريمة فى إقامة دولة مستقلة حسب الحدود التى قررتها الأمم المتحدة فى يونيو ١٩٦٧.