رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عقدت رقميا بسبب إجراءات كورونا

منير القادري يبرز أهمية الوقت في حياة المسلم بليالي الوصال البودشيشية

د. منير القادري
د. منير القادري

شارك الدكتور منير القادري، رئيس المركز الأورو المتوسطي لدراسة الإسلام ورئيس مؤسسة الملتقى، في الليلة الرقمية الواحدة والخمسين، المنظمة من طرف مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بشراكة مع مؤسسة الجمال، ضمن فعاليات ليالي الوصال " ذكر وفكر في زمن كورونا"، بمداخلة حملت عنوان " أهمية الوقت في حياة المسلم والمجتمع".

 وفي بداية الفعاليات أشار رئيس المركز الأورو المتوسطي لدراسة الإسلام، إلى أننا نعيش اليوم في عالم تتسارَعُ فيه الأحداثُ، وتُطْوَى فيه صفحاتُ الزمن، حيث لا نكادُ نشعرُ بوقْتِنا كيف يمرُّ وفيما نقضيه، وأن ذلك  يجعلنا في أمَسِّ الحاجة إلى تنظيم أوقاتنا والاستفادة منها بما يعود علينا بالفوز في امتحان الدنيا وفلاح في الآخرة.

 - الوقت نعمة من عند الله والإسلام حث على استثمارها

وأضاف “ القادري” أن الوقت نعمة من نعم الله تعالى، أقسم الله به في قرآنه، موردا قول الفخر الرازي في تفسير قسم الله تعالى بالوقت في قوله سبحانه: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ)، واعتبر ان "الدهر والزمان في جملة أصول النعم؛ فلذلك أقسم الله به، ولأن الزمان والمكان هما أشرف المخلوقات عند الله، كان القسم بالعصر قسمًا بأشرف النصفين من ملك الله وملكوته،  مشيرا إلى أن الإسلام حث على استثمار الوقت بما يعود بالخير، ونهى عن إضاعته، مذكرا بأقوال عدد من سلف الأمة وعلمائها، منها قول الحسن البصري -رحمه الله-: "يا ابن آدم إنما أنت أيام مجموعة، كلما ذهب يومٌ ذهب بعضك".  

 وأكد أن وقت الإنسان وَجَبَ أن يكون لله وبالله، مستشهدا في هذا الصدد بمجموعة من الاحاديث النبوية، منها ما جاء عن أبو بَرْزَة الأسْلَمِي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ)، رواه الترمذي.  

واضاف أن الوقت كما هو نعمة من نعم الله فإن له بركة، ثمرة معنوية غيبية من ثمرات العمل الصالح، يحقق الله بها الآمال، ويدفع السوء، ويفتح بها مغاليق الخير من فضله، واستطرد أنها ثبوت الخير الإلهي في الشيء؛ فإنها إذا حلت في قليل كثرته، وإذا حلت في كثير نفع، مستشهدا بقوله سبحانه وتعالى : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) (الأعراف:96).

-  أهمية استغلاله في ذكر الله وعبادته والعمل


وأكد على أنه يجب على العبد أن لا يُكّرِسَ الوقت في ما يلهيه عن ذكر الله تعالى والعبادات والطاعات، مذكرا بقوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (المنافقون: 9)، وأورد مجموعة من أقوال الصحابة والتابعين منها قول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود- رضي الله عن -: "ما ندمتُ على شيءٍ ندَمِي على يومٍ غربَتْ شمسُه اقتَرَب فيه أجلي ولم يزدَدْ فيه عَمَلِي"، وقول الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "الجنَّة درجات، متفاضلة تفاضلاً عظيماً، وأولياء الله المؤمنون المتقون في تلك الدرجات: بحسب إيمانهم، وتقواهم".

واستعرض المحاضر مجموعة من الأسباب التي تُعين وتساعد المسلم على حسن تقدير قيمة الوقت وحفظهِ، أولاها محاسبة النفس وتذكّر الموت، وثانيها صحبة الصالحين و تربية النفس على علوّ الهمة، وثالثها  تنويع ما يُستثمر فيهِ الوقت، ورابعها إدراك بأنّ الوقت الضائع لا يعود.  


-  الوقت له قدسية عجيبة في الغرب

ونوه الى أن للوقت عند الغرب قدسية عجيبة واحترام كبير، وأنهم لهم انضباطا عجيبا في مواعيد المواصلات و عمل الإدارات و الأعمال ، مرجعا ذلك الى أن الغرب أدرك قيمة الزمن، واستثمره في نهضته، فكان ذلك سبب تقدمه، وبالمقابل تخلفنا نحن بسبب إهدار الوقت، وإضاعته فيما لا يفيد، وعدم الاحتياط والتخطيط للمستقبل، بل ومقاومة التغيير و إن كان للأفضل.

وشدد على أهمية تأهيل العامل البشري -خصوصا فئة الشباب- وتكوينه على أهمية الوقت وقيمته في جميع المشروعات على اختلافِ أنواعها كأداةٍ فَعَّالة للاستغلال الأمثل للطاقة الإنسانية، وتوظيفها لتحقيق الفعالية الإدارية، ورفع مستوى الكفاءة والإنتاج، عبر تكوين الشباب على مهارات سلوكية تنمي لديهم القدرةَ على تعديل سلوكهم، وتغيير بعضِ العادات السلبية في حياتهم؛ لتدبير الوقت واستغلاله الاستغلال الأمثل، عملا بالحديث الشريف رواه الحاكم في المستدرك ، عن أبن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ : شَبابَكَ قبلَ هِرَمِكَ ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ ، وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ ، وفَرَاغَكَ قبلَ شُغْلِكَ ، وحَياتَكَ قبلَ مَوْتِكَ).  

وأبرز مجموعة من فوائد إدارة الوقت وتنظيمه على الصعيد الشخصي، منها حسن التعامل مع الحياة وعناصرها، وكذا فاعليةِ الإنجاز، إضافة الى عدمِ تراكم الأعمال أو تقليل تراكمها وإنجازِ قدرٍ أكبرَ من الأعمال والمهمات بالمقارنة مع حالة الإنجاز دونما تنظيمٍ للوقت، دون اغفال ضمانِ العدالة في توزيع الوقت بين النفس والأهل، والأصحاب والأعمال.