رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحداث القدس.. أهالي الشيخ جراح لـ«الدستور»: «لن نغادر مواقعنا إلا جثثًا»

أحداث القدس
أحداث القدس

يضرب أهالى حى الشيخ جراح فى شرق مدينة القدس المثل فى الصمود والدفاع عن الأرض والعِرض فى وجه المحتل الصهيونى، الذى يدك جنوده ومجانينه من المستوطنين المسلحين ربوع الحى كل ساعة، ليسرقوا منازله واحدًا تلو الآخر، ليجد أهالى الحى العزّل أنفسهم فى العراء بعد أن سلب منهم الاحتلال، بقوة السلاح، أربعة جدران تأويهم.

عن كواليس ما يجرى فى حى الشيخ جراح، تواصلت «الدستور» مع عدد من سكان الحى، وأعدت التقرير التالى.

 

فاطيما: إذا استسلمنا سيصبح كل شىء يهوديًا

«سألتهم وأنا أبكى لماذا تجرّون امرأة عزلاء بهذه الطريقة الوحشية، فدفعنى أحدهم بسلاحه على الرصيف، وألقوا بالسيدة خارج منزلها لتستوطن الكلاب منزلها».. هذا ما استهلت به فاطيما الزهراء، ٢٩ عامًا، أحد أهالى وسكان حى الشيخ جراح، حديثها لنا عما يجرى فى فلسطين والسيناريو المتكرر الذى يحدث كل يوم ولا يفرق بين نساء ورجال، وصغار وشيوخ. وتضيف: «الجميع هنا أهداف لقوات الاحتلال الإسرائيلى التى تسعى لتهجيرهم من أراضيهم وإجلاء مئات الآلاف من منازلهم، لكننا لا نزال مرابطين فى أراضينا داخل ساحات الأقصى رغم عنف المحاولات التى تتم فيها مهاجمة منازل بيوت العزّل ومحاولة تهجيرهم منها».

تقول فاطيما: «كان أول احتكاك مع قوات الاحتلال حين رأيتهم فى شارعنا يحاولون تهجير النساء والأسر من منازلهم، وجدت عصابة صهيونية استيطانية تحاول أن تلقى بسيدة عزلاء من منزلها فى الحى كى يحل مكانها المستوطنون».

وتتابع: «حى الشيخ جراح آخر خيمة للعرب فى قلب القدس، وإذا ضاع مننا لن يبقى للفلسطينيين أى شىء فى القدس، وسيبدأ العد التنازلى لانتزاع الأقصى، لكن المعركة قائمة إلى الآن ولن نتخلى عن منازلنا وشوارعنا ولن نحمل مفاتيح منازلنا على أمل العودة.

أمينة: من فقد منزله أقام فى خيمة

وتقول أمينة الحراق، من أهالى الشيخ جراح: «يتبقى يوم واحد على المهلة التى أعلن عنها الاحتلال لإخلاء الحى بشكل كامل. إذا تخلينا عن الشيخ جراح ستمحى الهوية العربية فى قلب القدس، وسيصبح هذا الحى الفلسطينى يهوديًا عن بكرة أبيه».

وتضيف: «كل يوم منذ الصباح تدور الاشتباكات بيننا نحن أهالى الحى العزّل وقوات الاحتلال، يحملون السلاح والذخيرة ولا نحمل سوى الحجارة، أغلقوا علينا الحى ومن هُجّر من منزله بات يعيش داخل خيمة فى قلب الحى حتى لا يترك لهم أرض المعركة». وتتابع: «بالأمس دارت المواجهات العنيفة لتهجير سكان بعض المناطق فى الحى، فقد فيها ثلاثة شباب أعينهم جراء عنف قوات الاحتلال الذين فشلوا فى إخلاء المنازل بالقوة، دفع الشباب أعينهم لمنع تهويد فلسطين».

طارق: صوت الرصاص الحى لا يُخيفنا  ولن نترك المسجد الأقصى للمستوطنين

على مدار الأيام الماضية، كان طارق غرابلى، يقف صامدًا أمام الاحتلال الإسرائيلى الذى استهدفت معركته مع أهالى مدينة القدس فى أول أيام شهر رمضان المبارك، احتلال المسجد الأقصى، بالاشتراك مع المستوطنين، ليبدأوا ممارساتهم الإجرامية تجاه المواطنين العزّل داخل منازلهم، ومطاردتهم فى الشوارع والمساجد بقنابل الغاز والرصاص المطاطى.

