رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نص خطاب «الخارجية السودانية» إلى مجلس الأمن بشأن السد الإثيوبي

سد النهضة
سد النهضة

نشرت صحيفة «السوداني» السودانية نص خطاب وزيرة الخارجية السودانية، الدكتورة مريم الصادق المهدي، إلى مجلس الأمن حول أزمة سد النهضة الإثيوبي.

وجاءت الرسالة كالتالي:

جمهورية السودان

وزارة الشئون الخارجية

في مستهل الحديث، أرسل خالص التهاني لكم بمناسبة توليكم رئاسة مجلس الأمن لشهر أبريل 2021، وأنا واثقة من قدرتكم على أداء العمل بفاعلية، داخل مجلس الأمن بفضل خبراتكم وقيادتكم الرشيدة.

متابعة لخطاب السودان لمجلس الأمن بتاريخ 2 يونيو 2020، و24 يونيو 2020، أود أن أجدد الدعوة بعد التطورات الجديدة المتعلقة بمفاوضات سد النهضة الإثيوبي، ونظراً لآثاره السالبة على الأوضاع في السودان، والدول المجاورة، إضافة إلى أنه يلقي بظلاله السالبة على الأمن والسلام والاستقرار على المنطقة بأسرها.

إلى سيادتكم:

1 . على الرغم من الآمال الكبيرة المعلقة على اجتماع كنشاسا الذي انعقد في الفترة من 4 إلى 6 أبريل 2021، إلا أنه لم يسفر عن أي تقدم فيما يتعلق بأزمة سد النهضة.

2 . كذلك العملية التي قادها الاتحاد الإفريقي والتي بدأت في يونيو من العام 2020 لم تحرز أي تقدم يذكر، وذلك لانعدام حسن النوايا لاستكشاف الوسائل الفعالة. حيث ظلت إثيوبيا ترفض جميع الخيارات البديلة المقترحة من قبل السودان، لإعطاء الشركاء الدوليين الفرصة للقيام بدور فعال، بما في ذلك الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، لتسهيل المفاوضات والوساطة بين الأطراف الثلاثة، أو تحديد جدول زمني لإنهاء وحل القضايا الفنية والقانونية، والتي لا تزيد على 10% من مجمل الاتفاقية.

3 . الموقف المتشدد من قبل إثيوبيا شكل عائقاً أمام جميع الجهود المبذولة للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم، كذلك أعلنت إثيوبيا مراراً وبشكل رسمي أنها عازمة على البدء في تخزين المياه بغرض الملء الثاني للخزان في يوليو 2021. إن ملء السد بشكل أحادي وقبل الوصول إلى اتفاق ملزم مع دول المصب، حول القوانين التي تحكم عملية الملء، والأخذ في الاعتبار مصالح الدول الثلاث، سيهدد حياة ملايين السودانيين الذين يعيشون بالقرب من السد، ويهدد كذلك عملية تشغيل السدود بالسودان، إلى جانب أنه يعتبر مهدداً للأمن القومي السوداني، وأيضاً يتنافى مع روح التعاون بين دول حوض النيل ويمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية وتتنافى الخطوة مع اتفاق إعلان المبادئ المتفق عليه بين الدول الثلاث في العام 2015.

4 . ظل السودان منذ العام 2011 يشارك في مفاوضات ماراثونية للوصول إلى اتفاقية لملء وتشغيل السد، وشارك السودان بنوايا حسنة في جميع مراحل المفاوضات المتعلقة بالسد، بما في ذلك، تنظيم جولة مفاوضات ثلاثية رئيسية بالخرطوم (2013 – 2015) والتي أسفر عنها اتفاق إعلان المبادئ لسد النهضة. وتم التوقيع على الاتفاق بالخرطوم من قبل رؤساء الدول الثلاث في 23 مارس من العام 2015. فيما بدأت المفاوضات الحالية في العام 2018، ونوفمبر 2019 بمشاركة الولايات المتحدة، والبنك الدولي، كمراقبين، لدعم الدول الثلاث للوصول الى اتفاق شامل حول ملء وتشغيل سد النهضة، وعلى الرغم من التطورات الكبيرة التي تم إحرازها في جميع مراحل عملية التفاوض، حتى فبراير من العام 2020، من المؤسف أن المفاوضات قد توقفت في فبراير 2020، وذلك بسبب ادعاء إثيوبيا لحاجتها لمزيد من الوقت للمشاورات الداخلية، من جانبه، قام رئيس الوزراء السوداني د. عبدالله حمدوك بمبادرة لتفعيل المفاوضات الثلاثية حول القضايا العالقة بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، اعتماداً على مسودة الاتفاق حول الملء الأول للسد، والتي توافقت عليها الدول الثلاث في واشنطن في فبراير من العام 2020، ولكن للأسف، رفض المقترح أيضاً من قبل إثيوبيا.

