رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وائل لطفي يكتب: مصر والقضية

 

 

بعد أيام من اشتعال الأحداث فى القدس أولًا، ثم فى غزة والضفة ثانيًا، وبعد ذلك التصاعد السريع فيها، أستطيع أن أحمل الملاحظات التالية بعين المحلل والمراقب وعلى عهدتى الشخصية.

أولًا: دعم مصر للقضية الفلسطينية بكل قوة حقيقة تاريخية تتجدد كل يوم وعليها آلاف الأدلة المعلن منها أقل من السرى بكثير.

ثانيًا: تفرق مصر بين حق الشعب الفلسطينى كحقيقة تؤمن بها وبين الفصائل السياسية المختلفة، التى تتحدث باسم هذا الحق، ويصعد بعضها حينًا ويهبط بعضها حينًا آخر، وفى مؤسسات الدولة المصرية خبراء مدربون على ترويض الوحوش و«رفاعية» قادرون على التعامل مع أىٍّ كان وفرض قواعد محددة للتعامل.

ثالثًا: لاهتمام مصر بفلسطين أسباب مركبة، بعضها يعود لنظريات الأمن القومى المصرى، التى ترى أن أمن مصر يبدأ من الشام، وأن تداخل مصر مع إقليمها حقيقة تاريخية وسياسية لا يمكن تجنبها أو التغافل عنها.

رابعًا: إلى جانب نظرية الأمن القومى المصرى، فإن هناك بكل تأكيد العاطفة الدينية وما يمثله المسجد الأقصى للمسلمين جميعًا كرمز دينى وتاريخى مقدس، فضلًا عن روابط العروبة والتاريخ المشترك التى تربط الشعبين المصرى والفلسطينى.

خامسًا: إن مصر الحالية والواعية والمؤمنة هى أوعى من أن تترك قضية مقدسة، مثل الأقصى لجماعات الإسلام السياسى تتاجر بها وتخدع البسطاء، وتنتحل بها شرعية زائفة، وتضرب فى أساسات الدولة الوطنية المصرية.

سادسًا: إن الجيش المصرى- وهو عمود خيمة الدولة المصرية- يربى أفراده على عقيدة الولاء لله والوطن وأن كلا الرافدين لعقيدة الجيش المصرى يحتمان عليه الاهتمام بقضية فلسطين، ووضعها الموضع الواجب من الاهتمام، فضلًا عن أهميتها لنظرية الأمن القومى المصرى كما أسلفنا.

سابعًا: إن الصراع مع إسرائيل ليس صراعًا دينيًا، كما حاولت جماعات الإسلام السياسى بأصولها وفروعها أن تصور، وإنما هو صراع سياسى له روافد متعددة، وهو أيضًا ليس صراعًا بين قوميات، ولكنه صراع أدوار ووظائف ومصالح، ومن ثم فإن من حق مصر أن تديره، وفق مقتضيات السياسة وبأدواتها المختلفة، سلمًا وحربًا وتفاوضًا، إلى غير ذلك من أدوات السياسة ووسائلها المختلفة.

ثامنًا: إن إسرائيل منذ تكوينها سعت للسيطرة على المنطقة العربية حربًا وتوسعًا فى الستينيات ثم سلمًا وتسللًا فى التسعينيات- الشرق الأوسط الكبير- وإن السلام المصرى بصيغته الواعية هو الذى أبطل كلا المخططين، فلا سيطرة لإسرائيل بالحرب ولا سيطرة لها بغير ذلك.

تاسعًا: إن السياسة المصرية فى هذه الأزمة كما فى غيرها تثبت ما وصفها به الرئيس السيسى مرارًا من أنها سياسة شريفة واضحة واعية لا تمتثل لغير القرار المصرى ودواعى المصلحة المصرية، وهو ما يجب أن يفخر به كل مصرى.