رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

احذر الأخطاء التالية.. فن التفكير الواضح  «2-3»

فى كتابه «فن التفكير الواضح»، يسرد الكاتب الألمانى «رولف دولبى» ٥٢ خطأ عليك تجنبها حتى لا تقع فى دائرة التفكير المشوش أو التفكير الخاطئ، وبالتالى تتخذ قرارات تؤدى لنتائج كارثية، أو على الأقل لا تحقق لك ما تصبو إليه. 

ولا يقتصر التفكير الخاطئ على الأفراد، بل يمتد للجماعات والمجتمع، فمن الظواهر التى رصدها «علم النفس الاجتماعى» ما يُعرف بـ«التكاسل الاجتماعى»، أى (ضعف الجهد الفردى فى العمل الجماعى).

كان أول من لاحظ هذه الظاهرة المهندس الفرنسى ماكسيميليان رنجلمان عام ١٩١٣، حيث لاحظ أن قوة حصانين يَجران عربة معًا ليست ضِعف قوة حصانٍ واحدٍ يجر نفس العربة، ثم قام بتجربة على البشر من خلال لعبةِ شدّ الحبل وقاس الجهد الفردى المبذول عند الشد، ومن ناحية أخرى قاس الجهد الجماعى المبذول، بدأت التجربة باختيار اثنين فى كل فريق، وجدوا أن كل فرد فى الفريق يستخدم ٩٥٪ من قوته فى الجهد الذى يبذله. بعد ذلك زادوا ٤ إلى كل فريق، بدأ جهد كل فرد يقل لـ٨٠٪، وهكذا كلما زاد عدد أفراد الفريق قل الجهد، حتى وصلوا إلى ٨ أفراد فى الفريق فصار جهد كل منهم ٥٠٪. 

النتيجة النهائية لهذه التجربة أنه مع زيادة عدد الأفراد فى الفريق يقل المجهود المبذول من كل فرد.

كما قام بدراسةٍ مشابهةٍ على مجموعةٍ من المساجين الذين يقومون بتشغيل ماكينة طحنٍ يدوى، وقد وجد أن ازدياد عدد المساجين- الذين يوفّرون القوّة العضلية اللازمة لإدارة الماكينة- يؤدى إلى اعتماد بعض المساجين على زملائهم لأداء الجزء الخاص بهم من العمل إلى حد أن بعضهم ترك يديه تمسكان بعجلة إدارة الماكينة من غير دفعٍ لها، وآخرين قاموا بترك العجلة تسحبهم بدلًا من أن يدفعوها هم. ولذلك قد تسمى هذه الظاهرة «رانجلمان»، وأطلق عليها علماء النفس الاجتماعى «التكاسل الاجتماعى».

ومن بين التفسيرات التى يُعزى إليها التكاسل الاجتماعى، هو النقص فى درجة الدافعية بين الأفراد وشعور كل فرد بأنه ليس مسئولًا بمفرده عن النتيجة النهائية كلما زاد عدد أفراد الفريق، إذ يعتقد الفرد أن المسئولية مشتركة بين جميع أفراد الفريق الواحد، وأن جهودهم الفردية لن يتم تقديرها ولن يتم التعرف عليها وإبرازها. المفاجئ فى هذه الظاهرة أن الإنجاز يقل لكنه لا يتراجع لدرجة الصفر، لأن الإنجاز الصفرى سيظهر للعيان، وستكون عاقبته الاستبعاد من الجماعة أو تهديد السمعة. فالجميع يتكاسل، ولكن إلى الدرجة التى لا يمكن أن يلاحظها أحد.

وتتضح هذه الظاهرة أكثر فى الشركات الكبرى، كلما كبر حجم الشركة كان من الأسهل على الموظف إخفاء عمله الفردى، حيث يعتمد الموظفون على قيام أشخاص آخرين يقومون بالعمل، مما يؤدى إلى خلق ظاهرة تعرف بتأثير الأبله sucker effect وهو الشخص الذى يقوم بكل العمل، ولأنه لا أحد يرغب فى لعب دور الأبله لفترة طويلة مما سيترتب عليه تهرب الجميع من العمل وانخفاض مستوى أداء الفريق.

و«التكاسل الاجتماعى» هو تصرف عقلانى: لماذا أستثمر كل طاقتى فى الوقت الذى يمكن فيه للأمر أن يتم بنصف طاقة دون أن يَلفِتَ ذلك نظرَ أحد؟ باختصار، إن «التكاسل الاجتماعى» هو شكل من أشكال الخداع، يتم فى أغلب الأحيان دون قصد فالخدعة تتم فى اللا وعى، تماما كما فى حالة الخيول.

هل ذكرك الكلام السابق بواقع نعيشه ومقولة نتصف بها أننا كمصريين لا نجيد العمل الجماعى، وأننا نتميز بالمهارات الفردية، إن السبب ببساطة لأننا لا نبذل كل جهدنا فى العمل الجماعى ونتخفى جميعًا وراء اللا مسئولية. والحل؟ تطبيق ما تفعله اليابان، فقد وجدوا أن المصانع اليابانية مقسمة إلى فِرَق، ويتم تخصيص المهام داخل كل فريق، فيصبح دور كل فرد واضحًا والنتائج يتحملها وحده، بما يجعله يشعر بالمسئولية مع التقييم المستمر لجميع أفراد الفريق وإبعاد غير العامل لمنع نشر السلبية والكسل. وللحديث بقية..