رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء: شروط البناء الجديدة تقضى على العشوائية وتعيد جمال المدن

البناء الجديدة
البناء الجديدة

بدأت وزارة التنمية المحلية التطبيق التجريبى لمنظومة التراخيص والاشتراطات البنائية والتخطيطية الجديدة فى ٢٧ مركزًا ومدينة بالمحافظات لمدة شهرين، بهدف القضاء على البناء العشوائى والمخالف ومواجهة انهيار العقارات.

وتسعى الدولة- من خلال تلك الاشتراطات- لضبط منظومة العمران وحوكمة منظومة التراخيص للقضاء على البناء العشوائى، ووقف فوضى التراخيص بما يحقق مصلحة الوطن والمواطنين وإيجاد حياة بها متنفس للمواطنين وتنظيم الشكل العام.

وثمن خبراء التخطيط العمرانى وأساتذة الإدارة المحلية تلك الاشتراطات الجديدة، وطالب البعض منهم بإضافة بنود أخرى عليها كى يتم ضبط عملية التخطيط العمرانى خلال السنوات القليلة المقبلة.

وقال الدكتور محمد إبراهيم، أستاذ التخطيط العمرانى بجامعة عين شمس، إن منظومة تراخيص البناء الجديدة ستقضى على العشوائيات التى تغلغلت فى مدن ومناطق المحافظات، كما تهدف إلى تنمية مجتمع آمن ومخطط.

وأوضح «إبراهيم» أن أهمية منظومة التراخيص الجديدة تكمن فى تقنين أوضاع التشييد والبناء فى مصر، إذ تسمح للتوسع العمرانى والبناء وفق اشتراطات تخطيطية وهندسية تحافظ على المظهر الحضارى للمدن والمجتمعات العمرانية، مشيرًا إلى أن هذا سينعكس بشكل واضح على مستقبل أفضل للدولة وأبنائها، فكل ما هو مخطط يعتبر آمنًا.

أما عن دور الجامعات فى منظومة تراخيص البناء الجديدة، أشار أستاذ التخطيط العمرانى إلى أن الجامعات لها عدة أدوار رئيسية فى البحث العلمى وتنمية المجتمع، وفى بداية تطبيق المنظومة الجديدة لاسيما خلال الفترة التجريبية التى ستستمر قرابة شهرين بداية من شهر مايو حتى شهر يوليو المقبل، ستتم دراسة مدى آلية تنفيذ المنظومة، وكذا مراقبة مدى توافق الاشتراطات الجديدة وتنفيذها مع تحقيق هدف تنمية المجتمع والحفاظ على التخطيط العمرانى والبيئة.

بدوره، يشرح الدكتور الحسين حسان، خبير التطوير الحضارى واستشارى تطوير المناطق العشوائية، فائدة تلك الاشتراطات فى ضوء امتلاك مصر نحو ٣ ملايين مبنى مخالف فى القاهرة والجيزة، إلى جانب مليون و٢٠٠ ألف حالة تعدٍ على الأراضى الزراعية.

وأوضح «حسان» أن تلك الاشتراطات جاءت لضبط العمران والبناء خلال الفترة المقبلة، لاسيما أن المساحة العمرانية فى مصر ضخمة تصل إلى ٤١٧ ألف فدان منها ١٦٠ ألف فدان غير مخطط، أى يعانى من تشوه عمرانى رهيب، خصصت له الدولة ٣٨٠ مليار جنيه للتطوير على مدار ١٠ سنوات.

وأشار إلى أن الاشتراطات الجديدة تخص العواصم والمدن المختلفة بالمحافظات، ولكنها استثنت المشروعات القومية وكذلك العزب والقرى والنجوع، مشددًا على ضرورة ضمها داخل تلك الاشتراطات البنائية، لأن هناك ٤٧٤١ قرية و٣١ ألف عزبة وكفر ونجع تضم ٥٨ مليون مواطن.

وعن فوائد الاشتراطات، أضاف أنها تحد من الزحف العشوائى داخل الأحوزة العمرانية، لأن الزحف يزيد من الضغط على الشبكات، متابعًا: «كما تخفف الضغط على شبكات الكهرباء والغاز نتيجة تخفيف الكثافة فكل حيز عمرانى به ٥ آلاف مواطن مفترض أن يضم ألف مواطن فقط وهى فجوة ضخمة فى الكثافة». 

وأضاف: «وفقًا للاشتراطات الجديدة، فإنه سيتم فتح باب الحصول على رخصة بناء بكل الأحياء بعد شهرين من التجربة، وأنه لا تعديل فى اشتراطات البناء المعلنة وأن مدة استخراج الرخصة لن تستغرق أكثر من ٦٠ يومًا على أقل تقدير».

وتابع: «سيتم تقديم الملف للمركز التكنولوجى بالحى ثم يوجه الملف للجامعات ثم لجنة الفحص ثم نقابة المهندسين ثم الهيئة الهندسية، ثم تتأكد نقابة المهندسين من أن المهندس الاستشارى معتمد لديها وسيتم الاستعلام عن المقاول من اتحاد المقاولين». 