5 . وسعياً للوصول إلى حل سلمي، وافق السودان على الانخراط في مبادرة الاتحاد الإفريقي، حيث أسفرت مشاورات مجلس الأمن على الموافقة على المقترح الذي تقدم به رئيس جنوب إفريقيا ورئيس دورة الاتحاد الإفريقي سيريل رامافوزا، لاستضافة المفاوضات والتي جاءت تحت شعار “الحل الإفريقي للمشاكل الإفريقية”.

وجاء بيان المجلس داعماً لإنشاء جهود جديدة للوصول إلى اتفاق بين الدول الثلاث، برعاية الاتحاد الإفريقي، فيما يتم عرض مخرجات هذه العملية على مجلس الأمن، وظل السودان يشارك في المفاوضات بحسن نوايا طيلة عام، ولكن التعنت الإثيوبي والموقف الذي اتخذه بالتهرب والاعتراض أدى إلى تعثر وفشل هذه المفاوضات.

6 . ومع ذلك، يؤكد السودان حرصه ورغبته في الوصول إلى اتفاق نهائي ملزم يراعي مصالح الدول الثلاث دون الإضرار بمصالحه القومية، وافق السودان وشارك في اجتماعات كنشاسا، بجمهورية الكونغو الديمقراطية، برعاية الاتحاد الإفريقي في الفترة من 3- 6 أبريل 2021، والتي تعرضت أيضاً للفشل، الأمر الذي يدعم رؤية السودان بشأن ضرورة توسيع مظلة المفاوضات، للتوسط، وتسهيل التفاوض، لتشمل دول ومؤسسات أخرى، لتشارك بفاعلية لإزالة التوترات بين الأطراف الثلاثة، وتضع المفاوضات في سياق صحيح، مثمر. 

وشدد السودان على أن الدول الثلاث في حاجة ماسة للوصول إلى اتفاق شامل قبل أن تبدأ إثيوبيا في الملء الثاني الكارثي للسد في يوليو 2021.

7 . ونؤكد على أن سد النهضة سيغير بشكل كامل النظام المائي للنيل الأزرق، وتسطيح طبيعته المائية، ونظراً للحجم الكبير، فإن السد سيكون له تأثير سالب كبير على السودان، إذا لم يتم تصميمه وتشييده وملؤه وتشغيله بالشكل المطلوب. ويتفاوت التأثير بين تهديد حياة أكثر من 20 مليون مواطن سوداني يعيشون بالقرب من السد بشكل مباشر، وتهديد سلامة تشغيل سدود السودان، وكذلك سلامة توزيع المياه بما في ذلك النظام الزراعي والفيضانات، بالإضافة إلى التأثير الاجتماعي والبيئي بطرق مختلفة على طول النيل الأزرق، وحوض النيل الرئيسي في الحدود مع مصر.

8 . قدم السودان مؤخراً مبادرة لتوسيع منصة التفاوض، لتشمل الاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، والولايات المتحدة، كوسطاء لتحفيز التفاوض، ودفع عملية التفاوض إلى الأمام، بمشاركتهم الإيجابية، والفاعلة، لإزالة التوترات بين الأطراف الثلاثة، ووضع المفاوضات في إطارها المثمر والبناء.

9 . ولكل ما ذكر سابقاً، ولإزالة التوترات التي قد تتطور إلى تداعيات خطيرة ومؤسفة بالمنطقة، يرغب السودان في أن يطلب من مجلس الأمن القيام بالآتي:

(أ) الوضع في الاعتبار أن المفاوضات المتوقفة وفشلها والتي كانت برعاية الاتحاد الإفريقي، وعلى ضوء إعلان إثيوبيا عزمها على الملء الثاني للسد في يوليو 2021، دون الوصول إلى اتفاق بين الأطراف، سيؤدي ذلك بالتأكيد إلى تعميق الأزمة، وفقدان الفرص للوصول إلى حلول ودية، وذلك سيكون تدخلاً فاعلاً لإزالة الجمود وفتح الفرص والأفق أمام الحلول الودية.

(ب) حث الأطراف على عدم اتخاذ إجراءات فردية، بما في ذلك الملء الثاني للسد دون الوصول إلى اتفاق، أو أي إجراءات أخرى تعرض أمن وسلامة المنطقة للخطر.

(ج) دعم جهود جمهورية السودان الداعية إلى عملية وساطة، والتي تشجعها جمهورية مصر العربية، للتفاوض حول اتفاق على ملء وتشغيل السد، والاستئناف الفوري للمفاوضات بحسن نية لحل القضايا العالقة والوصول إلى اتفاق شامل في أقرب وقت ممكن.