رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وائل لطفى يكتب: الخطيئة التي فتحت طريق «القاهرة - كابول»!

قراءة التاريخ هى أفضل وسيلة لصياغة الحاضر والتنبؤ بالمستقبل.. إن محاكمة الحكام واجبة بمعيار الوطن وليس بأى معيار آخر.. والاعتراف بالخطأ فضيلة لا تجاريها فضيلة أخرى، ولا يدانيه فضل آخر.. قفزت هذه المعانى إلى ذهنى وأنا أشاهد مسلسل «القاهرة: كابول» وهو حلقة من حلقات صناعة الوعى المصرى، وإعادة صياغة التاريخ القريب بعيون وطنية وقلوب مصرية لا حاقدة، ولا قابضة.. لا شرقية، ولا غربية.. لا ترتدى القبعة الأمريكية ولا العباءة الصحراوية.. فى هذا التاريخ القريب نرى أشخاصًا تم تمريرهم فى سنوات ما قبل يناير ضمن صفقة مريبة، لا نعرف عن أهدافها شيئًا ولا عن أطرافها شيئًا ولا عن غرائبها شيئًا.. وحتى إن عرفنا فإننا نلتزم الصمت لاعتبارات كثيرة.. من هذه الشخصيات التى قدمها المسلسل شخصية الإعلامى «طارق كساب» وهو معادل فنى لإعلامى انتهازى.. كان إحدى الشخصيات التى تتحرك على المسرح فى فترة ما قبل يناير.. وقد سمحت لى الظروف أن أعرف عنه ما لا يعرفه غيرى.. إن الفنان فتحى عبدالوهاب يذكرنى بذلك المضطرب الذى كان معيدًا فى إحدى الكليات النظرية.. ونتيجة لمخالفات ما تم إيقافه عن العمل، فشد الرحال إلى مدينة أوروبية، وهناك أدرك أن عليه أن يعمل لصالح مَن يدفع.. كان بوقًا للإرهاب ولتنظيم القاعدة، وإن لم يمانع أن يُسلم الشرائط لمن يدفع له أكثر.. ثم عاد إلى مصر مرتديًا مسوخ الثورة والمعارضة والصحافة.. ثم أسفر عن لا شىء فى النهاية.

أما الخطيئة التى يُذكرنا بها المسلسل فهى خطيئة الرئيس السادات الذى اتخذ قرارًا بتدعيم من سموا أنفسهم بـ«المجاهدين الأفغان» فى مواجهة ما وصف بالغزو السوفيتى.. وكان ذلك تورطًا مصريًا فى نزاع داخلى لا مصلحة لنا فى التدخل فيه، وكان مساندة لفصائل مسلحة صدرت لنا الإرهاب فيما بعد.. وكانت الخطيئة الأخرى أن مصر سمحت للإرهابيين المدانين فى قضية اغتيال السادات، الذين حصلوا على أحكام صغيرة، بالسفر إلى أفغانستان للمشاركة فى الجهاد المزعوم، وكانت تلك بمثابة دورة تدريبية مدفوعة تلقاها هؤلاء الإرهابيون على القتال والتفجير، ليتحولوا من إرهابيين هواة إلى إرهابيين محترفين.. وقد عاد كثير منهم إلى مصر، ليملأوا الدنيا إرهابًا وقتلًا وتفجيرًا.. وهو ما سنتابع بعضًا منه فى حلقات «القاهرة: كابول».. فتحية لصناع المسلسل ولصناعة الوعى، ولتكن هذه دعوة لإعادة قراءة تاريخنا القريب بعين نقدية فاحصة لا تخاف من النقد، والإشارة إلى موضع الخطأ، فبغير معرفة أخطاء الماضى لن نرسم طريق المستقبل.