رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باحث: الاستثمار في المجال الزراعي بوابة التعاون الأولى بين مصر والسودان

مصر والسودان
مصر والسودان

قال مصطفي عبداللاه محمد، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن مشاركة مصر في مؤتمر دعم السودان، والمقام حالياً بباريس، تعد سبباً في توسيع آفاق التعاون بين السودان الشقيق وبقية دول العالم في عدد من المجالات التنموية، على رأسها مجال الزراعة والرعي.

وأكد، في تصريحات لـ«الدستور»، أنه تعتبر مصر واحدة من أقوى المرشحين الإقليميين والدوليين للدخول في هذا الملف الاستثماري الهام للاقتصاد السوداني، فالسودان واحد من أكبر البلدان الإفريقية امتلاكا للأراضي القابلة للاستخدام الزراعي والرعوي، حيث قدرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة " الفاو  FAO" في عام 2016، أن جملة المساحات الزراعية في هذا البلد الإفريقي الواعد قد تتجاوز 87 مليون هكتار، وهو ما يساوي 47% من جملة مساحة السودان.

وأضاف الباحث أنه تتميز أراضي السودان بالتنوع الكبير في تربتها ومناخها، وهو ما يسهل عليها زراعة العشرات من أنواع المحاصيل المختلفة خلال العام الواحد، فالمناطق الشمالية من البلاد تتميز بتربتها الرملية أو الصحراوية وهو ما يسهل عملية إنتاج محاصيل المناخات الجافة كالسمسم والكركديه، كما تسهل تلك البيئة تربية الإبل والماعز والأغنام التي تحتاج إلى المناخ الجاف والحرارة، فيما تتميز مناطق الجنوب بتربتها الخصبة وجوها الرطب والمطير، وهو ما يساعد على إنتاج المحاصيل الاستراتيجية كالقمح والحبوب والذرة.

وأشار "عبداللاه" إلى أنه يربط بين دولتي مصر والسودان الشقيقتين تعاون قديم ووثيق الصلة في الملف التنموي الزراعي، ويعود هذا التعاون لعام 1867م حينما أقامت الحكومة المصرية مشروع دلتا طوكر الزراعي بشرق السودان لإنتاج محصول القطن، ويعتبر هذا المشروع من أكثر المشروعات الزراعية نجاحا بالسودان حتى يومنا هذا، نظرا لاعتماده على الزراعة العضوية التي تجد قابلية للتصدير بالأسواق الخارجية، كما يتميز المشروع بقربه من موانئ بورت سودان، وهو ما يسهل شحن منتجات دلتا طوكر الزراعية إلى العالم الخارجي عن طريق السفن.  

وأكد أنه كما ارتبط التاريخ المشترك بين البلدين بمجموعة أخرى من المشروعات الزراعية، على رأسها مشروع الجزيرة الزراعي الذي بدأ إنشاؤه في عام 1911م وأخذ يتوسع مع مرور الوقت حتى اعتبر خلال النصف الثاني من القرن العشرين أكبر مزرعة في العالم، حيث فاقت مساحته الإجمالية في حينها 2.2 مليون فدان، كما تشارك البلدان في إقامة مشروع دلتا القاش بالجنوب الشرقي للبلاد، والذي اعتبر وقت إنشائه أكثر المشروعات الزراعية تقدماً، حيث اعتمد على تكنولوجيا الري المنظم وهو ما أمكن من زراعة مجموعة من المحاصيل الاستراتيجية مثل القطن والحبوب، بالإضافة إلى ذلك فلقد تشارك البلدان في إقامة مشروع حلفا الجديد في جنوب البلاد خلال عام 1958م، ولايزال هذا المشروع يحقق العديد من النجاحات للاقتصاد السوداني نظراً للجودة العالية التي تتميز بها إنتاجيته.

وأشار إلى اعتماد مصر حالياً على السودان الشقيق في توفير جزء من احتياجاتها من لحوم الماشية الحية والمذبوحة، بالإضافة إلى جزء من احتياجاتها من المنتجات الزراعية كالسمسم والصمغ العربي والقمح، ولفت إلى التقارير الرسمية المصرية التي سجلت أن القيمة الإجمالية للواردات الزراعية والحيوانية من السودان الشقيق تقارب سنوياً 204 ملايين دولار سنوياً، لكن تلك القيمة يمكن أن تتضاعف خلال السنوات القادمة في حال اعتمدت الدولة المصرية على الأرضي السودانية في توفير احتياجاتها من محاصيل الحبوب الاستراتيجية خاصة محصول القمح.

واختتم تصريحاته بأن مصر تنفق سنوياً على استيراد محصول القمح الاستراتيجي وحده قرابة 3 مليارات دولار سنوياً، كما يمكن أن تزداد قيمة الواردات المصرية من السودان بحوالي 1.5 مليار دولار سنوياً في حال اعتمدت مصر بشكل شبه كامل على المراعي السودانية في توفير حاجاتها من اللحوم الحية والمذبوحة.