رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قيامة المسيح

يأتي عيد القيامة هذا العام والعالم لا يزال مضطربًا بسبب جائحة كورونا فاقدًا لسلامه وأمنه وأمانه ولكن تأتي القيامة لتؤكد لنا أن هناك دواء رغم الداء وان هناك رجاء رغم الوباء، وأن هناك حياة بعد الموت وأن الغلبة في النهاية هي للحياة وللخير وللنور وللسلام.
ومن يتأمل في حياة السيد المسيح وتعاليمه وموته وقيامته يدرك أنه كان شخصًا ثوريًا في كل حياته فهو ثار على الظلم والفساد وثار على استغلال الإنسان لأخيه إنسان باسم الدين وثار ثورة عارمة على العبادة الشكلية والتدين المزيف, ودعا السيد المسيح إلى حياة الحرية من قيود الجهل والتعصب والمرض ولأجل هذا قاومه الأعداء ورجال الدين الأصوليين المتزمتين فصلبوه وقتلوه.
لقد مات السيد المسيح ولم يكن من المنطقي أن يستمر مائتاً وهو الذي قال عن نفسه أنا هو القيامة والحياة, فهل يمكن لقبضة الموت أن تمسك بمن قال عن نفسه أنا هو الحياة؟ وهل يمكن لظلمة القبر أن تحجب من قال عن نفسه أنا هو نور العالم؟ لقد قام المسيح وبقيامته انتصر الحق على الباطل والخير على الشر والحب على الكراهية والسلام على الخصام.
وقيامة السيد المسيح هي دعوة للتحرير فهو الذي قال (إن حرركم المسيح فبالحقيقة تكونون أحرارًا), إنه جاء ليحرر الإنسان من خطاياه ومن تعصبه وجهله وعنصريته وكراهيته ورفضه لأخيه في الإنسانية وإذا كانت قيامة المسيح لتحريرنا وخلاصنا من الشرور والخطايا والآثام, لذا فليس من المنطقي أن يحتفل الكثيرون بقيامته وهم لا يزالون موتى في قبور الخطايا والآثام, إن القيامة تتطلب توبة حقيقية وتقوى غير مظهرية.
وقيامة السيد المسيح هي دعوة لنا لأن ننهض من قبور الكسل والتراخي لنقوم ونعمل معًا بجد واجتهاد من أجل بناء بلدنا الحبيب مصر, نتمنى أن تقوم مصر وتنهض وتصبح دولة قويةً ومتحضرةً ومواكبةً لقيم الحداثة والرقي والتقدم, فبدون قيامة من قبور الكسل والتراخي لا يمكن أن تكون مصر "أد الدنيا" كما نتمنى لها أن تكون.
وقيامة السيد المسيح هي دعوة لنا لأن ننهض ونقوم من قبور التعصب والظلامية, فما يحدث  من عنف وذبح وإرهاب وإراقة دماء يؤكد أن هناك فريقًاً من البشر سيطر التعصب الأعمى على عقولهم وتمكن من قلوبهم ومن ثم فهم رفضوا كل آخر مغاير لهم سواء في الدين أو العقيدة أو المذهب أو الجنس, ومن المؤسف أن هذا الفريق الداعي للظلامية توغل في معظم المؤسسات والنقابات المختلفة, ألا يؤكد هذا أننا في حاجة ماسة وملحة إلى تحرير العقول والأذهان من الفكر الظلامي الرجعي المتخلف, فكر البداوة, فكر القرون الوسطى ومحاكم التفتيش.