رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الموجة الثالثة.. لماذا لا يخاف المصريون من «كورونا»؟

كورونا
كورونا

«يثقون فى أجهزتهم المناعية أكثر من اللازم».. كان هذا هو تفسير عدد كبير من الأطباء لتقصير بعض المواطنين فى تطبيق الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا، رغم ارتفاع عدد المصابين الجدد بالفيروس، وعدد الوفيات بسبب الوباء. 

كثيرون يرون أن صمود أجهزتهم المناعية أمام الوباء لمدة عام ونصف العام، يعنى أنهم قادرون على مواجهته، ورغم أن هذه النظرة تحمل داخلها قدرًا كبيرًا من حب الحياة والسعى للمقاومة، إلا أنها تشكل خطرًا كبيرًا على الدولة المصرية.

«الدستور» حاورت مجموعة من الأطباء، واستفسرت عن سبب تقصير المواطنين فى تطبيق الإجراءات الاحترازية، فأكدوا أنه مع التقدير لحب الحياة، فإن الحرص والحذر واجب من أجل الحفاظ على الحياة نفسها.

 

 

عبداللطيف المر: الإهمال غير مفهوم.. وسيناريو الهند «عِبرة»

الدكتور عبداللطيف المر، أستاذ الصحة العامة بطب الزقازيق، قال إن تهاون المواطنين فى تطبيق الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا، هو السبب الرئيسى وراء ارتفاع عدد المصابين الجدد بالوباء.

وأضاف «المر» لـ«الدستور»، أن هذا التهاون يأتى بالتزامن مع تحذيرات متكررة من الأطباء ووزارة الصحة والسكان ومنظمة الصحة العالمية، حول خطورة هذا الوباء، لافتًا إلى أن إصرار المواطنين على الإهمال فى تطبيق الإجراءات الاحترازية غير مفهوم.

وتابع: «لا بد أن ينظر المصريون إلى ما يحدث حاليًا فى دول العالم من مشاهد مفزعة، والمرضى الذين لا يجدون الرعاية الطبية اللازمة فى الهند على سبيل المثال، ليدركوا حجم الخطر الذى يشكله هذا الوباء»، مؤكدًا أن أى دولة معرضة لأن تكون مثل الهند إن أهمل شعبها فى تطبيق الإجراءات الاحترازية.

وأشار إلى أن الهند تسجل إصابات جديدة بالوباء ووفيات بسببه بأرقام غير مسبوقة، وهذا نتيجة لتراخى الناس فى تطبيق الإجراءات الاحترازية، مشددًا على أن انخفاض أعداد الإصابات والوفيات فى وقت ما، لا يعنى انتهاء الوباء.

وأوضح أن الوضع الصحى فى العالم أصبح خطيرًا بعد ظهور أكثر من سلالة من فيروس كورونا، ما يؤكد ضرورة أن يلتزم المصريون بارتداء الكمامات واستخدام المطهرات وتحقيق التباعد الاجتماعى.

وأكد أن الدولة تتعامل مع قضية انتشار كورونا باحترافية شديدة، منذ بدء الجائحة، على الرغم من أن هناك دولًا كثيرة أغنى من مصر، انهارت أنظمتها الصحية، لافتًا إلى أن وزارة الصحة تبذل جهدًا كبيرًا فى التوعية بخطورة الوباء.

 

 

مجدى بدران:  يعتقدون أنهم لن يصابوا

 

الدكتور مجدى بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، قال إن بعض المواطنين يعتقدون أنهم لن يصابوا بالفيروس، وهو تصور خاطئ قد يتسبب فى حدوث كارثة.

وأضاف «بدران»: «عدد كبير من المواطنين يعتقدون أن إصابتهم بالفيروس قبل ذلك ستقيهم من الإصابة به مجددًا، ويعتقدون أن نضال أجهزتهم المناعية فى مواجهة الوباء لمدة عام ونصف العام، دليل على قدرتهم على التعافى سريعًا من الفيروس، وهذا تصور غير صحيح».

وأوضح أن تراخى المواطنين فى تطبيق الإجراءات الاحترازية هو السبب الرئيسى فى ارتفاع عدد المصابين بالوباء، والوفيات الناتجة عنه، مشددًا على أهمية التزام المواطنين بتعليمات وزارة الصحة لكى تتجاوز مصر هذه المحنة.

وأكد ضرورة تحقيق التباعد الاجتماعى وعدم الخروج من المنزل إلا للضرورة، وارتداء الكمامات وغسل الأيدى بشكل دورى، وتابع: «الدولة تبذل مجهودات كبيرة لحماية المواطنين، وتفرض غرامات على من لا يرتدى الكمامة، ورغم ذلك يواصل المواطنون إهمالهم».

وقال: «أتعجب من إصرار البعض على الزيارات العائلية والعزومات، رغم إدراكهم أن هذا الأمر يشكل خطرًا كبيرًا عليهم وعلى المحيطين بهم».

