رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مؤتمر وقمة باريس

 

إلى باريس، ذهب الرئيس عبدالفتاح السيسى أمس، الأحد، للمشاركة فى «مؤتمر دعم المرحلة الانتقالية فى السودان»، الذى ينعقد اليوم، الإثنين، و«قمة تمويل الاقتصاديات الإفريقية»، التى تستضيفها العاصمة الفرنسية غدًا. وبالمؤتمر والقمة تريد فرنسا، بمساعدة مصر، إعطاء التنمية دورًا محوريًا فى سياستها الخارجية، واستعادة صورتها فى القارة السمراء.

مشاركة الرئيس تأتى تلبيةً لدعوة الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، فى ضوء العلاقات الوثيقة التى تربط بين البلدين، وتأسيسًا على الدور المصرى الحيوى الداعم للمرحلة الانتقالية فى السودان الشقيق، على الصعيدين الإقليمى والدولى، إضافة إلى الثقل الذى تتمتع به مصر على المستوى الإفريقى، وجهودها الملموسة فى تعزيز المبادرات الدولية الهادفة لدعم دول القارة.

خلال تلك المرحلة المفصلية من تاريخه، تساند مصر جميع جهود تعزيز السلام والاستقرار فى السودان، وتؤيد جهود كسر العزلة الدولية، وحشد المساعدات من أجل دفع عجلة الاقتصاد السودانى. وسبق أن أعلن الرئيس السيسى بوضوح عن دعم مصر للسودان، وشدّد على أن أمن البلد الشقيق واستقراره جزء لا يتجزأ من أمن مصر واستقرارها. وإفريقيًا، تقوم «الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية» بدور فعال، عبر تقديم المساعدات فى مجال بناء القدرات وتنمية المهارات البشرية فى مجالات الشرطة والدفاع والقضاء والطاقة والصحة و... و... غيرها، إلى جانب الدورات التى تقدمها العديد من المؤسسات المصرية فى مختلف المجالات.

فى «مؤتمر دعم المرحلة الانتقالية فى السودان» يركز الرئيس على أهمية تكاتف المجتمع الدولى لمساندة السودان، ويستعرض الجهود المصرية الجارية على مختلف المستويات، الاقتصادية والسياسية والأمنية. كما سيلقى الضوء، خلال «قمة تمويل الاقتصاديات الإفريقية»، على مختلف الموضوعات التى تهم دول القارة، وعلى أهمية تعزيز الجهود الدولية لتيسير اندماجها فى الاقتصاد العالمى، بما يسهم فى تحقيق نمو اقتصادى فى مواجهة تداعيات أزمة كورونا، وكذلك تيسير نقل التكنولوجيا للدول الإفريقية، ودفع حركة الاستثمار الأجنبى إليها.

برنامج زيارة الرئيس إلى فرنسا يتضمن، أيضًا، عقد قمة مع نظيره الفرنسى، لبحث موضوعات العلاقات الثنائية، التى تشهد طفرة نوعية خلال الأعوام الأخيرة، إضافة إلى مواصلة المشاورات والتنسيق المتبادل حول عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وأبرزها قضية السد الإثيوبى، تلك القضية المحورية، التى لا تمسّ مصر والسودان فقط، بل تمسّ، أيضًا، حاضر ومستقبل شعوب القارة السمراء. إضافة إلى ملف الصراع الفلسطينى الإسرائيلى. إذ كان واضحًا أن باريس هى الأكثر نشاطًا، بين العواصم الأوروبية، فى سعيها لأن يكون لها دور فى وضع حد للأوضاع المتدهورة فى الأرض المحتلة. 

من هذا المنطلق، أعربت الرئاسة الفرنسية عن دعمها الكامل لجهود الوساطة المصرية. وفى سعيه إلى التمسك بموقف «متوازن» من الطرفين، الإسرائيلى والفلسطينى، أجرى الرئيس الفرنسى اتصالًا تليفونيًا مع نظيره الفلسطينى محمود عباس، الخميس، وأجرى اتصالًا آخر، الجمعة، مع بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى. وفى الاتصالين، شدّد، وفق بيانين أصدرهما قصر الإليزيه، على «الضرورة الملحة للعودة إلى السلام»، وأكد أنه سيواصل تحركه من أجل «وضع حد لجولة العنف» بالتنسيق مع شركاء فرنسا، والدول الأعضاء فى مجلس الأمن. 

من المقرر، كذلك، أن يعقد الرئيس، خلال زيارته إلى باريس، عدة لقاءات مع مسئولين فرنسيين ورؤساء بعض الشركات الفرنسية، لبحث سبل دفع التعاون فى المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الجانبين. كما سيجتمع الرئيس، بعدد من رؤساء الدول والحكومات، للتباحث حول دفع أطر التعاون الثنائى والتشاور حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية.

.. وأخيرًا، يمكننا أن نقول، إجمالًا، إن مصر استعادت ثقلها فى القارة السمراء، حين قامت بتسخير كل إمكاناتها وخبراتها لدفع عجلة العمل الإفريقى المشترك وتحقيق مردود إيجابى ملموس من واقع الاحتياجات الفعلية لدول القارة وشعوبها. كما يمكننا أن نقول، أيضًا، إن دولة ٣٠ يونيو استطاعت، بسياستها الخارجية المتوازنة، أن تستعيد مكانتها عربيًا، إفريقيًا، إقليميًا ودوليًا، منذ أن صار القرار المصرى يخرج من القاهرة، وليس من أى عاصمة أخرى.