يقول: «هناك منظمات صهيونية متطرفة دعت المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى، ومنع المصلين من الصلاة فيه»، ويروى الشاب الثلاثينى، شهادته الحية من داخل مدينة القدس، خلال حديثه مع «الدستور»، معبرًا عن مدى الألم الذى يشعر به أهالى القدس وفلسطين بأكملها، بسبب الاحتلال الصهيونى الذى خرّب بيوتهم، وكان سببًا فى تهجير ذويهم. ويضيف: «قرر أهالى القدس عدم التخلى عن معركتهم، والدفاع عن المسجد الأقصى لآخر نقطة دم، والتصدى أيضًا لهجمات المستوطنين مهما بلغت قسوتها، فبالرغم من هجوم الجيش الصهيونى على المصلين أكثر من مرة داخل المسجد، وضربهم بقنابل غاز، والرصاص المطاطى، فإنهم كانوا ثابتين فى أماكنهم، يردون الضربة بالمثل، لا يهابون صوت الرصاص الذى انتشر فى أرجاء المكان».

«لن نترك المسجد الأقصى إلا على جثثنا».. بتلك الكلمات عبَّر «الغرابلى» عن صمود الأهالى فى مواجهة الاحتلال، مضيفًا: «فى الصباح حين فشل المستوطنون فى احتلال المسجد الأقصى، اضطروا لإغلاق أحد الأبواب أمام المصلين، باب العمود، ضمن ١٥ بابًا من أبواب المسجد الأقصى».

وتابع: «يشارك مئات المستوطنين، على رأسهم عضو الكنيست متان كاهانا، وشاران هسكل، وسمحا روتمان، فى اقتحام باحات الأقصى، من خلال شن هجمات عنيفة للغاية على الأهالى والمصلين، بمساعدة قوات الشرطة والجيش الإسرائيلى».

ويختتم: «تحوّل المسجد إلى ساحة حرب، وأصبح هناك دمار كبير خلفه جيش الاحتلال بعد الاقتحام الوحشى لساحات المسجد الأقصى، واجهناهم بشدة».

 

أكرم: نواحه هجمات عنيفة دون رحمة طوال الأيام الماضية

أكرم أجور، أيضًا، كان أحد شهود العيان على الممارسات الإجرامية التى ارتكبها الجيش الصهيونى فى حق الفلسطينيين، قائلًا: «فى الأيام الماضية، أصبحت مدينة القدس فى حالة طوارئ دائمًا، يستعد أهلها للدفاع عن أنفسهم فى أى وقت، من هجمات عنيفة تخطف أرواحهم دون رحمة». ويضيف: «فى مشهد مهيب، هجم الجيش الصهيونى على المسجد الأقصى، وحاول خلع باب المغاربة تمهيدًا لاقتحام المسجد، ثم ألقوا قنابل الغاز والصوت نحو السيدات المصليات بالمسجد، لتكون تلك اللحظة هى اللقطات الأولى لمواجهات عنيفة تصاعدت لمستوى غير مسبوق». يروى «أجور» تلك اللحظات بتعبيرات فيها شموخ وكبرياء: «المواجهات مع جيش الاحتلال انتهت بعد ٤ ساعات من الهجوم، بعد أن قامت الشرطة الإسرائيلية بقطع كابلات مكبرات الصوت الخاصة بالمسجد الأقصى، بينما يوجد بالداخل مئات المحاصرين، وعشرات الجرحى، الذين لا يمكن إخلاؤهم، حتى لا يستنجد المحاصرون بمناشدة الحشود من الخارج، وذلك بعد أن طردوا مجموعة كبيرة من المصلين، وأغلقوا أحد أبواب المسجد ليتمكنوا من السيطرة عليه». يواصل «أجور» حديثه لـ«الدستور»: «لم يتمكنوا فى النهاية من تحقيق رغبتهم السوداء فى احتلال المسجد الأقصى، وانسحب جيش الاحتلال بعد ساعات متواصلة من الاشتباكات الدامية، التى شهدت إصابات عنيفة، وها نحن الآن نقوم بتنظيف ما تبقى من آثار الدماء والخراب». ويتابع: «استطاع الجيش الاسرائيلى أن يحتل الجزء الغربى من مدينة القدس منذ سنوات عدة، بينما الجزء الشرقى فهو حسب المواثيق والمعاهدات الدولية للفلسطينيين بالكامل، لكن مع وجود المسجد الأقصى به يحاولون دومًا احتلاله والسيطرة عليه».