بدوره، قال الدكتور أحمد صلاح، أستاذ التخطيط العمرانى جامعة عين شمس: «لا بد من استكمال الاشتراطات حتى يتم رصد من يسعى للحصول على رخصة للبناء ومن يبنى بشكل مخالف».

وأضاف: «الدولة يدها من حديد ولكن عمليات الهدم والتصالح لن تستمر كثيرًا، كذلك الدور الرقابى يفتقر للإمكانيات والعدد، لأن هناك ٢٦٥ إدارة محلية موزعة على ٢٠ ألف قرية فى ٢٦ محافظة، ومصر تمتلك هيكلًا عمرانيًا ضخمًا تصعب مراقبته ١٠٠٪».

وعن الارتفاعات يجب ألا يسمح بالإخلال بالضوابط المنظمة الصادرة من جهات الاختصاص للأنشطة المختلفة، وتحدد ارتفاعات المبانى السكنية المطلة على الشوارع منها أنه فى حالة الشوارع أقل من ٨ أمتار الحد الأقصى للارتفاع ١٠ أمتار، وفى حالة الشوارع من ٨ - ١٢ مترًا الحد الأقصى للارتفاع ١٣ مترًا.

من جانبه أوضح الدكتور حمدى عرفة، أستاذ الإدارة المحلية بالجامعة الدولية للعلوم، أن تلك الاشتراطات نابعة من قانون البناء الموحد رقم ١١٩ سنة ٢٠٠٨ الذى يحكم عملية البناء، التى جرى إدخال تعديلات عليه بنسبة ١٠٪، تشمل اشتراطات بنائية وتخطيطية جعلت هناك منظومة جديدة للتراخيص يتم تطبيقها حاليًا بشكل تجريبى.

وقال «عرفة» إنه بحكم الاشتراطات الجديدة فإن أى مواطن يمتلك قطعة أرض لن يستطيع البناء عليها بأكملها، ولكن على ٧٠٪ فقط منها من المساحة المقررة والمساحة المتبقية تكون مساحات خضراء أو جانبية، واستثنى حالات بسيطة منها إذ كان يمتلك ١٧٥ مترًا، يمكنه البناء بنسبة ١٠٠٪.

ويرى عرفة، أن أكثر البنود إفادة فى تلك الاشتراطات هى منع إنشاء الجراجات فى العقارات السكنية، إلى جانب وقف التراخيص التجارية للمحلات التى يتم بناؤها أسفل العقارات دون أى اشتراطات أمان أو صيانة لأنها تؤثر على العقار بمرور الزمن.

وأكد المهندس هانى ضاحى، نقيب المهندسين، أن مصر تودع العشوائية فى البناء، من خلال التطبيق التجريبى لمنظومة تراخيص البناء الجديدة التى تهدف إلى تقنين أوضاع الأراضى والعمران فى البلاد، مشيرًا إلى أنه كانت هناك فوضى كبيرة بشأن البناء واستصدار التراخيص ولكن ستنتهى كل تلك السلبيات بتنفيذ المنظومة الجديدة لمدة شهرين تجريبيين.

وقال «ضاحى»، إن أبرز الإيجابيات والمميزات تتضمنها منظومة التراخيص الجديدة التى تُقنن وضع البناء فى مصر، الرقابة الشديدة والصارمة من قبل عدة جهات مسئولة عن البناء، أحدها نقابة المهندسين، التى تتعاون مع بقية أطراف المنظومة مثل وزارتى الإسكان والتنمية المحلية والجامعات والمراكز التكنولوجية وغيرها من الجهات المعنية فى تنفيذ الخطة الجديدة بشكل سريع، ومن ناحية أخرى تسهيل الإجراءات على المواطنين.

ويعد تسهيل الإجراءات على المواطنين أحد أهم الأهداف المستهدفة خلال العمل على التنفيذ التجريبى للمنظومة الجديدة، حسب «ضاحى» الذى أكد أنه سيتم استصدار التراخيص بسهولة وبسرعة ما دامت الشروط مستوفاة.

فيما قال صبرى الجندى، مستشار وزارة التنمية المحلية السابق، إن مصر فى سبيلها إلى الانتهاء من عصر الفوضى والعشوائية فى البناء، إذ ستقضى المنظومة الجديدة على البناء دون تراخيص الذى كان سببًا فى الخروج عن التخطيط العمرانى وحيز البناء، وأدى بالتالى إلى تفشى المناطق الموبوءة والعشوائية فى مصر.

وقال «الجندى»، إن جميع اشتراطات منظومة البناء الجديدة وُضعت لبناء مجمع عمرانى حضارى، مثل الحفاظ على ارتفاعات المبانى، والحرص على الكثافة العمرانية المناسبة، ما يضمن توفير بيئة صحية فى المجتمع، وذلك بالإضافة إلى إلحاق جراج خاص لكل عقار للحد من الزحام والتكدس المرورى وغيره من المشكلات التى كانت تشكل أزمة للمواطنين.