رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مفاجآت حماس..كيف أثرت "الأخطاء الاستخباراتية" الإسرائيلية على المواجهة؟

الهجمات على غزة
الهجمات على غزة

إذا كان هناك كلمة واحدة تصف شعور قادة تل أبيب في الأيام الأخيرة فهي كلمة "مفاجأة". فالمعركة التي تدور في هذه الأيام حدثت فجأة، وجرت في أحرج الأوقات بالنسبة  لتل أبيب وذكرتهم بأيام (صيف 2014)، وهي الأيام التي أرادوا  نسيانها، أحد الأسئلة التي طُرحت هذا الأسبوع كان: ما السر في التصعيد المفاجئ بالإضافة إلى الأسباب التي تم رصدها وهي الاستفزازات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، وأزمة حي الشيخ جراح؟ 

هناك من رأى أن المواجهة اندلعت وتطور شكلها بسبب مفاجآت حماس لإسرائيل، والتي نجحت بشكل رئيسي بسبب الأخطاء الاستخباراتية الإسرائيلية. وهو ما نستعرضه في النقاط التالية:

خطأ تقدير حول نية حماس في التصعيد

قبل أسبوع من المواجهة، أشارت التقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية أن حماس لا ترغب في مواجهة لا يمكن السيطرة عليها في القطاع، بل قد تكتفي بتحركات محدودة، أو عمليات متدنية القوة، مثل إطلاق بالونات مشتعلة، بيد أنها تدرك أن إسرائيل لن تدخل معركة لهذه الأسباب.

بررت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تقديراتها، بأن الجمهور الغزي يريد الاحتفال بعيد الفطر بهدوء، وأن حماس ليست معنية بمواجهة خاصة في تلك الأيام، فلي لديها ما تريد تحقيقه من مواجهة واسعة، وكان هذا أول خطأ استخباراتي لإسرائيل.

خطأ تقدير حول تسليح حماس

الخطأ الاستخباراتي الثاني، كان في تقدير نية حماس تجاه التسليح، الاستخبارات الإسرائيلية والجيش وفي الشاباك يدعون أنهم كانوا على علم بتعاظُم قوة حماس، لكن تُقاس ميزة الاستخبارات من خلال قدرتها على استخلاص تنبؤات من المعطيات النفسية والشخصية تسمح بمعرفة كيفية تصرُّف الخصوم، وهو ما لم يتحقق؛ فرغم المعلومات لدى الاجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية بتسليح حماس إلا أنهم أخطأوا التقدير في أنها قد تستخدم تلك الأسلحة بالفعل، بل وتقوم بعمليات نحو العمق الإسرائيلي وتهاجم تل أبيب ومطار بن جورين.

هذه كانت مشكلة خطأ التقدير الاسرائيلي في حرب أكتوبر 1973،  وهي ذاتها تتكرر اليوم، في حرب أكتوبر اعتقد الجيش الإسرائيلي أن مصر لن تشن حرباً؛ فالاستخبارات الإسرائيلية لم تقدّر قوة الإرادة والحافز لدى أنور السادات والجيش المصري في حينه، هذه المرة أيضاً وفي المعركة الحالية يبدو أن الجيش الإسرائيلي قدّر أنه على الرغم من تعاظُم قوة حماس في غزة إلّا إن الردع لا يزال قائماً، وكان هذا خطأً جسيماً في التقدير. 

خطأ استخباراتي حول السنوار

الشخصية الأساسية التي تقف وراء أحداث الأسبوع الماضي هو محمد ضيف، قائد الذراع العسكرية لحماس في القطاع، فهو من خرج في خطاب في بداية مايو، وهدد إسرائيل بشكل مباشر بأنها ستعاقَب على مسّها بفلسطينيي القدس الشرقية، وهو ما أعاد اسمه بين الشباب الفلسطيني في التظاهرات التي جرت في القدس.

هذا المشهد يعد إخفاقاً استخباراتياً إسرائيلياً حيث قدر رؤساء الاستخبارات في إسرائيل أن حماس لها زعيم واحد في القطاع هو يحيى السنوار، وأنه فقط من لديه السلطة في الحركة الآن.

“السنوار” كان في الماضي من قادة الذراع العسكرية للحركة، وحُكم عليه بالسجن المؤبد في إسرائيل وأُطلق سراحه في صفقة شاليط، وُصف في إسرائيل بالشخص الذي مر بعملية اعتدال، وأنه يركز جهوده حالياً على تحصين الحكم وتحسين البنى التحتية في القطاع. لكن بدا أن ها التقدير ليس صحيحاً.

خطأ تقدير حول الوضع في غزة

كانت إسرائيل تتحرك وفق معتقد أنه كلما تحسّن وضع سكان غزة، وخفّت ضائقتهم الاقتصادية والصحية، كلما كانت حماس أكثر استعداداً للموافقة على تسوية وتهدئة بعيدة الأجل مع إسرائيل، مع حقيقة أن إسرائيل معنية بالحفاظ على حماس بصفتها الحاكم في غزة، فسيكون هذا الوضع الذي يجعل الجميع يفضل الهدوء عن المواجهات وهو ما ثبت أنه غير دقيقاً .

كل التقديرات السابقة والتي ثبت فشلها كانت تعتمد على المنطق، ولكن ثبت أنه كثيراً قد يكون المنطق في مكان والواقع في مكان آخر.