رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الإخوان» و«اليد السوداء».. كتاب يوثق التشابه بين الجماعتين

شعار الاخوان
شعار الاخوان

يشير الكاتب علي أدهم فى مقدمة كتابه "الجمعيات السرية"، إلى أن للجمعيات السرية سحر خاص وجاذبية قوية، تهفو بنفوس فريق من الناس للانضمام إليها، والواقع أن في الكتمان والسرية والخفاء والغموض ما يستهوى الخيال، وكلما كان السر أدق وأخفى وكان اللغز أعوص وأغمض كان سحر الخفاء أشد جاذبية وأقوى إطلاقاً للخيال، وما زال الإنسان من أقدم العصور مولعاً بالغرائب والعجائب، محباً لاستطلاع الأسرار.

ويتابع علي أدهم في مقدمة كتابه: "الجمعيات السرية تضيف إلى هذا الولع البدائى بالمجهول جاذبية أخرى، والوسائل التى تتخذها الجمعية قد تبدو صالحة نافعة، وقد تظهر ضارة هدامة، ومن المشاهد الملحوظ أن الجمعيات السرية تكثر وتعم حيث تضطرب الحياة الاجتماعية ويسود الطغيان والاستبداد، والضيق والحرمان، ويشعر الناس بحاجة ماسة إلى مقاومة الطغيان والانتقام من الظالمين، وموجدوا هذه الجمعيات لهم غرض، قد يكون إنسانساً سامياً، وقد يكون إجرامياً وضيعاً ولكن السرية والخفاء سرعان ما تجتذب الأنصار، وتختلف البواعث التى تهيب بهؤلاء الأنصار إلى الإندماج فى الجمعية؛ فمن الناس من يستميله حب السيطرة والطمع فى السلطة والنفوذ والتمجد والاستعلاء، ومن الناس من يؤثرون العمل فى الخفاء، ويجدون فى ذلك مجالاً لإظهار قدرتهم وكفايتهم".

ثم يعرِّج الكتاب على ما نسميه اليوم بــ"نظرية المؤامرة" قائلاً: "وفى بعض الناس ما يصح أن نسميه عقدة الجمعيات السرية وأمثال هؤلاء يعزون كل شيئ إلى تأثير الجمعيات السرية والحركات الخفية، وهم يتصورون أن هناك مؤامرة كبرى مخبأة مبيتة لهدم الحضارة ويعزون إلى القائمين بأمر هذه المؤامرة أبعد الخطط إغراقاً فى الخيال".

ومن الجمعيات السرية التي ذكرها علي أدهم جمعية "اليد السوداء" وكان أسمها في الأصل "جمعية الاتحاد أو الموت"، وكان غرضها أن تكون هناك وحدة تجمع بين سلافي الشمال وسلافي الجنوب، وكان مقر الجمعية في "بلجراد"، وكان أعضاؤها يجتمعون في إدارة جريدة "بيمونت" التي كانت تدافع عن النزعة السلافية.
 

وكانت المادة التي احتاج إليها "دراجوتين ديمتريفتش" الذي عرف باسم العجل "إبيس" لإنشاء هذه الجمعية موجودة على أطراف أصابعه، فقد كان يؤم حانة جرين لاند أو "إكليل الزهر الأخضر" الواقعة في أحد ميادين بلجراد، المنفيون السياسيون والطلبة المبعدون من وراء الحدود وشذاذ أهل البلقان ويتجاذبون الأحاديث ويتبادلون الأفكار ويضعون الخطط، وأمثال هؤلاء الناس ممن صفرت أكفهم من المال وامتلأت رؤوسهم بالأحلام والأوهام وشعروا بأن المجتمع قد نبذهم ونفاهم ولم يصبح لهم فيه مكان ملحوظ ولا رأي مسموع، كان يسهل علي رجل مثل دراجوتين أن يؤثر فيهم ويوجههم الوجهة التي يريدها.  

وفي هذا المكان نفسه كان يجتمع طلبة الجبل الأسود الذين كانوا يتلقون العلم في جامعات بلجراد، وقد دبروا فيه مؤامرة سنة 1907 لقتل الملك "نيقولا" ملك الجبل الأسود، وقد أخفقت المؤامرة، ولكن هذا لم يمنع غيرهم من رواد حانة "إكليل الزهر الأخضر" من بث الأفكار الثورية في نفوس الشبان، وكان رواد هذه الحانة ممن يعجبون بالقتل السياسي ويحرضون عليه، ولذلك أثروا في طلبة الجبل الأسود وجعلوهم يأتمرون بملكهم، بالرغم من أن الملك لم يسيئ إلى أحد منهم، وكان أكثرهم يتلقى العلم على نفقة الحكومة التي حاولوا قلب نظامها باغتيال رئيسها.   

ويوضح الكاتب علي أدهم في كتابه "الجمعيات السرية": "واشتد ساعد جمعية اليد السوداء ودخل الصربيون فيها أفواجا، وقد سارت الجمعية علي نمط جمعية (الأوملادينا)، وهي جمعية من أشهر الجمعيات السرية في البلقان ولعبت دورا سياسيا هاما وهي المسؤولة عن قتل الأمير ميخائيل الصربي والملك الإسكندر والملكة دراجا، فكان كل عضو من أعضاء جمعية اليد السوداء يسجل أسماء 5 أعضاء آخرين ليكون منهم (يدا)، وكانت الطاعة العمياء شرطا أساسيا (وهو ما يذكرنا بجماعة الإخوان الإرهابية التي تقوم على السمع والطاعة بدون نقاش أو مراجعة٬ بالإضافة إلي الترتيب والتسلسل العنقودي داخل الجماعة)، وكان كل عضو يقطع على نفسه عهدا بأن ينسى فرديته، وكانت مراسم حفلة دخول الجمعية بشعة تبث الرعب وكان العضو الجديد يتبع ضامنه إلى حجرة مظلمة (تشابه ثان بين هذه الجمعية وجماعة الإخوان الإرهابية)، ويظهر بعد ذلك عضو من مركز الجمعية الرئيسي ويتول الإشراف على الحفلة، وكان هذا العضو يرتدي عباء فضفاضة ويضع على رأسه قبعة سوداء ذات رفارف وأمامه منضدة قد ألقي فوقها قماش أسود ووضع فوق هذا القماش شمعة وصليب وقد رسمت عليه صورة المسيح وهو مصلوب (تشابه ثالث بين الجمعية وشعار جماعة الإخوان الإرهابية المصحف والسيفين المتقاطعين)، ومسدس وخنجر (تشابه خامس بجماعة الإخوان الإرهابية، حيث يقم العضو على المصحف والمسدس)، يحلف العضو الجديد بالصليب بأنه حينما يؤمر باستعمال الخنجر أو المسدس لا يتردد ولا يسأل، ويقسم بعد ذلك بالشمس التي تدفئه والأرض التي تغذيه وبالله وبدماء أجداده وبشرفه وحياته.