رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تقرير دولي يكشف تداعيات السياسة النقدية أثناء التعافي من جائحة كورونا

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

كشف تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي عن أنه في نهاية فبراير 2020، ضربت أنباء الانتشار العالمي لجائحة كوفيد-19 الأسواق المالية بقوة وعنف، فبعد شهر واحد من اندلاع الجائحة، وصل خوف المستثمرين من المخاطر المحيطة بالعالم إلى حد لم يشاهد منذ ذروة الأزمة المالية العالمية، وبدأت تدفقات رؤوس الأموال في الخروج من الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. 

وكرد فعل، اتخذت اقتصادات الأسواق الناشئة سياسة نقدية معاكسة للتقلبات الاقتصادية الدورية، وذلك في أعقاب ما قامت به البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة من تخفيض معدلات السياسة النقدية قدر الإمكان، وتقديم مجموعة من برامج شراء الأصول(APPs - Asset Purchase Programs) لدعم أسواق الائتمان.

وتشير التوقعات الى تعافي الاقتصادات المتقدمة من أزمةكوفيد-19بوتيرة أسرع من معظم الاقتصادات الناشئة، انعكاساً لأسبقيتها في الحصول على اللقاحات، وقدرتها الأكبر على اتخاذ سياسات داعمة للاقتصاد الكلي. وقد يؤدي التباين في وتيرة التعافي الاقتصادي الى تعقيد مهمة البنوك المركزية في الأسواق الناشئة،وذلك إذا بدأت أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة في الارتفاع بينما لاتزال الظروف في الأسواق الناشئة تستدعي تبنى سياسات نقدية تيسيرية.ومما لا شك فيه أن تقديم إرشادات واضحة من قبل البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة حول السيناريوهات المستقبلية المحتملة للسياسة النقدية سيكون عاملًا أساسيًا لتجنب الاضطرابات المالية في الأسواق الناشئة.وتجدر الإشارة الى انه منذ الإعلان عن العديد من تجارب لقاحات كوفيد-19 الناجحة في أواخر عام 2020، تحسنت التوقعات الاقتصادية العالمية، لكنها لا تزال متباينة إلى حد كبير.

ونظراً لاختلاف سرعة الدول في التعافي من الجائحة، فمن الممكن أن تحتاج العديد من الأسواق الناشئة لتعديل سياستها المالية لفترات زمنيةطويلة.وفي ضوءالقدرة المحدودة المتاحة للسياسة الماليةخاصة بعد الزيادة الحادة في الدين العام في العام الماضي،فإن ذلك من شأنه أن يزيد من دور السياسة النقدية.

وهذا يثير التساؤل حول مدى استقلالية قرارات صانعي السياسات في الأسواق الناشئة في إبقاء أسعار الفائدة الأساسية منخفضة في وقت قد يؤدي فيه تحسن الظروف الاقتصادية إلى دفع البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة إلى البدء في رفعها. إلا أن هناك العديد من المبررات التي تحد من المخاوف بشأن السياسة النقدية في الأسواق الناشئة خلال فترة التعافي الاقتصادي العالمي، وهي:

أولاً: توفر أسعار الصرف المرنة حماية كبيرة من الدورة المالية العالمية ولكنها لا تزال غير كافية.

ثانيًا: إن التزام البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة بالحفاظ على التيسير النقدي حتى يتم التعافي، يقلل من احتمالية حدوث تشديد مبكر في الأوضاع المالية العالمية.

ثالثًا: قد يشير الاتجاه الجريء الذي اتخذته الأسواق الناشئة بشأن تيسير السياسة النقدية خلال جائحة كوفيد-19إلى أن هذه البلدان قد اكتسبت مزيدًا من الاستقلالية في وضع سياساتها بما يتماشى مع الاحتياجات المحليةو ينتقل أثر التغييرات المفاجئة في السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة الى الأوضاع المالية في الأسواق الناشئة من خلال قناة المخاطرة "risk channel"، حيث تؤثر تلك التغييرات المفاجئة على التصورات المتعلقة بالمخاطر وبالتالي على الأوضاع المالية في الأسواق الناشئة.