 

 

 

حاتم الملاح:  الشباب الأكثر تعرضًا للمخاطر

ذكر الدكتور حاتم الملاح، مدير الرعاية الحرجة بمستشفى ١٥ مايو، أن معظم الشباب لا يتبع الإجراءات الاحترازية للوقاية من الإصابة بفيروس كورونا، لأن الموجة الأولى لم تكن تستهدفه.

وأضاف أن عددًا كبيرًا من الشباب غير ملتزم بإجراءات التباعد الاجتماعى لشعوره بأنه بعيد عن العدوى، وهو ما انطبق على الأطفال أيضًا، بعد أن أعلنت الجهات الصحية المحلية والعالمية عن ندرة تسجيل الإصابات بين الأطفال، لكن الآن ندفع فاتورة هذا.

وأضاف أن معظم الحالات الحرجة التى عالجها كانت لشباب بسبب اعتقاده بأنه بعيد عن الإصابة، مثلما كان الأمر فى بداية ظهور الوباء، غير عابئ بالتحورات التى تجعل من الفيروس فتاكًا، كما أن مستجدات المرض هى تغيير النظريات والنتائج المتعلقة به بين لحظة وأخرى، والدليل أننا كل فترة نتعرف على آثار جانبية وأعراض جديدة له. 

وحذَّر مدير الرعاية الحرجة من التهاون مع الفيروس خلال الفترة الحالية، مؤكدًا ضرورة الابتعاد عن التجمعات لا سيما مع ظهور المتحور الهندى الجديد، الذى ثبتت خطورته وصعوبة التعافى منه، مع طول المدة التى يستمر فيها على الأسطح، ما يعنى قابليته لإصابة عدد أكبر من الحالات، ما يعنى أن الشباب ليس بمنأى عنه.

 

 

سامية خضر: التعامل بسخرية مع الجائحة يُقوِّى المناعة

قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن المصريين تعاملوا مع فيروس كورونا منذ اجتياحه العالم بطريقة ساخرة، ولم يأخذوا الأمر، منذ البداية، على محمل الجد.

وأشارت «خضر» إلى أنه تم تداول مواد ساخرة عبارة عن «كوميكس وميمز» على مواقع التواصل الاجتماعى، على عكس الدول الأخرى التى أصيبت بحالة من الفزع والرعب.

وأوضحت أنه على مدار الـ١٦ شهرًا الماضية وحتى فى فترات الذروة القصوى لتسجيل الإصابات، وتحول صفحات المنصات الإلكترونية لدفتر عزاء مفتوح، كانت المقاطع الساخرة منتشرة على جروبات السوشيال ميديا، وسخر البعض من منع الشيشة فى المقاهى وغيرها، وهو ما يسمى بالكوميديا السوداء، وتعنى فن الضحك على كل ما هو مؤلم.

وأضافت: «مع الملاحظة والتجربة، تبين أن هذه الطريقة كانت إيجابية وبمثابة مناعة دفاعية ضد الفيروس التاجى»، متابعة: «حتى إذا توافرت اللقاحات والعقاقير لفيروس كورونا سيظل جهاز المناعة هو الحامى الوحيد منه، ومصر ما زالت صامدة حتى الآن فى مواجهة الفيروس بسبب المناعة الجماعية».

واختتمت: «السخرية والتهكم جزآن من تركيبة المصرى فى كل النكبات وليسا أمرًا وليد اللحظة، فنجد أن الضحكات حاضرة فى كل المواقف وكذلك الأمثال الشعبية الساخرة، وهذه الأمور تساعد فى تحسين المزاج بدلًا من النكد والاكتئاب اللذين يسهمان بلا شك فى إضعاف مناعة الجسم، وعدم قدرته على تحمل الأمراض والفيروسات».

 

محمد المهدى: الاعتياد وراء التهاون فى الإجراءات الاحترازية

قال الدكتور محمد المهدى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، إن الاعتياد أحد الأسباب الرئيسية للتهاون فى اتخاذ الإجراءات الاحترازية الخاصة بمجابهة فيروس كورونا، مشيرًا إلى أنه بعد مرور نحو عام ونصف العام، ربما اعتاد البعض على وجود الفيروس فى حياتهم، وبعده تراجعت حدة الرهبة والخوف تدريجيًا. وأضاف «المهدى» أن الغالبية لديهم وهم مبدأ «هذا يحدث للآخرين»، فى محاولة لرفض الواقع، وهو إيمان مزيف بأن المصائب والكوارث تحدث لغيرهم، لذلك يتراخون فى اتخاذ الإجراءات الاحترازية المناسبة، موضحًا أن العوامل النفسية والمشاهد المفزعة التى انتشرت مؤخرًا فى الدول الموبوءة أحد الأسباب التى تؤدى إلى الارتباك والتأثير الشديد على الحالة النفسية للمواطنين، ودفعهم إلى التصرف بغير منطقية. وتابع أن ردود الأفعال على هذه المشاهد تختلف، فمنهم من يزيد من إجراءات الوقاية، ومنهم من يصاب بالوسواس القهرى، مبينًا أن الزيادة فى الإصابات التى حدثت فى الفترة الأخيرة سببها التراخى الفعلى فى اتباع الإرشادات، فى وقت حرج تفشى فيه الفيروس من جديد بكل دول العالم.