رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محاولة بايدن توحيد الأمريكيين وطي صفحة ترامب تصطدم بجدار «الانتخابات المزورة»

جو بايدن
جو بايدن

يلتقي الرئيس الأمريكي جو بايدن باستمرار معارضين له سواء في مكتبه البيضوي أو الكونجرس أو عبر الفيديو، لكن رغم كثرة هذه اللقاءات لم يتمكن الرئيس الديموقراطي حتى الآن من مواجهة مشكلة استثنائية هي رفض معظم الجمهوريين الاعتراف به رئيسا شرعيا للولايات المتحدة.

وهذا الانفصال عن الواقع في صفوف الجمهوريين مثير للغرابة حتى بمعايير واشنطن.

وقال كابري كافارو العضو الديموقراطي السابق في مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو والأستاذ في كلية الشؤون العامة بالجامعة الأمريكية: "في التاريخ المعاصر لا نرى أي شيء يتسق مع هذا الأمر، ولو عن بعد"، مضيفا "انه أمر غير مسبوق".

وهذا الأسبوع يروج بايدن لخطته بشأن توحيد الأمريكيين، حيث يلتقي الثلاثاء مع مجموعة من حكام الولايات من الحزبين، كما يستقبل الأربعاء في البيت الأبيض أربعة قادة ديموقراطيين وجمهوريين من الكونجرس.

والخميس سيعود بايدن للجلوس مع الخصوم حين يلتقي هذه المرة خمسة أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ.

ومحادثات الأربعاء التي تجمع على طاولة واحدة الديموقراطيين نانسي بيلوسي وتشاك شومر مع الجمهوريين ميتش ماكونيل وكيفن مكارثي، تعد مواجهة بين أقوى المسؤولين في البلاد.

وقال مسؤول في البيت الأبيض إنهم "سيخوضون في جوانب من السياسات ذات التوافق المشترك وتحديد الأرضيات المشتركة التي تمكنهم من العمل معا وتحقيق نتائج بشأن التحديات التي تواجه العائلات الأمريكية".

الأمر يبدو ايجابيا، لكن بايدن سيتحدث الى زعماء حزب لا يزال 55 بالمئة من مؤيديه، وفقا لاستطلاع أجرته رويترز إبسوس في أبريل، يعتقدون أن الهزيمة الانتخابية التي انزلها الديموقراطيون بدونالد ترامب في نوفمبر الماضي كانت بسبب التزوير.

وكانت غالبية من النواب الجمهوريين قد صوتت أيضا للاعتراض على النتيجة، لكن عدم وجود أي دليل يثبت هذه المزاعم لا يبدو انه يقيم فرقا.

ومثل نظريات المؤامرة التي أحاطت بالهبوط على سطح القمر واغتيال جون كينيدي وغيرها من النظريات الاميركية الأخرى، فإن "الكذبة الكبيرة" حول تزوير الانتخابات كما يسميها بايدن قد وجدت لنفسها مكانا في وجدان بعض الاميركيين.

توقع الكثيرون بمن فيهم بايدن أن يختلف المشهد مع رحيل ترامب، وأكد الرئيس المقبل حينها انه عندما يأتي عيد الغطاس سيشاركه الكثير من أصدقائه الجمهوريين الاحتفال بهذه المناسبة.

وعندما قام ترامب بحض مؤيديه على القيام بمسيرة الى الكونغرس الذي كان يصادق على الانتخابات في 6 يناير، أخذت الصدمة معظم الأميركيين.

رغم كل هذا غادر ترامب منصبه بعد أسبوعين وبدت العودة الى الحياة الطبيعية ممكنة.

ولم يظهر أن مثيري الشغب، وخصوصا أعضاء منظمة "كيو انون شامان" المتطرفة مقنعون كممثلين عن الأميركيين.

ومع ذلك أخذت نظرية المؤامرة حول تزوير الانتخابات التي لا يمكن لأحد أخذها على محمل الجد تبرز بشكل مطرد منذرة بعواقب حقيقية.

ويمر الحزب الجمهوري بأكمله بدعم من ترامب بعملية تحول شاملة، حيث أصبحت معارضة الانتخابات المزورة دعوة لجلب العار.

ومن المرجح أن يتم تجريد ليز تشيني، ثالث شخصية في الحزب الجمهوري واليمينية منذ فترة طويلة، من منصبها الحزبي الأربعاء لأنها شجبت "مذهب ترامب الخطير والمناهض للديمقراطية".

ومكارثي، أحد الزعماء الأربعة الكبار الذين سيلتقون بايدن الأربعاء، سيشارك في الاشراف على انزال العقوبة العلنية بها.

من المؤكد أن نظرية المؤامرة حول الانتخاب وسعي رئيس سابق للانتقام ليستا العقبتين الوحيدتين امام بايدن لتوحيد الولايات المتحدة، اذ أن لديه حزبه الخاص للتعامل معه.

في الأشهر الثلاثة الأولى من إدارته تمكن بايدن وكبير موظفيه رون كلاين من الحفاظ على وحدة الديموقراطيين، ولكن مع تكثف المفاوضات بشأن مقترحات الإنفاق الطموحة التي تقدر بمليارات الدولارات بدأت التصدعات تظهر.

وللحصول على موافقة مجلس الشيوخ المنقسم بالتساوي، يحتاج البيت الأبيض الى كل صوت ديموقراطي، بما في ذلك أعضاء في مجلس الشيوخ مثل الوسطي جو مانشين واليساري بيرني ساندرز.

ولتمرير بقية جدول الأعمال يحتاج بايدن أيضا الى أصوات عشرة جمهوريين على الأقل.

واعتبر كارل توبياس أستاذ القانون في جامعة ريتشموند أن بايدن مخلص في السعي الى اقامة شراكة بين الحزبين.

وقال توبياس "هو يعتقد حقا أن الحكومة تعمل بشكل أفضل عندما يتعاون كلا الحزبين الرئيسيين"، مضيفا "أظن أنه سينجح في تحقيق هدفه لتحسين الديموقراطية".

وعلى الأقل فإن بايدن يروج في خطابه لمسألة التعاون.

وعندما سافر بايدن الأسبوع الماضي إلى ولاية لويزيانا الجمهورية المتطرفة، تبادل الحديث على مدرج المطار مع حاكم الولاية جون بيل إدواردز، وبما ان الاثنين كاثوليكيان وجدا على الأقل موضوعا مشتركا لتناوله هو سبحات الصلاة.

وتبدو الانتخابات التشريعية النصفية لعام 2022 مقلقة بالنسبة لبايدن، وفي حال انتزع الجمهوريون مجلس النواب من الديموقراطيين فمن المحتمل أن يتم فض الشراكة بين الحزبين.

لكن كافارو أشار الى إنه لو كان هناك أمل ضئيل في توحيد الاميركيين، فسيكون الرئيس البالغ من العمر 78 عاما وراءه.

وقال "هناك عدد قليل جدا من الأشخاص في واشنطن في هذه المرحلة ممن لديهم خبرة كبيرة مثل جو بايدن".

وأضاف "في ما يتعلق بهذه القضية، أعتقد أنه اذا كان هناك شخص يحتمل ان يكون قادرا على ايجاد خارطة طريق، فهو بايدن".